قال تقرير لصحيفة "ذا تليجراف" إن مليونيرًا واحدًا غادر بريطانيا كل 45 دقيقة خلال العام الذي تولى فيه حزب العمال السلطة، وتشير الأرقام إلى أن المملكة المتحدة خسرت 10.800 مليونير انتقلوا إلى بلدان أجنبية العام الماضي، وهو أكثر من ضعف العدد في عام 2023، وفقًا لبيانات حديثة.
يأتي ذلك في الوقت الذي تخطط فيه حكومة حزب العمال لإلغاء قوانين الضرائب التي يعود تاريخها إلى قرون مضت، التي تسمح للمستثمرين الأجانب بالإقامة في بريطانيا مع حماية الثروات الخارجية من الضرائب المحلية.
ونقل التقرير عن جيسون هولاندز، المدير الإداري لشركة الاستشارات المالية "إيفلين بارتنرز"، إن الحملة جعلت بريطانيا تبدو "معادية للأثرياء".
وارتفع عدد الأفراد ذوي الثروات العالية -الذين تبلغ أصولهم السائلة أكثر من مليون دولار- ممن يغادرون البلاد بنسبة 157% في عام 2024، وفقًا للأرقام التي جمعتها مؤسسة التحليلات المالية New World Wealth.
وأظهرت الدراسة أن أكثر من 10 آلاف مليونير غادروا أراضي المملكة المتحدة العام الماضي، وهو ما يمثل ارتفاعًا كبيرًا مقارنة بأرقام العام السابق التي بلغت 4300 فقط.
وقد حدث ذلك في العام الذي دعا فيه ريشي سوناك (رئيس الوزراء السابق) إلى إجراء انتخابات مبكرة شهدت وصول حزب العمال إلى السلطة بفوز ساحق.
الأكثر هروبًا
باستثناء الصين، لم تشهد أي دولة أخرى هروبًا لرأس المال أكبر من المملكة المتحدة في الفترة من يناير إلى ديسمبر 2024، وفقًا للبيانات.
وكانت إيطاليا، التي كشفت عن معدل ضريبي ثابت جذاب للأجانب في عام 2017، واحدة من الوجهات الأكثر شعبية للمغادرين من بريطانيا، إلى جانب سويسرا والإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة وسنغافورة.
وأشارت الدراسة إلى أن 78 من أصحاب الملايين لديهم أصول تبلغ قيمتها 100 مليون دولار، و12 مليارديرًا غادروا البلاد في العام الماضي.
ومن بين الشخصيات البارزة ذات الثروات العالية التي أعلنت رحيلها من بريطانيا أخيرًا مؤسس شركة Pimlico Plumbers، تشارلي مولينز، ورجل الأعمال الألماني في مجال التكنولوجيا كريستيان أنجرماير، الذي غادر بريطانيا العام الماضي إلى سويسرا.
وتخطط حكومة حزب العمال لتقليص القواعد الضريبية التي تسمح للأفراد الأثرياء بالإقامة في المملكة المتحدة، دون أن يكونوا مسؤولين عن الضرائب على الدخل والمكاسب المكتسبة في الخارج.
وتُظهر الأرقام التي نشرتها هيئة الإيرادات والجمارك البريطانية (HMRC) لعام 2023، أن هناك 74 ألف شخص غير مقيم في المملكة المتحدة، منهم 37.800 يعيشون في المملكة المتحدة لمدة سبع سنوات على الأقل، ويدفعون رسومًا سنوية قدرها 30 ألف جنيه إسترليني، لحماية الثروات في الخارج من الضرائب المحلية.
خسارة تراكمية
في أبريل المقبل، سيدخل النظام الجديد، الذي صممه في الأصل وزير الخزانة السابق جيريمي هانت -وتحتفظ به حكومة حزب العمال- حيز التنفيذ.
ولا يمنح النظام الجديد الأجانب الجدد القادمين إلى بريطانيا سوى أربع سنوات لا تخضع فيها ثرواتهم الأجنبية للضرائب المحلية. وبعد انقضاء هذه الفترة، سوف يُطلب منهم دفع الضريبة نفسها التي يدفعها دافعو الضرائب البريطانيون العاديون.
وسوف يتم منح غير المقيمين الحاليين فترة انتقالية مدتها عامان لتطبيق النظام الجديد، كما ستواجه المكاسب الأجنبية خطر فرض ضريبة الميراث؛ حسب الصحيفة.
ومن المتوقع أن تولّد هذه الحملة الضريبية، التي تقودها وزيرة الخزانة الحالية راشيل ريفز، 2.5 مليار جنيه إسترليني سنويًا على مدى السنوات الخمس المقبلة، وفقًا للأرقام الصادرة عن مكتب مسؤولية الميزانية.
وزعم بحث أجراه معهد "آدم سميث"، في أكتوبر الماضي، أن الخطط الرامية إلى إلغاء ضريبة الأجانب من شأنها أن تؤدي إلى تدمير 23 ألف وظيفة خلال السنوات الست المقبلة بسبب فقدان الاستثمار والاستهلاك.
ومن المتوقع أن يكلف هذا الاقتصاد البريطاني 600 مليون جنيه إسترليني سنويًا في شكل خسارة في الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2030 و1.3 مليار جنيه إسترليني سنويا بحلول عام 2035.
هكذا، تصبح هناك خسارة تراكمية قدرها 6.52 مليار جنيه إسترليني على مدى العقد المقبل.