الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

بين هجوم بادينوك وتدخلات ماسك.. ذكرى "عصابات الاغتصاب" ترهق ستارمر

  • مشاركة :
post-title
تصدرت الفضيحة القديمة الأجندة السياسية في بريطانيا بعد انتقادات من قطب التكنولوجيا الأمريكي

القاهرة الإخبارية - أحمد صوان

بعد أكثر من عقد من الزمان، عادت إلى واجهة السياسة البريطانية فضيحة الاعتداء الجنسي على الأطفال بواسطة عصابات آسيوية، التي كانت تقوم بتهريب فتيات بيض صغيرات واغتصابهن واستغلالهن جنسيًا.

وتصدّرت الفضيحة القديمة الأجندة السياسية في بريطانيا بعد انتقادات من قطب التكنولوجيا وأهم موظفي الإدارة الأمريكية الجديدة إيلون ماسك؛ الذي دعا رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر إلى الاستقالة، بسبب ما قال إنه فشل في معالجة الفضيحة عندما كان المدعي العام للبلاد، واتهمه بـ"التواطؤ في اغتصاب بريطانيا".

وفي بريطانيا نفسها، دعا سياسيون معارضون، بمن فيهم زعيمة حزب المحافظين كيمي بادينوك، ورئيس حزب الإصلاح اليميني نايجل فاراج، إلى إجراء تحقيق وطني.

وفي مقابل انتقادات الحليف الوثيق للرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، ودعوات المعارضة، دافع ستارمر عن سجله كرئيس لهيئة الادعاء العام، قائلاً إنه تصدى للعصابات بشكل مباشر.

كما امتنع ستارمر عن التعليق على تعليقات ماسك الانتقادية بشكل متزايد لرئاسته للوزراء "حيث لا يريد الدخول في مباراة علنية مع شخص يمكنه التأثير على تفكير ترامب بشأن العلاقات مع بريطانيا".

إعاقة الحكومة

تشير "رويترز" إلى أن انتقادات ماسك شبه المستمرة لستارمر وحكومته العمالية أعاقت محاولات رئيس الوزراء البريطاني لتحديد أجندة العام الجديد، بعد ستة أشهر صعبة في السلطة.

لكن زعيمة المحافظين كيمي بادينوك استخدمت جميع أسئلتها الستة في مجلس العموم لرئيس الوزراء، ظهر الأربعاء الماضي، للضغط لإجراء تحقيق وطني جديد في "فضيحة عصابات الاغتصاب".

وتلفت مجلة "نيويوركر" إلى أن ستارمر "قاوم" رغبة زعيمة المحافظين، مشيرًا إلى أن التحقيق الواسع النطاق الذي أجراه في الاعتداء الجنسي في بريطانيا استغرق سبع سنوات ولم يتم تنفيذ نتائجه، لكن بادينوك واصلت حديثها قائلة: "ألا ترى أن هذه المقاومة تعني أن الناس سيبدأون في القلق بشأن التستر؟"

هنا، ثار الجدل في مجلس العموم، فقد لاحظ ستارمر -بحدة- أن هذه هي المرة الأولى منذ ما يقرب من ثماني سنوات كعضو في البرلمان التي تثير فيها بايدنوك -وزيرة الأطفال السابقة- هذه القضية.

وخلال الجلسة، بدأت بادينوك في قراءة أسماء المدن المتضررة من هذه الجرائم "تيلفورد، روشديل، بريستول، ديربي، آيلزبيري، أولدهام، برادفورد، بيتربورو، كوفنتري، ميدلسبره، نيوكاسل، ورامسجيت".

تقول "نيويوركر": انطلقت صيحات "العار!" من قِبل نواب حزب العمال الذين يمثلون تلك الأماكن، الذين كانوا غاضبين من زعيمة المحافظين لانتهازيتها.

آلاف الجرائم

في عام 2014 أجرى الباحثون تقديرًا متحفظًا يفيد بأن أكثر من 1400 فتاة تعرضن للاستغلال الجنسي في بلدة "روثرهام" بين عامي 1997 و2013. وكان العديد منهن معروفات بالفعل للخدمات المحلية لأنهن كن تحت الرعاية أو تعرضن للإهمال.

وذكرت "رويترز" أن فتيات لا تتجاوز أعمارهن 11 عامًا "تعرضن للاغتصاب من قِبل أعداد كبيرة من الجناة الذكور". وأضافت أن المسؤولين المحليين اعتبروا أن هؤلاء الأطفال "يمارسون الجنس بالتراضي".

وقال التقرير إن أغلب مرتكبي الجرائم المعروفين آسيويين "وفي بعض الحالات، كان المسؤولون المحليون والوكالات الأخرى حذرين من تحديد الأصول العرقية خوفًا من زعزعة تماسك المجتمع، أو اعتبارهم عنصريين".

