بعد تحقيق رقم قياسي في تحصيل الضرائب في أكتوبر الماضي، تتطلع وزيرة الخزانة البريطانية راشيل ريفز إلى دافعي الضرائب في المملكة المتحدة مرة أخرى. رغم أنها وصفت زيادات الضرائب البالغة 41.5 مليار جنيه إسترليني في ميزانيتها الأولى بأنها "تدخل طارئ مرة واحدة في البرلمان" للمساعدة في سد "ثقب أسود" بقيمة 22 مليار جنيه إسترليني في المالية العامة.
وفي أعقاب الإعلان، وعدت ريفز قادة الأعمال بأنها "لن تعود بمزيد من الاقتراض أو المزيد من الضرائب". لكن مجلس الوزراء رفض تكرار هذا الوعد، وحذر الخبراء من أن المزيد من الزيادات الضريبية "مرجحة للغاية" في البيان الحكومي المنتظر في 26 مارس المقبل.
وفي تقرير مطوّل، استعرضت صحيفة "التليجراف" البريطانية" ما وصفته بأنه "الضرائب الخمس الأكثر إغراءً في مرمى الوزيرة".
ضريبة الدخل
عادة ترتفع عتبات ضريبة الدخل في بريطانيا بما يتماشى مع التضخم، ولكن تم تجميدها من قبل الحكومة المحافظة السابقة في أبريل 2022.
وبينما من المقرر أن يظل التجميد ساريًا حتى عام 2028، لكن ريفز قد تخفف الضغوط على المالية العامة من خلال تمديده. ومع ذلك، قال سانجاي راجا، كبير خبراء الاقتصاد في دويتشه بنك في المملكة المتحدة، إن تمديد تجميد عتبات ضريبة الدخل من المرجح أن يكون في بيان الربيع المقبل.
وقال لـ "التليجراف" إنه من المرجح أن تتجنب الوزيرة الزيادات الضريبية "المباشرة" مثل زيادة ضريبة الدخل؛ ولكن مثل هذا التغيير قد يكون مطروحًا على الطاولة إذا سقطت البلاد في حالة ركود، أو إذا فشلت زيادات الضرائب التي أعلنت عنها ريفز في وقت سابق في تحقيق الإيرادات المتوقعة.
التأمين الوطني
إلى جانب ضريبة الدخل وضريبة القيمة المضافة، يعد التأمين الوطني أحد الضرائب "الثلاث الكبرى" التي تمثل حوالي ثلثي الإيرادات الضريبية للحكومة البريطانية.
وعندما أعلن جيريمي هانت، وزير المالية السابق، عن خفض مساهمات التأمين الوطني للموظفين بنسبة 2% في ميزانية الربيع العام الماضي، أدى ذلك إلى خفض المعدل الرئيسي لمساهمات التأمين الوطني للموظفين من 10% إلى 8%. وجاء ذلك بعد خفض سابق بنسبة 2% في يناير 2024.
لذلك، عكس تخفيضات هانت هو "المجال الأكثر وضوحًا" الذي ستنظر إليه ريفز كأسرع طريقة لجمع الأموال في أبريل المقبل.
"وبينما تضخ الحكومة الكثير من الأموال في أجور القطاع العام، وهذا من شأنه أن يؤدي إلى ارتفاع التضخم. من الممكن مواجهة التأثير التضخمي لزيادات أجور القطاع العام من خلال خفض الرواتب من خلال زيادة التأمين الوطني.
إلغاء الادخار
حسابات الادخار مدى الحياة هي التي تمنح المدخرين مبلغًا معفيًا من الضرائب لإنفاقه إما على شراء منزلهم الأول أو أثناء التقاعد، مع مساهمة الحكومة البريطانية في المبلغ.
ويمكن لمن تتراوح أعمارهم بين 18 و39 عامًا دفع ما يصل إلى 4000 جنيه إسترليني سنويًا في الحساب الخاص بهم، مع إضافة الحكومة 25% من المكافأة.
وأي شخص يزيد من مكافأته إلى الحد الأقصى من الممكن أن يربح 33000 جنيه إسترليني على مدار 30 عامًا، بالإضافة إلى الفائدة.
وأثبتت هذه البرامج الادخارية شعبيتها، حيث تم الاحتفاظ بنحو 4.3 مليار جنيه إسترليني من المدخرات في أكثر من مليون حساب.
مع هذا، يبدو أن عين حكومة العمال ووزيرة خزانتهم ريفز على هذه الحسابات؛ حيث أطلقت لجنة الخزانة مراجعة لتحديد ما إذا كانت مناسبة للغرض منها.
المعاشات التقاعدية
يسمح الإعفاء الضريبي على المعاش التقاعدي للأفراد باسترداد الضريبة على مساهماتهم. ويحصل دافعو الضرائب الإنجليز بمعدل أساسي على إعفاء بنسبة 20% تلقائيًا. كما يمكن لدافعي الضرائب بمعدلات أعلى وإضافية المطالبة بما يصل إلى 40% أو 45% على التوالي.
ووفق "التليجراف"، من المعروف أن تخفيف ضريبة المعاشات التقاعدية هو أحد المجالات التي تفكر بها ريفز، فضلاً من أجل زيادة الإيرادات.
في عام 2016، كتبت وزيرة الخزانة الحالية في مقال أن معدلًا ثابتًا من الإعفاء الضريبي على المعاشات التقاعدية بنسبة 33٪ سيكون "دفعة مرحب بها لدافعي الضرائب الأساسيين وخفضًا في دعم الادخار لأصحاب الدخول المرتفعة".
وقد تعلن الحكومة عن مشاورات بشأن تخفيف ضريبة المعاشات التقاعدية، بهدف تقديم معدل ثابت في وقت لاحق.
مكاسب رأس المال
في ميزانيتها الأولى، قامت راشيل ريفز بزيادة معدلات ضريبة مكاسب رأس المال. حيث ارتفعت المعدلات من 10% إلى 18% بالنسبة لدافعي الضرائب الذين يدفعون الضرائب بمعدلات أساسية، ومن 20% إلى 24% بالنسبة لدافعي الضرائب الذين يدفعون الضرائب بمعدلات أعلى.
وبحسب خبراء، فإن ريفز لم تعد لديها خيارات "ففي حين يعتقد أن معدل الضريبة الجديد المرتفع البالغ 24% على مكاسب رأس المال "سيبقى"، فإن زيادة ضريبة القيمة المضافة ستكون "خيارًا واضحًا" على الرغم من تعهد حزب العمال في بيانه الانتخابي بعدم المساس بالضريبة.
ونقل التقرير عن متحدث باسم الحكومة: "لا ينبغي لأحد أن يشك في أن الالتزام بالقواعد المالية أمر غير قابل للتفاوض وأن الحكومة ستتمتع بقبضة حديدية على المالية العامة".
وأضاف: "إن ديون المملكة المتحدة هي ثاني أدنى مستوى بين دول مجموعة السبع، وتوقعات مكتب مسؤولية الموازنة وحدها هي التي يمكنها التنبؤ بدقة بمدى الحيز المتاح للحكومة، وأي شيء آخر هو مجرد تكهنات".
وأكد المتحدث أن "تحفيز النمو الاقتصادي هو المهمة الأولى للحكومة في تنفيذ خطتنا للتغيير. وعلى مدار الأسابيع والأشهر المقبلة، لن تدخر المستشارة جهدًا في إصرارها على تحقيق النمو الاقتصادي والنضال من أجل العمال".