الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

رحلة الساعات الأخيرة.. بايدن من "القفص المذهب" إلى كاليفورنيا

  • مشاركة :
post-title
جو بايدن

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

أُسدل الستار على أربع سنوات من رئاسة جو بايدن للولايات المتحدة الأمريكية في مشهد درامي حافل بالتناقضات والمفارقات، ففي صباح شتوي مشمس، وثقت صحيفة واشنطن بوست تفاصيل الساعات الأخيرة للرئيس السادس والأربعين في البيت الأبيض، في يوم شهد مزيجًا فريدًا من التقاليد الرئاسية العريقة والتوترات السياسية العميقة.

رحلة اليوم الأخير

بدأت الساعات الأخيرة لبايدن في البيت الأبيض بلحظة عائلية عفوية، إذ وقف مع زوجته جيل في الممر المؤدي إلى حديقة الورود المغطاة بالثلج لالتقاط صورة سيلفي أخيرة.

"سيلفي أخيرة على الطريق، نحبك يا أمريكا،" كتب بايدن على وسائل التواصل الاجتماعي في لحظة وداع مؤثرة.

أخر سيلفي جو بايدن مع زوجته في الممر المؤدي إلى حديقة الورود

لم تمضِ ساعات طويلة حتى بدأت الأحداث تتسارع في البيت الأبيض، ففي السابعة صباحًا، أصدر بايدن عفوًا رئاسيًا عن المحققين في أحداث اقتحام الكابيتول، ثم في العاشرة صباحًا، كان يستقبل منافسه السياسي دونالد ترامب بحفاوة بالغة.

وكشفت واشنطن بوست عن تفاصيل هذا اللقاء المثير للجدل، إذ صاح بايدن مرحبًا بترامب: "مرحبًا بك في منزلك!"، في مشهد بدا متناقضًا بشكل صارخ مع تصريحاته قبل أشهر قليلة، حين وصف ترامب بأنه يمثل "تطرفًا يهدد أسس جمهوريتنا".

استقبال جو بايدن وزجته جيل لدونالد ترامب وزوجته ميلانيا
القرارات الأخيرة ولحظات الوداع

في الدقائق العشرين الأخيرة من رئاسته، اتخذ بايدن سلسلة من القرارات المصيرية التي عكست مخاوفه العميقة من المرحلة المقبلة، إذ أصدر عفوًا رئاسيًا شاملًا عن جميع أشقائه وأزواجهم، في خطوة غير مسبوقة برّرها في بيان أخير قائلًا: "تعرضت عائلتي لهجمات وتهديدات لا تنتهي، دافعها الوحيد إيذائي، في أسوأ أنواع السياسة الحزبية."

وأضاف في بيانه الأخير من البيت الأبيض: "للأسف، ليس لدي سبب للاعتقاد بأن هذه الهجمات ستتوقف".

عفو بايدن عن جميع أشقائه وأزواجهم

وفي الغرفة الزرقاء بالبيت الأبيض، تجلت المفارقات السياسية في أوضح صورها، إذ جمع اللقاء التقليدي بين العائلتين لحظات من الدفء الظاهري والتوتر الخفي.

تبادل الزوجان المصافحات والابتسامات، وأمسك ترامب بذراع جيل بايدن في عناق دافئ، قبل أن يقفوا جميعًا أمام عدسات المصورين.

وفي لحظة لافتة، رفع ترامب كفيه في إيماءة تعجب، قبل أن يتبادل كلمات قصيرة مع بايدن، في مشهد عكس تعقيدات العلاقة بين الرئيسين.

محطة الوداع الأخيرة

غادر بايدن وزوجته البيت الأبيض ممسكين بيد بعضهما البعض، في حين وقف ترامب والسيدة الأولى الجديدة لتوديعهما.

وفي لحظة مؤثرة، جاءت نائبة الرئيس السابقة كامالا هاريس، التي بدت أقل تفاؤلًا في ردها على سؤال عن مشاعرها قائلة: "هذه هي الديمقراطية في العمل"، لتعانق بايدن قبل صعوده إلى المروحية العسكرية المتجهة إلى قاعدة أندروز الجوية.

وفي قاعدة أندروز، حيث هبط مرارًا وتكرارًا خلال سنوات رئاسته في رحلات رسمية ومهام دبلوماسية، وحيث استقبل في إحدى المرات مجموعة من المحتجزين المحررين من روسيا في واحدة من أبرز لحظات رئاسته، ألقى بايدن خطابه الأخير.

وسط جمع من مؤيديه الذين ارتدى بعضهم قمصانًا وقبعات تحمل اسمه، حث بايدن الحاضرين على مواصلة النضال السياسي، قائلًا: "آمل أن تنظروا إلى هذه السنوات بنفس الفخر الذي أشعر به... نحن نغادر المنصب، لكننا لا نغادر المعركة."

وفي قرار فاجأ المراقبين، اختار بايدن قضاء ساعاته الأولى كرئيس سابق في سانتا ينيز بكاليفورنيا، المكان نفسه الذي لجأ إليه خلال المؤتمر الوطني الديمقراطي.

الرحلة الأخيرة

وعلى عكس أسلافه الذين يعودون إلى مكان الميلاد، مثل جورج دبليو بوش الذي عاد إلى ميدلاند في تكساس، حيث استقبله 20 ألف شخص، أو رونالد ريجان الذي اصطحب معه 14 صحفيًا لتوثيق عودته إلى كاليفورنيا، فضل بايدن الابتعاد عن الأضواء في رحلته الأخيرة.

وأشارت واشنطن بوست إلى أن الابتعاد عن "القفص المذهب"، كما وصف بايدن البيت الأبيض في بداية رئاسته، قد يكون مصدر راحة له، إذ إن الرجل الذي أمضى خمسين عامًا في الحياة العامة، والذي دخل مجلس الشيوخ كأحد أصغر أعضائه في عام 1973، يغادر الآن منصبه كأكبر رئيس في تاريخ الولايات المتحدة في عمر 82 عامًا، تاركًا المجال لترامب (78 عامًا) ليصبح أول رئيس في التاريخ الأمريكي المعاصر يعود إلى البيت الأبيض بعد فترة انقطاع.

لكن هذا الانفصال لن يدوم طويلًا، فقد كشفت الصحيفة أن ترامب يخطط للسفر إلى لوس أنجلوس يوم الجمعة لتفقد أضرار حرائق الغابات المدمرة الأخيرة، على مقربة من المكان الذي يقضي فيه بايدن إجازته، في مشهد أخير يلخص تشابك المصائر السياسية في الولايات المتحدة.