بينما يتواصل وقف إطلاق النار في قطاع غزة، الذي منح سكان القطاع الذين عانوا الأهوال على مدى 15 شهرًا، هدنة من جحيم صبه جيش الاحتلال الإسرائيلي، عادت الاتهامات إلى إدارة الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن بالمشاركة في الإبادة الإسرائيلية، لا سيما وأن مدة الحرب كاملة كانت في فترة ولايته.
وبدأ سريان اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة وصفقة تبادل المحتجزين والأسرى، في الحادية عشرة صباح الأحد الماضي، إذ تمتد المرحلة الأولى منه لمدة 42 يومًا، تضمنت تسليم حماس لثلاث محتجزات إسرائيليات، مقابل إفراج الاحتلال عن 90 أسيرًا فلسطينيًا.
ودخلت مئات الشاحنات المحملة بالمساعدات المصرية إلى غزة، تحمل تجهيزات طبية مخصصة للمستشفيات والوقود الضروري لتشغيل المولدات الكهربائية ومحطات المياه التي يعتمد عليها القطاع، في ظل أزمة حادة بالكهرباء والمياه.
وأعلنت دول الوساطة مصر وقطر والولايات المتحدة الأمريكية، الأربعاء الماضي، موافقة إسرائيل وحماس، على اتفاق بوقف إطلاق النار في غزة، وصفقة تبادل محتجزين في القطاع بأسرى في سجون الاحتلال.
دعم عسكري مباشر
وتعددت أشكال الدعم التي قدمتها إدارة بايدن للاحتلال الإسرائيلي خلال فترة الحرب، كان أبرزها الدعم المباشر بالأسلحة، إذ قدمت أكثر من 22 مليار دولار كمساعدات لجيش الاحتلال الإسرائيلي بعد 7 أكتوبر 2023.
ووفقًا لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، قدمت إدارة بايدن 69% من أسلحة إسرائيل، وهو الرقم الذي ارتفع إلى 78% أثناء الإبادة الجماعية في غزة.
وفي عام 2024، أبرمت الولايات المتحدة 100 صفقة أسلحة مع إسرائيل، مما أدى إلى إعادة أموال المساعدات العسكرية إلى صناعة الأسلحة.
أما على المستوى السياسي، استخدمت إدارة بايدن حق النقض ضد 51 قرارًا لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بينها 6 قرارات تدعو إلى وقف إطلاق النار في غزة، ما وفَّر غطاءً سياسيًا لممارسات إسرائيل في المنطقة.
انتهاك حقوق الإنسان
ورغم تعهده بجعل حقوق الإنسان حجر الزاوية في سياسته الخارجية، عرقل بايدن أنشطة تعنى بحقوق الإنسان في قطاع غزة، لمنظمات دولية مثل الأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية ووكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).
وواجهت إدارة بايدن انتقادات شديدة من المعنيين بحقوق الإنسان لدعمها وإسهامها في العدوان على غزة، طوال فترة الحرب والتي أسفرت عن استشهاد أكثر من 47 ألف فلسطيني.
وانتهكت إدارة بايدن قوانين أساسية خلال فترة رئاسته، فبينما أيَّد بايدن قرارات المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية في قضايا ضد روسيا وقدَّم المساعدة لهذه المحاكم، إلا أنه لم يتبن نفس الموقف تجاه إسرائيل، ووصف الإبادة الجماعية بأنها "معلومات غير مؤكدة"، عبر تصريحات متكررة على لسان مسؤولين في الإدارة.
وعلى الرغم من تعهده بالحفاظ على القيم الأمريكية منذ أول يوم له في كرئيس، انتهك بايدن علنًا الأعراف والقوانين الدولية، فضلاً عن القوانين الأمريكية، خلال فترة ولايته.
ويمنع القانون، الذي تم تدوينه بموجب "قانون الولايات المتحدة 10 362"، وزارة الدفاع من تقديم التدريب أو المعدات أو المساعدة وحدات قوات أجنبية في حال توافرت معلومات موثوقة تشير لتورطها في ارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، ومع ذلك، واصل بايدن دعم جيش الاحتلال.
قمع الاحتجاجات
وعلى الرغم من أسابيع من الاحتجاجات من قبل الأمريكيين الذين أدانوا موقف واشنطن المؤيد لإسرائيل، لم يغيّر بايدن موقفه واستمر في شحن الأسلحة والمساعدات المالية لجيش الاحتلال.
وقوبلت الاحتجاجات التي بدأت في جامعة كولومبيا وانتشرت إلى أكثر من 50 جامعة في جميع أنحاء البلاد بردود فعل قاسية من قبل الشرطة الأمريكية، حيث تم اعتقال أكثر من 3100 طالب وعضو هيئة تدريس خلال المظاهرات ضد تصرفات إسرائيل في غزة.
وبالرغم من القانون الذي ينص على أنه "لا يجوز تقديم أي مساعدة لأي دولة تعرقل أو تقيد نقل أو تسليم المساعدات الإنسانية الأمريكية بمجرد إخطار الرئيس بمثل هذه الأنشطة"، واصل بايدن مساعدة إسرائيل، التي مارست عرقلة دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة.
وفي أعقاب 7 أكتوبر، أصبحت "أونروا"، التي تدعم اللاجئين الفلسطينيين منذ عام 1950، هدفًا متكررًا لهجمات جيش الاحتلال.
حملة "التخلي عن بايدن"
وواجه بايدن المزيد من ردود الفعل العنيفة من الناخبين والناشطين الذين سعوا إلى محاسبته على سجله في مجال حقوق الإنسان، وظهرت حملة "التخلي عن بايدن"، وحثته على الانسحاب من السباق الرئاسي، وهو ما حدث بالفعل في يوليو من العام الماضي، لتخلفه نائبته كامالا هاريس التي خسرت أمام المنافس الجمهوري دونالد ترامب (الرئيس السابع والأربعين).
وأعربت الحركة، التي تم تنظيمها في عدة ولايات أمريكية مثل مينيسوتا وميشيجان وبنسلفانيا وأريزونا وويسكونسن، عن معارضتها من خلال الاحتجاجات وحملات التصويت.