حذرت الأمم المتحدة من خطر المجاعة في السودان، بسبب نقص المساعدات الغذائية، إذ تسببت المواجهات المستمرة بين الجيش السوداني والدعم السريع، في تعطيل وصول المساعدات إلى المحتاجين بمناطق القتال.
وأعرب برنامج الأغذية العالمي، عن القلق البالغ إزاء تصاعد القتال في ولاية "سنار" جنوب غربي السودان، حيث تسبب العنف في نزوح أكثر من 136 ألف شخص.
التصعيد في سنار يتجاوز النزوح
وأكد البرنامج الأممي، أن تأثير التصعيد في سنار يتجاوز بكثير النزوح، إذ تسبب القتال في قطع طرق الإمداد الرئيسية للغذاء والوقود، ما حال دون وصول السكان إلى الاحتياجات الأساسية في الولاية.
ودعا البرنامج إلى فتح جميع الممرات الإنسانية الممكنة، كي تتمكن الوكالات الإنسانية من الوصول إلى جميع المحتاجين.
وأفاد برنامج الأغذية العالمي، بأن مركزه في "كوستي" معزول تمامًا، وكذلك الطريق من بورتسودان إلى كسلا، لافتًا إلى أن هذا الطريق يعد بمثابة شريان حياة لإيصال المساعدات إلى مئات الآلاف من الناس في السودان، بما في ذلك العديد من المجتمعات المعرضة لخطر المجاعة في كردفان ودارفور.
وأشار البرنامج إلى توقف المساعدات التي تصل إلى دارفور من تشاد، بسبب استمرار غلق معبر "أدري" الحدودي، ولا يمكن استخدام معبر "الطينة" بسبب الأمطار الغزيرة والفيضانات، الأمر الذي يعنى أن العديد من المناطق معزولة عن وصول المساعدات.
تفاقم الأزمة الإنسانية
من جهتها، حذرت الدكتورة حنان بلخي، المديرة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، من تفاقم الأزمة الإنسانية في السودان، بسبب القيود المفروضة على وصول المساعدات الإنسانية والنقص الحاد في الإمدادات الطبية والوقود، ما أدى إلى تفشي الأمراض وارتفاع معدلات الوفيات.
ودعت "بلخي" إلى ضرورة فتح جميع المعابر الحدودية لضمان تدفق المساعدات بشكل مستمر، مشيرة إلى أربعة تحديات رئيسية تواجه استجابة المنظمة لحالات الطوارئ الإنسانية في إقليم شرق المتوسط، وتشمل هذه التحديات القيود المفروضة على وصول المساعدات والعاملين في المجال الإنساني، والهجمات المتكررة على مرافق الرعاية الصحية، والوقاية من تفشي الأمراض والاستجابة لها، وخطر أن يؤدى انخفاض التمويل المقدم من الجهات المانحة إلى تكلفة بشرية حقيقية ومأساوية.
وأضافت المسؤولة الأممية، أن الناس في دارفور وكردفان والخرطوم والجزيرة محرومون فعليًا من المساعدات الإنسانية، خاصة في دارفور.
وقالت إن أكثر من 800 ألف شخص محرومون من الحصول على الغذاء والرعاية الصحية والمستلزمات الطبية.
وأوضحت "بلخي" أن منظمة الصحة العالمية أرسلت بعثة من الخبراء إلى تشاد، بهدف تقييم الاحتياجات الصحية للاجئين والمجتمعات المستضيفة لهم، وأيضًا لتحسين وتوسيع نطاق العمليات عبر الحدود لتصل إلى ولايات دارفور المتضررة من النزاع، خاصة إيصال الإمدادات الطبية العاجلة.
وأفادت بأنه تم الإبلاغ عن وقوع 82 اعتداءً على مرافق الرعاية الصحية منذ بداية الأعمال العدائية في أبريل 2023، مع الإشارة إلى أن الأسابيع الستة الأخيرة وحدها شهدت 17 هجومًا على هذه المرافق.
تفشي الأمراض المعدية
وحذرت مسؤولة الصحة العالمية، من تفشي الأمراض المعدية في السودان، بسبب نقص المياه النظيفة وخدمات الصرف الصحي.
كما وصف رئيس منظمة "أطباء بلا حدود" كريستوس كريستو، الوضع الصحي والإنساني في السودان بأنه "الأسوأ على الإطلاق" و"مقلق للغاية".
وقال كريستو، إن الوضع يتدهور بسرعة كبيرة، في ظل التحديات المعيقة للتحرك، وقلة عدد الجهات الإنسانية الدولية الفاعلة على الأرض، ومحدودية التمويل المخصص للاستجابة من قبل الدول المانحة.
وأضاف كريستو، إن أكثر من 70% من المرافق الصحية توقفت عن العمل، وأن مستوى سوء التغذية في ازدياد، متوقعًا ارتفاع حالات الإصابة بالملاريا والأوبئة، مثل الكوليرا، مع بدء موسم الأمطار.
تشريد 10 ملايين سوداني
وخلّفت المواجهات المسلحة بين الجيش السوداني والدعم السريع، منذ اندلاعها في منتصف أبريل 2023، عشرات آلاف القتلى، وشردت أكثر من عشرة ملايين شخص، وفق الأمم المتحدة.
فيما يواجه نحو 26 مليون شخص في السودان مستويات مرتفعة من "انعدام الأمن الغذائي الحاد"، وهو وضع فاقمته الحرب المدمرة في البلاد، وفق تقرير للأمم المتحدة.
وتسببت الحرب في انكماش الناتج القومي بأكثر من 40%، وتقلصت الإيرادات العامة بنحو 80%، في ظل انهيار المصارف والمشروعات الإنتاجية التي يعتمد عليها الاقتصاد المحلي.
وتبرز قطاعات الصناعة والزراعة والبنوك كأكثر القطاعات تضررًا، إذ تشير التقديرات إلى فقدان القطاع الصناعي نحو 75% من وحداته الإنتاجية، في حين فقد قطاع الخدمات 70% من قدراته، وتراجع الإنتاج الزراعي بأكثر من النصف.