إيلون ماسك، رجل الأعمال الأمريكي المثير للجدل وصاحب طموحات تجاوزت حدود الصناعة والتكنولوجيا إلى ميادين السياسة، يواصل تحركاته المؤثرة عالميًا، ولا يكاد يمر يوم دون أن يتصدر ماسك عناوين الأخبار بآرائه المثيرة وتصريحاته الجريئة.
وحسب تقرير لمجلة "أتلانتيك" الأمريكية، فقد بدأ إيلون ماسك بثروة ناجحة في عالم التكنولوجيا، ثم توسع ليصبح فاعلًا سياسيًا مؤثرًا على الساحة العالمية، متحالفًا مع التيارات اليمينية المتطرفة، ومستخدمًا نفوذه وأدواته للتأثير على مسار الانتخابات والسياسات.
تحالف مثير للجدل
استضاف إيلون ماسك زعيمة حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني المتطرف، أليس فايدل، في بث مباشر على منصة "إكس"، وخلال المحادثة، أعلن ماسك تأييده للحزب، قائلًا: "فقط حزب البديل من أجل ألمانيا يمكنه إنقاذ ألمانيا"، وأثار هذا التصريح جدلًا واسعًا، لا سيما أن الحزب معروف بعلاقاته المثيرة للجدل مع الجماعات المتطرفة والنازيين الجدد.
"ماسك" لم يكتف بالتصريحات فقط؛ فقد كتب سابقًا مقالًا في صحيفة ألمانية يؤيد فيه هذا الحزب، متحديًا بذلك المعارضة العريضة التي يواجهها الحزب داخل ألمانيا، ومع أن الحزب حاول نفي ارتباطه بالجماعات المتطرفة، إلا أن كثيرًا من السياسيين الأوروبيين والنقاد يرون أن دعم ماسك له يمنحه شرعية جديدة ويعزّز مكانته السياسية.
تأثير ماسك على السياسة البريطانية
تجاوز تأثير ماسك حدود ألمانيا ليصل إلى المملكة المتحدة، واتهم ماسك كير ستارمر، زعيم حزب العمال، بالتقصير في معالجة قضايا الاعتداء الجنسي أثناء توليه منصب رئيس خدمات الادعاء العام، كما نشر استطلاع رأي يسأل فيه مستخدمي منصته عما إذا كان ينبغي على الولايات المتحدة "تحرير شعب بريطانيا من حكومتهم الاستبدادية".
دعّم "ماسك" أيضًا تومي روبنسون، الناشط السياسي اليميني المتطرف والمعادي للإسلام، الذي يقضي عقوبة في السجن، وعلى الرغم من انتقاد نايجل فاراج، زعيم حزب الإصلاح البريطاني، لدعمه روبنسون، رد "ماسك" قائلًا إن فاراج "غير مؤهل للقيادة".
أوروبا على خريطة ماسك
على الرغم من تراجع شعبية ماسك في أوروبا، بعدما أظهر استطلاع أجرته مؤسسة "يوجوف" أن 18% فقط من البريطانيين ينظرون إليه بإيجابية، فإنه يواصل حملته للتأثير على السياسة الأوروبية.
ومع أن القوانين الأوروبية تحد من الإنفاق السياسي وتضع قيودًا على الحملات الانتخابية، إلا أن ماسك يعتمد على تأثيره الإعلامي الكبير ومنصته "إكس" لنشر آرائه ودعم الأحزاب اليمينية.
رد العديد من الزعماء الأوروبيين بقوة على تدخلات ماسك، فاتهمه كير ستارمر بنشر الأكاذيب والمعلومات المضللة، بينما أشار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى دعمه "لحركة رجعية دولية"، ورغم ذلك، تشير استطلاعات الرأي إلى أن حزب "البديل من أجل ألمانيا" استفاد من دعم ماسك، حيث ارتفعت شعبيته أخيرًا.
هيمنة عبر التكنولوجيا
لا يقتصر نفوذ ماسك على تصريحاته السياسية؛ بل يمتد إلى استغلال شركاته التكنولوجية لتحقيق أهدافه، من خلال خدمة "ستارلينك" للإنترنت عبر الأقمار الصناعية، تمكن ماسك من تجاوز القيود الحكومية. ففي عام 2022، ورد أنه رفض توفير الخدمة لأوكرانيا أثناء هجومها على القوات الروسية في شبه جزيرة القرم، بعد مناقشات مع مسؤولين روس.
يبدو أن طموحات ماسك السياسية لن تتوقف عند حدود الولايات المتحدة أو أوروبا، فهو يسعى للهيمنة على المشهد السياسي العالمي، مستغلًا ثروته الهائلة ونفوذه الإعلامي. ولكن هذه التحركات قد تأتي بتكلفة باهظة، سواء على مستوى علاقاته مع القادة العالميين أو على مستوى استقرار المجتمعات.