وسعت المفوضية الأوروبية نطاق تحقيقاتها في ممارسات منصة "إكس" المملوكة للملياردير الأمريكي إيلون ماسك، وسط مخاوف متزايدة من تدخلاته السياسية في الشؤون الأوروبية، خاصة دعمه للتيارات اليمينية المتطرفة في كل من ألمانيا وبريطانيا.
وبحسب صحيفة "بوليتيكو" الأمريكية، تأتي هذه التحقيقات الموسعة في توقيت حساس، يسبق تولي الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب مهام منصبه، في ظل تعيين ماسك في منصب رفيع بإدارته المرتقبة.
تدخلات تثير قلق بروكسل
وتتمحور المخاوف الأوروبية حول سلسلة من التدخلات السياسية للملياردير الأمريكي، وأبرزها مشاركته في بثٍّ مباشر مثير للجدل مع أليس فايدل، زعيمة حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني المتطرف، في التاسع من يناير.
وأشارت التقارير التي كشفت عنها "بوليتيكو" إلى أن المفوضية الأوروبية تدرس بعناية ما إذا كانت خوارزميات "إكس" منحت هذا البث المباشر دفعة غير عادلة في الانتشار، ما قد يؤثر بشكل مباشر على نزاهة الانتخابات الألمانية المقررة في الثالث والعشرين من فبراير، في حين تعد هذه القضية محورية في سياق الجهود الأوروبية لحماية العملية الديمقراطية من التدخلات الخارجية والتلاعب الرقمي.
تحقيقات موسعة وإجراءات صارمة
وأفصحت المفوضية الأوروبية عن مجموعة شاملة من الإجراءات الرقابية الجديدة، وطالبت منصة "إكس" بتقديم توضيحات مفصلة حول كل التعديلات التي أجرتها على أنظمة عرض المحتوى، سواء السابقة أو المستقبلية.
وأوضحت "بوليتيكو" أن المفوضية حددت موعدًا نهائيًا في الخامس عشر من فبراير لتقديم المعلومات المتعلقة بالتعديلات السابقة، كما ألزمت الشركة بالاحتفاظ بسجلات كاملة لأي تغييرات مستقبلية حتى نهاية العام الجاري أو حتى اختتام التحقيقات.
وفي خطوة غير مسبوقة، طلبت المفوضية الوصول المباشر إلى واجهات برمجة التطبيقات الخاصة بالمنصة، لفهم الآليات التي تتحكم في انتشار المحتوى وزيادة شعبية الحسابات.
مخالفات سابقة
وأعقبت التحقيقات الموسعة نتائج أولية أصدرتها المفوضية الأوروبية في يوليو الماضي، أشارت إلى مخالفات جسيمة من قبل "إكس" لقانون الخدمات الرقمية الأوروبي.
وتتضمن هذه المخالفات، وفقًا لـ"بوليتيكو"، تضليل المستخدمين من خلال برنامج التحقق من الحسابات، وعدم الشفافية في الممارسات الإعلانية، والقيود المفروضة على الوصول إلى البيانات.
وتواجه الشركة احتمال فرض غرامات مالية ضخمة تصل إلى 6% من إجمالي عائداتها العالمية، ما يشكل تهديدًا جديًا لاستقرارها المالي.
تداعيات سياسية وتحديات مستقبلية
وأضاف تعيين "ماسك" في منصب رفيع في الإدارة الأمريكية المقبلة بُعدًا جديدًا ومعقدًا للعلاقات بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة في مجال تنظيم وسائل التواصل الاجتماعي.
وأشارت بوليتيكو إلى أن هذا التطور يثير تساؤلات جدية حول استقلالية القرار الأوروبي في مواجهة الضغوط السياسية الأمريكية.
وفي هذا السياق، يستعد المشرعون الأوروبيون لمساءلة المفوضية الأوروبية حول مدى التزام "إكس" بقانون الخدمات الرقمية، في جلسة استماع مرتقبة ستعقد قريبًا.
نموذج متسق للرقابة الرقمية
وتجدر الإشارة إلى أن الإجراءات المتخذة ضد "إكس" تأتي في إطار نهج أوروبي متسق للتعامل مع منصات التواصل الاجتماعي، إذ سبق للمفوضية الأوروبية أن اتخذت إجراءات مماثلة ضد منصات أخرى، مثل تطبيق "تيك توك" الصيني، الذي يخضع لأمر احتفاظ مشابه في ما يتعلق بدوره في الانتخابات الرومانية.
ويعكس هذا النهج التزام الاتحاد الأوروبي بحماية الديمقراطية والشفافية في العصر الرقمي، مع الحفاظ على استقلالية القرار الأوروبي في مواجهة التدخلات الخارجية.