وانتقد التقرير الشرطة والمجلس المحلي، لكنه قال إنهم لم يكتشفوا أي محاولة للتستر على الجريمة.

في ذلك الوقت، كان ستارمر مديرًا للنيابة العامة بين عامي 2008 و2013. وذكر أنه تعامل مع القضية بشكل مباشر، وأجرى أول محاكمة كبرى لعصابة متهمة باستدراج الأطفال واغتصابهم، وكان لديه أكبر عدد من قضايا الاعتداء الجنسي على الأطفال التي تمت مقاضاتها عندما ترك منصبه.

أيضًا، انقسم الساسة المحليون في أولدهام، لسنوات، حول أفضل السبل لمعالجة الإخفاقات الكارثية بين شرطة المدينة والمسؤولين المحليين في تعاملهم مع حالات اغتصاب وإساءة معاملة الفتيات في المدينة في عامي 2000 و2020.

وأشارت "نيويوركر" إلى أن "الفضيحة مألوفة بشكل مؤلم".

ووجد تحقيق حديث على هذا المنوال أجري في تيلفورد -وهي بلدة تقع على بعد ثمانين ميلًا جنوب أولدهام- أكثر من ألف حالة من استغلال الأطفال جنسياً هناك تعود إلى السبعينيات من القرن الماضي.

وتشير المجلة الأمريكية إلى أنه "غالبًا ما تتميز هذه القضايا بحقائق مشحونة سياسيًا، مفادها أن معظم الجناة كانوا رجالًا من أصل آسيوي، وأن معظم الضحايا كانوا فتيات بيضاوات صغيرات".

في أكتوبر الماضي، وبعد بضعة أشهر من هزيمة حزب العمال للمحافظين في الانتخابات العامة في البلاد، كتب أعضاء مجلس أولدهام إلى وزيرة حماية حقوق المرأة في الحزب، جيس فيليبس -وهي ناشطة بارزة ضد العنف ضد النساء والفتيات- مطالبين بإجراء تحقيق وطني فيما حدث في المدينة.

لكن مثلها كمثل أحد أسلافها المحافظين، الذي رفض طلبًا مماثلاً في عام 2022، أوصت فيليبس بعملية يقودها محليون بدلاً من ذلك.

وفي عام 2022 أيضًا، صدر تقرير عن تحقيق عام أوسع نطاقًا على مستوى البلاد في الاعتداء الجنسي على الأطفال، بما في ذلك داخل الكنائس والمدارس، والذي قدم عددًا من التوصيات التي لم يتم تنفيذها بعد.

ويوم الاثنين الماضي، قالت حكومة ستارمر، التي انتخبت في يوليو الماضي، إنها تعمل بوتيرة سريعة لتنفيذ التوصيات.

تغريدات ماسك

إضافة إلى الاشتعال البريطاني، صعّد ماسك من حدة القضية عندما اتهم وزيرة حماية حقوق الإنسان البريطانية جيس فيليبس بأنها "مدافعة عن الاغتصاب والإبادة الجماعية"، وأنها يجب أن تكون في السجن.

هذا بخلاف قوله إن ستارمر يجب أن يستقيل واتهامه بالفشل في مقاضاة الجناة عندما كان يدير هيئة الادعاء العام. وكتب ماسك في تغريدة على منصته "إكس"، حظيت بأكثر من خمسين مليون مشاهدة: "كان ستارمر متواطئًا في اغتصاب بريطانيا".

ومثل نشطاء اليمين البريطاني اقترح ماسك أن "هناك عملية تستر قوية بدلاً من الاعتراف بالحقيقة، وهي أكثر حزنًا وأصعب تحملاً"؛ مشيرًا إلى أن هذه الجرائم وقعت على مرأى من الجميع.

وأضاف أن "العديد من الفتيات الفقيرات، والضعيفات بشكل يائس، وغالبًا ما كن مراهقات صغيرات وحتى ما قبل المراهقة، اعتُبِرن عاملات جنس أو عاهرات، وليس أطفالًا، وأنه لا أحد تقريبًا يهتم".

وغرّد ماسك: "الآن لماذا يأمر كير ستارمر وحزبه بمنع مثل هذا التحقيق؟ لأنه يخفي أشياء فظيعة. هذا هو السبب".

وصباح يوم 8 يناير، قام ماسك بتحديث تغريدته المثبتة ليصبح نصها: "من فضلك اتصل بنائبك في البرلمان وأخبره أن مئات الآلاف من الفتيات الصغيرات في بريطانيا اللاتي تعرضن، وما زلن يتعرضن، للاغتصاب الجماعي الممنهج والمروع، يستحققن بعض العدالة في هذا العالم".