في تطور كبير يكشف عن تحول جذري في مسار الأزمة بقطاع غزة، نجح المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، في إحداث اختراق غير مسبوق في المفاوضات، دافعًا إسرائيل نحو قبول خطة سلام شاملة رفضتها مرارًا على مدار الأشهر الستة الماضية، في هذا الصدد تكشف التقارير الصحفية الإسرائيلية عن ملامح الاختراق الذي أحرزه مبعوث ترامب والخطة الطموحة من ثلاث مراحل تمتد على مدار 126 يومًا، في مسعى لإنهاء الأزمة المستعرة في القطاع.
دبلوماسية "رجل الأعمال" تكسر الجمود
كشفت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، عن الدور المحوري الذي يلعبه ستيف ويتكوف، المبعوث الخاص للرئيس المنتخب ترامب، في تحريك المياه الراكدة بملف المفاوضات، إذ إن ويتكوف، المستثمر والمطور العقاري اليهودي المقرب من ترامب، يمثل نموذجًا مختلفًا تمامًا عن الدبلوماسية التقليدية.
وفي تصريحات لافتة، وصف دبلوماسي إسرائيلي كبير، تحدث للصحيفة شريطة عدم الكشف عن هويته، أسلوب ويتكوف قائلًا: "إنه لا يتحدث كدبلوماسي، ولا يهتم بالآداب والبروتوكولات الدبلوماسية، إنه رجل أعمال يريد التوصل إلى اتفاق بسرعة ويمضي قدمًا بشكل عدواني غير عادي."
وتكشف "هآرتس" عن واقعة تعكس هذا الأسلوب غير التقليدي، إذ فاجأ ويتكوف مساعدي نتنياهو باتصال من قطر يخبرهم فيه بزيارته لإسرائيل في اليوم التالي، وعندما أشاروا بأدب إلى أن الموعد يصادف يوم السبت، رد عليهم بلغة إنجليزية مباشرة أن السبت لا يهمه.
وفي خروج غير معتاد عن البروتوكول، اضطر نتنياهو للحضور إلى مكتبه يوم السبت للقاء ويتكوف.
تحول استراتيجي وضغوط غير مسبوقة
كشفت القناة 14 الإسرائيلية، نقلًا عن مصادر مطلعة على المفاوضات، عن حجم الضغوط غير المسبوقة التي تتعرض لها إسرائيل.
وفي تصريح صادم، وصف المتحدث باسم نتنياهو، يعقوب باردوجو، الوضع قائلًا: "إن الضغوط التي يمارسها ترامب الآن ليست من النوع الذي توقعته إسرائيل منه، الضغوط هي جوهر الأمر." وفي السياق نفسه، عبر الصحفي المقرب من نتنياهو، أريل سيجال، عن خيبة الأمل الإسرائيلية قائلًا: "نحن أول من يدفع ثمن انتخاب ترامب، يجري لا أعتقد أن هذا ما خططنا له وانتظرناه."
خارطة طريق شاملة نحو السلام
تتضمن الخطة المطروحة، والتي تحظى برعاية ثلاثية من مصر وقطر والولايات المتحدة، ثلاث مراحل رئيسية تمتد على مدار 126 يومًا.
تبدأ المرحلة الأولى بوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، مع وضع ضمانات صارمة تكفل عدم نكث الوعود أو إعادة اعتقال المفرج عنهم.
وتشمل المرحلة الثانية الانسحاب الإسرائيلي الكامل من القطاع، بما في ذلك الممرات، الذي كان نتنياهو قد وصفها سابقًا بأنه "حجر الأساس لوجود إسرائيل".
أما المرحلة الثالثة فتركز على إعادة إعمار قطاع غزة.
انقسامات داخلية تهدد مستقبل الحكومة الإسرائيلية
تواجه الخطة معارضة شديدة داخل الائتلاف الحكومي الإسرائيلي، إذ أعلن وزير الأمن القومي إيتمار بن جفير معارضته الصريحة للاتفاق، معتبرًا أن "الفوز بأصوات الشعبوية في الانتخابات المقبلة يفوق إنقاذ الأرواح"، وفقًا لما نقلته "هآرتس".
أما موقف وزير المالية بتسلئيل سموتريتش فقد شهد تحولًا مفاجئًا، إذ بعد أن بدا متقبلًا للاتفاق في البداية، أصدر بيانًا يصف الاتفاق بأنه "كارثة لا ينبغي لإسرائيل أن توافق عليها".
وتشير التقارير إلى أن انسحاب أي منهما من الائتلاف قد يؤدي إلى سقوط حكومة نتنياهو.
وفي خطوة غير معتادة، سمحت إدارة بايدن المنتهية ولايتها لويتكوف بقيادة المفاوضات، على اعتبار أن أي التزامات ستكون على عاتق إدارة ترامب القادمة.
وقد نجح المبعوث الأمريكي في إجبار إسرائيل على التراجع عن مواقفها السابقة، حيث لم تتراجع حماس عن شروطها الأساسية المتمثلة في ربط إطلاق سراح المحتجزين في غزة بالإفراج عن الأسرى الفلسطينيين والانسحاب الإسرائيلي الكامل من القطاع.