في لحظات مشحونة بالتوتر والانتظار قبل ساعات من دخول اتفاق وقف إطلاق النار بين دولة الاحتلال وحركة حماس الفلسطينية، اجتمع وزراء دولة الاحتلال الإسرائيلي في جلسة حكومية استثنائية امتدت لساعات طويلة، لمناقشة واحدة من أكثر القضايا تعقيدًا في سياسة دولة الاحتلال.
صفقة تبادل الأسرى مع حماس أثارت موجة من الانتقادات والجدل داخل الأوساط السياسية والشعبية في دولة الاحتلال، وفق تقرير نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية.
موافقة مشروطة
بعد أكثر من 7 ساعات من النقاشات الحادة، صوّت 24 وزيرًا إسرائيليًا لصالح صفقة تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار، بينما عارضها 8 آخرون، وبحسب مصادر مطلعة، كانت الجلسة واحدة من أكثر الاجتماعات الحكومية تعقيدًا وحزنًا في تاريخ الحكومة الإسرائيلية.
حسب "يديعوت أحرونوت"، فقد جاءت الموافقة على الصفقة بعد سلسلة من الاجتماعات الأمنية والسياسية التي استمرت من ساعات الصباح حتى منتصف الليل، حيث ناقش الوزراء جميع السيناريوهات المحتملة للصفقة التي تضمنت إطلاق سراح 33 محتجزًا إسرائيليًا مقابل 95 أسيرًا فلسطينيًا في المرحلة الأولى، إذ أبدى الوزراء المعارضون تحفظاتهم الواضحة، مشيرين إلى مخاطر الصفقة، في حين اعتبر المؤيدون أنها ضرورة إنسانية.
أبعاد أمنية للصفقة
شارك في الجلسة شخصيات أمنية بارزة مثل رئيس الموساد دافيد برنيع، ورئيس الشاباك رونان بار، إضافة إلى مسؤولين عسكريين مثل رئيس الأركان، هرتسي هاليفي، وقدّموا تقارير شاملة حول الأبعاد الأمنية والمخاطر المحتملة للصفقة، مؤكدين في الوقت ذاته أن الصفقة تمثل فرصة نادرة لاستعادة المحتجزين.
من جانبه، حذّر رئيس الشاباك من أن وقف إطلاق النار قد يمنح حماس فرصة لإعادة بناء بنيتها التحتية، لكنه أشار إلى أن إسرائيل تحتفظ بأوراق ضغط كافية لضمان تنفيذ الاتفاق، وأكد رئيس الأركان أن جيش الاحتلال الإسرائيلي مستعد للعودة إلى القتال إذا دعت الحاجة.
انقسام سياسي
شهدت الجلسة معارضة قوية من وزراء حزب "الصهيونية الدينية" وحزب "عوتسما يهوديت"، الذين أبدوا مخاوفهم بشأن إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين وما قد يمثله ذلك من خطر أمني مستقبلي، في المقابل، أيد وزراء من أحزاب أخرى الصفقة، معتبرين أن استعادة المحتجزين تظل أولوية قصوى.
وزير الأمن الوطني المتطرف، إيتمار بن جفير، كان من أبرز المعارضين للصفقة، حيث أعلن نيته الاستقالة من الحكومة حال تنفيذها، لكنه أشار إلى أنه سيعود بمجرد استئناف القتال في غزة، في المقابل، ذكر وزير المالية المتطرف، بتسلئيل سموتريتش، أنه رغم معارضته للصفقة، فإنه سيبقى في الحكومة نظرًا لحجم المسؤوليات الوطنية.
تفاصيل الصفقة
تتضمن المرحلة الأولى من الصفقة إطلاق سراح 33 محتجزًا إسرائيليًا خلال 42 يومًا، على أن يتم الإفراج عن ثلاثة محتجزين في اليوم الأول، يليه إطلاق سراح مجموعة أخرى بشكل أسبوعي.
في المقابل، ستطلق إسرائيل نحو 2000 أسير فلسطيني، بينهم مئات السجناء الذين يقضون أحكامًا طويلة الأمد.
وأثار الإعلان عن الصفقة ردود فعل متباينة في الشارع الإسرائيلي، بينما رحّب أهالي المحتجزين بالقرار باعتباره بارقة أمل طال انتظارها، أعرب آخرون عن قلقهم من تأثير إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين على الأمن القومي.
وأكد الوزراء المتدينون الذين شاركوا في الجلسة دعمهم للصفقة استنادًا إلى قيم دينية يهودية تحث على تخليص الأسرى، وكتب وزير الداخلية، موشيه أربيل: "ليس هناك أعظم من إنقاذ الأرواح (اليهود)"، كما أشار وزراء آخرون إلى أهمية تحقيق التوازن بين الاعتبارات الأمنية والإنسانية.
ضمانات دولية
لعبت الضمانات الدولية دورًا رئيسيًا في تمرير الصفقة، وأكد رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو خلال الجلسة أن الولايات المتحدة، بقيادة الرئيس جو بايدن، قدمت دعمًا كاملًا لإسرائيل لتنفيذ الصفقة، كما أشار إلى أن إسرائيل احتفظت بأدوات ضغط إضافية لاستئناف القتال حال انتهاك حماس للاتفاق.
رغم التفاؤل النسبي بتنفيذ الصفقة، حذر قادة الأجهزة الأمنية الإسرائيلية مما وصفوه بـ"تصاعد النشاط الإرهابي في الضفة الغربية خلال الفترة المقبلة"، وأكدوا أن ذلك سيتطلب تكثيف العمليات الأمنية للحفاظ على الاستقرار.