على أعتاب مغادرته منصبه، كشف وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، كواليس المعركة الدبلوماسية خلال الحرب على غزة، وفي مقابلة مع صحيفة "نيويورك تايمز"، تحدث بلينكن عن التحديات التي واجهها لإدارة الأزمة، ونقاشات الأوقات الحاسمة مع رئيس وزراء دولة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وخيبة الأمل من تراجع الاهتمام الدولي بمعاناة الفلسطينيين.
حلم السلام يتحول لكابوس
قبل اندلاع الحرب في أكتوبر 2023، كان بلينكن يحلم بتحقيق اتفاق تاريخي بين إسرائيل ودول عربية، إلا أن هجوم السابع من أكتوبر غيّر المشهد بالكامل، إذ يقول بلينكن: "كنا ندفع بقوة نحو التطبيع مع إسرائيل والتركيز على الجانب الفلسطيني، لكن الهجوم حوّل المنطقة إلى ساحة قتال، وعرقل الجهود الدبلوماسية".
وأشار إلى أن إدارة بايدن وضعت منذ البداية ثلاثة أهداف أساسية: دعم إسرائيل، ومنع اتساع رقعة الحرب، وضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة، ورغم ذلك، يقول بلينكن: "رأيت فظائع تفوق أي تخيل، كنا مصممين على منع تكرار أحداث السابع من أكتوبر بأي ثمن"، حسب ادعائه.
الضغوط على نتنياهو
"خلال الأيام الأولى من الحرب، كان المجتمع الإسرائيلي في حالة صدمة، كان هناك رفض قاطع داخل إسرائيل لنقل المساعدات الإنسانية إلى غزة"، هكذا قال بلينكن، مضيفًا أنه اضطر إلى تقديم إنذار صريح لرئيس الوزراء نتنياهو: "قلت له إن الرئيس بايدن لن يزور إسرائيل إذا لم تتم الموافقة على إدخال المساعدات"، هذا الإنذار أدى إلى فتح معبر رفح لتخفيف معاناة المدنيين الفلسطينيين المحاصرين وسط الحرب.
مساعدات وسط الانتقادات
على الرغم من الجهود الأمريكية، كانت الانتقادات تطال الطرفين، يقول بلينكن: "لا أحد يحتاج لتذكيري بمعاناة الفلسطينيين، التقيت بفلسطينيين فقدوا أحباءهم، وصورهم لا تزال محفورة في ذاكرتي".
تحدث بلينكن عن زيارته الأولى لإسرائيل بعد 5 أيام من الهجوم، وكيف "أقنع" نتنياهو بنقل المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة رغم الانتقادات اللاذعة في الداخل، وقال: "لقد كنت مع فريقي لمدة 9 ساعات في مقر الجيش الإسرائيلي في تل أبيب، على 6 طوابق تحت الأرض، مع الحكومة الإسرائيلية، ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وتجادلنا لساعات حول ضرورة وصول المساعدات الإنسانية الضرورية إلى الفلسطينيين في غزة".
اغتيال السنوار
كشف بلينكن أن محاولات التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار كانت قريبة جدًا من النجاح في عدة مناسبات، إلا أن تصرفات إسرائيل وحماس أعاقت الوصول إلى خط النهاية، وأشار إلى أن اغتيال زعيم الحركة يحيى السنوار كان نقطة تحول، حيث أدى غيابه عن المشهد إلى تعقيد المفاوضات بشكل كبير.
"إن غياب السنوار الذي كان صانع القرار الوحيد، حدث بالضبط في اللحظة التي اعتقدنا فيها أننا قادرون على التواصل بالاتفاق إلى خط النهاية، وفجأة لم يعد هناك من يقرر، وأصبح الأمر أكثر صعوبة بكثير"، يقول بلينكن.
وأعرب بلينكن عن اعتقاده أن الحرب ستنتهي بشكل أو بآخر بالشروط التي قدمها بايدن العام الماضي، وأنه إذ لم تتح لنا الفرصة لبدء محاولة وتنفيذ خطة اتفاق وقف إطلاق النار والإفراج عن المحتجزين في الأسبوعين المقبلين، فسنسلمها إلى إدارة ترامب القادمة ويمكنها أن تقرر ما إذا كانت ستفعل ذلك أم لا".
مع اقتراب انتهاء فترة عمله، يترك بلينكن ملف الحرب على غزة مليئًا بالتحديات، ويأمل أن تتمكن الإدارة الأمريكية المقبلة من البناء على الجهود الحالية، محذرًا من أن أي تأخير قد يفاقم الأزمات.
في النهاية، يقول بلينكن: "لقد عملنا بجد لتقديم رؤية للسلام، لكن الأمر الآن يتطلب شجاعة القادة وإرادة الشعوب لتحقيقها".