في خضم أجواء مشحونة ناتجة عن الحرب العنيفة التي تقودها دولة الاحتلال الإسرائيلي في غزة، التي خلفت حتى الآن أكثر من 45 ألف شهيد فلسطيني، تزامنت احتفالات عيد الحانوكا اليهودي هذا العام مع سلسلة من حوادث استهدفت رموز ومجتمعات يهودية عبر ثلاث قارات.
وبينما يُعتبر عيد الحانوكا مناسبة دينية، فإن التصعيد الأخير ضد اليهود ألقى بظلاله على هذه الاحتفالات، ما كشف عن توترات عميقة تربط بين النزاعات الإقليمية وأحداث العنف العالمية، صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية سلطت الضوء على هذه الظاهرة المثيرة.
الحانوكا تحت الهجوم
في تورونتو بكندا، واجه المجتمع اليهودي إسقاط شمعدان كبير بعنف أقاموه بمناسبة الاحتفال بالعيد، وهو الحادث الذي وقع ليلًا وأثار مخاوف واسعة نظرًا للكثافة اليهودية في المنطقة، إذ استنكرت البلدية المحلية العمل ووعدت بالتحقيق.
وفي أوكرانيا، تعرضت مدينتا لفيف وميكولايف لحوادث مشابهة، ففي لفيف، شوهت مجموعة من الشباب شمعدانًا في أثناء الاحتفالات، أما في ميكولايف، فقد ألقيت زجاجة مولوتوف على الكنيس الرئيسي، لكن تمت السيطرة على الحريق دون وقوع إصابات.
أحداث تمتد إلى الولايات المتحدة
في الولايات المتحدة، لم تكن الأجواء أقل توترًا، ففي مدينة ليتل روك بولاية أركنساس، قاطع متظاهرون احتفال إضاءة الشمعدان السنوي مرددين شعارات مؤيدة للفلسطينيين ومعادية لدولة الاحتلال الإسرائيلي، وهو حادث أثار صدمة للحاكم السابق في المدينة، مايك هوكابي، الذي كان حاضرًا كضيف شرف.
وفي لوس أنجلوس، تعرض شمعدان تابع لمنزل حاباد في حي شيرمان أوكس للتخريب، ما استدعى تدخل أفراد المجتمع لإصلاحه ومواصلة الاحتفالات، وفي نيويورك، عُثر على شمعدان محطم ملقى في أحد الشوارع، ما أدى إلى فتح الشرطة تحقيقًا عاجلًا في الحادث.
استفزازات في لندن
في لندن، شهدت المدينة سلسلة من الحوادث المماثلة، ففي الساحة المركزية، أطلق أحد المتظاهرين عبارات ضد اليهود والإسرائيليين في أثناء إضاءة الشموع، قائلًا: "اليهود يحتفلون بدعم الإبادة الجماعية"، في إشارة إلى أحداث العنف والإبادة في قطاع غزة المحاصر من جيش الاحتلال.
وفي حي جانتس هيل، هاجمت مجموعة من الرجال من أصل آسيوي المحتفلين اليهود لفظيًا، بينما في حرم جامعة لندن، وضعت الأعلام الفلسطينية بالقرب من شمعدان يهودي، ما أثار توترات بين الطلاب.
ردود فعل وتحذيرات
ووصفت الدكتورة راحيلي بارتز، رئيسة قسم مكافحة معاداة السامية في المنظمة الصهيونية العالمية، هذه الموجة بأنها "تصعيد خطير ومثير للقلق"، مشيرة إلى أن 10 حوادث في 8 أيام عبر 3 قارات تمثل علامة تحذير.
ودعت "بارتز" قادة العالم إلى اتخاذ موقف حاسم ضد هذه الظاهرة، مؤكدة أن "حق اليهود في الاحتفال بأعيادهم بأمان هو حق أساسي لا يمكن المساس به"، حسب قولها.
45.581 شهيدًا في مجازر مستمرة
وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية، الخميس، ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 45.581، أغلبيتهم من الأطفال والنساء، منذ بدء عدوان الاحتلال الإسرائيلي في السابع أكتوبر الماضي.
وأضافت أن حصيلة الإصابات ارتفعت إلى 108.438 منذ بدء العدوان، في حين لا يزال آلاف الضحايا تحت الركام وفي الطرقات، إذ يمنع الاحتلال وصول طواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم.
وتواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي عدوانها على قطاع غزة، لليوم الـ454 تواليًا، عبر شن عشرات الغارات الجوية والقصف المدفعي، مع ارتكاب مجازر ضد المدنيين، وسط وضع إنساني كارثي نتيجة الحصار ونزوح أكثر من 95% من السكان.
مذكرة اعتقال نتنياهو
في سابقة تحمل أبعادًا قانونية وسياسية كبرى، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية، نوفمبر الماضي، مذكرات توقيف بحق رئيس وزراء دولة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع السابق يوآف جالانت.
وتتعلق هذه المذكرات بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، خلال الحملة العسكرية الإسرائيلية العنيفة والقاسية على قطاع غزة، فيما أثار هذا القرار موجة واسعة من ردود الفعل العالمية المتباينة، تعكس تعقيد هذا الملف الدولي.