الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

28 صراعا في 16 دولة.. إفريقيا تدخل "حقبة جديدة" من الحروب

  • مشاركة :
post-title
الحرب شردت الملايين في السودان

القاهرة الإخبارية - محمود غراب

سلطت صحيفة "وول ستريت جورنال" الضوء على التداعيات الكارثية التي خلفتها الصراعات في دول إفريقية عدة، من مالي غربًا إلى الصومال شرقًا.

ولفتت الصحيفة في تقرير لها بعنوان "إفريقيا دخلت حقبة جديدة من الحروب"، إلى نشاط الجماعات المُسلحة المتطرفة في شمال نيجيريا والصومال، والحرب بين الميليشيات في شرق الكونغو، والحرب الأهلية في إثيوبيا، والمواجهات العسكرية بين الجيش السوداني وميليشيا الدعم السريع في السودان.

وذكرت الصحيفة أن بلدان غرب الساحل الإفريقي، أصبحت الآن قلب ما يعرف بـ"الجهاد العالمي"، حيث تتقاتل الفروع الإقليمية لتنظيمي القاعدة وداعش الإرهابيين فيما بينها، وكذلك ضد حكومات الدول.

وأوضحت الصحيفة أن رقعة الصراعات في إفريقيا تمتد على ما يقرب من 4 آلاف ميل، وتشمل حوالي 10% من إجمالي كتلة اليابسة في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وهي المنطقة التي تضاعفت في ثلاث سنوات فقط، وهي اليوم حوالي 10 أضعاف حجم المملكة المتحدة، وفقًا لتحليل أجرته شركة استشارات المخاطر السياسية "فيريسك مابلكروفت".

وقالت الصحيفة إن تلك الصراعات في إفريقيا خلفت مُعاناة إنسانية لا يمكن حسابها، من حيث النزوح الجماعي، والفظائع ضد المدنيين، والجوع الشديد في قارة هي بالفعل الأفقر على وجه الأرض.

وأضافت الصحيفة أن الصراعات في القارة الإفريقية طغت عليها الحرب في أوكرانيا، والعدوان الإسرائيلي على غزة؛ ما أدى إلى انخفاض الاهتمام من جانب صناع السياسات العالمية، وخاصة في الغرب، ما انعكس على برامج المساعدات الإنسانية التي تُعاني من نقص التمويل بشكل صارخ.

وتشهد إفريقيا حاليًا المزيد من الصراعات مقارنة بأي وقت مضى منذ عام 1946 على الأقل، وفقًا للبيانات التي جمعتها جامعة "أوبسالا" في السويد وحللها معهد "أبحاث السلام النرويجي" في أوسلو.

وفي هذا العام وحده، حدد الخبراء في المعهدين 28 صراعًا في 16 من بلدان القارة الإفريقية البالغ عددها 54 بلدًا، وهو عدد أكبر من أي منطقة أخرى في العالم، ويمثل ضعف العدد قبل عقد ونصف العقد فقط.

وأرجعت الصحيفة الصراعات في دول الساحل الإفريقي إلى سقوط نظام معمر القذافي، وانزلاق ليبيا إلى الفوضى، حيث انتقل آلاف المسلحين جنوبًا إلى مالي.

ونقلت الصحيفة عن كين أوبالو، الأكاديمي الكيني والأستاذ المشارك في كلية الخدمة الخارجية بجامعة جورج تاون: "فيما يتعلق بمنطقة الساحل، من الواضح أن المشكلة تكمن في انهيار ليبيا والطريق السريع للأسلحة والأيديولوجية التي يخلقها ذلك".

قال أوبالو: "وهكذا، فإنك تجد دولًا ضعيفة، وكميات هائلة من الأسلحة والشباب الذين يغادرون ليبيا، وأيديولوجيات قادمة من باكستان، ثم يصبح كل شيء مشتعلًا".

ومن مالي، وفق "وول ستريت جورنال"، انتقلت الجماعات الجهادية عبر الحدود المسامية إلى بوركينا فاسو والنيجر.

والآن، يهدد هذا الصراع الدول الساحلية في غرب إفريقيا مثل بنين وغانا، وتتأثر 86% من أراضي بوركينا فاسو بالقتال بين الجهاديين والقوات الحكومية، وبالنسبة لنيجيريا، يبلغ هذا الرقم 44%.

ولفتت الصحيفة الأمريكية إلى الصعوبة البالغة في إحصاء قتلى الصراعات الإفريقية؛ بسبب القيود على وصول الصحفيين ومنظمات الإغاثة إلى الخطوط الأمامية، كما أن انقطاع خدمات الهاتف والإنترنت الذي رافق الحروب في السودان ومنطقة تيجراي في إثيوبيا يعقد الجهود الرامية في تتبع أحداث محددة وأعداد القتلى.

ولا يموت كثير من الناس في القتال نفسه، بل يموتون من الجوع وانهيار الخدمات الطبية، وعلى سبيل المثال، بالنسبة لإثيوبيا، قدر خبراء جامعة جينت في بلجيكا، أن الحرب التي استمرت عامين بين الحكومة والجبهة الشعبية لتحرير تيجراي، تسببت في مقتل ما بين 162 ألفًا و378 ألف مدني. 

وأحصى موقع "إيكليد"، الذي يقوم محللوه بمسح مصادر الأخبار المحلية وجهات الاتصال للحصول على بيانات الصراع في الوقت الفعلي، أقل من 20 ألف قتيل نتيجة القتال نفسه.

ومن الواضح من البيانات، أن المدنيين أكثر عرضة للاستهداف المتعمد في الصراعات في إفريقيا مقارنة بالعديد من الحروب في أماكن أخرى.

وتقول كليوناد رالي، مؤسسة منظمة "إيكليد" واستاذة العنف السياسي والجغرافيا في جامعة ساسكس في المملكة المتحدة: "يعيش عدد أكبر من الناس مع العنف أكثر من أي وقت مضى، ويتعرض عدد أكبر من الناس بشكل مستمر للجماعات المسلحة أكثر من أي وقت مضى".

وتتجاوز العواقب الخسائر المباشرة في الأرواح، حيث تقول رالي إن توقف التنمية، وتأخير الانتخابات، والشعور الأوسع بالإفلات من العقاب، كلها عوامل تعززها الصراعات المطولة.

وأدت الصراعات المتصاعدة إلى نزوح عدد قياسي من الأفارقة، معظمهم داخل بلدانهم. أصبحت القارة السمراء الآن موطنًا لنحو نصف النازحين داخليًا في العالم، أي حوالي 32.5 مليون بحلول نهاية عام 2023، وقد تضاعف هذا الرقم ثلاث مرات في غضون 15 عامًا فقط.

ويجعل النزوح المدنيين، وخاصة النساء والأطفال، أكثر عرضة للآثار الجانبية للحرب، ففي شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، يقدر المسؤولون المحليون والعاملون في مجال الصحة أن 80% من النساء في مخيمات النازحين حول جوما تعرضن للاغتصاب، العديد منهن تعرضن للاغتصاب عدة مرات.

وفي السودان، موطن أول مجاعة مؤكدة في العالم منذ عام 2017، فإن أكثر الناس جوعًا هم الأشخاص الذين انفصلوا عن مجتمعاتهم الأصلية والوظائف أو المجالات التي كانت تدعم سُبل عيشهم.