ارغم النجاحات المتكررة التي حققها الملياردير الأمريكي إيلون ماسك في إدارة شركاته وانتشالها من الإفلاس، يتوقع أن يواجه تحديات تعرقل النتائج السريعة في منصبه الجديد بإدارة الرئيس المنتخب دونالد ترامب المقبلة، بسبب النظام الإداري المعقد للحكومة، بحسب صحيفة "بوليتيكو" الأمريكية.
وبعد فوزه في انتخابات نوفمبر، اختار الرئيس الجمهوري "ماسك" رئيسًا مشاركًا (شريكه الملياردير فيفيك راماسوامي) لما أُطلق عليه "لجنة كفاءة الحكومة"، في خطوة تمثل تحديًا غير مسبوق لنظام الحكم التقليدي في العاصمة الأمريكية.
مواجهة البيروقراطية
وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى تباين عميق في فلسفة العمل بين نهج ماسك وثقافة واشنطن التقليدية، إذ إن الملياردير -الذي يتبنى شعار "تحرك بسرعة واكسر الأشياء"- يجد نفسه الآن في مواجهة نظام إداري راسخ يميل إلى التأني والحذر.
وبحسب تشارلز بيترسن، المؤرخ في أرشيف وادي السيليكون بجامعة ستانفورد، "يمثل ماسك امتدادًا لتقليد عريق في وادي السيليكون يقوم على مواجهة البيروقراطية بشكل جذري".
وظهر هذا التباين جليًا في الأسابيع الأخيرة، عندما أدى تدخل ماسك في مناقشات الميزانية الفيدرالية إلى إحداث اضطراب كبير في الكونجرس، فمن خلال أكثر من 150 تغريدة على منصة إكس التي يملكها، دفع ماسك النواب الجمهوريين إلى رفض مشروع قانون التمويل الحكومي المقترح، ما أدى إلى حالة من الفوضى السياسية وإعادة صياغة المشروع بالكامل.
نمط إداري جريء
واستعرضت "بوليتيكو" تاريخ ماسك الجريء في إدارة شركاته الكبرى، ولفتت إلى نمط متكرر من المخاطرة المحسوبة والفشل المؤقت في سبيل تحقيق نجاحات كبرى، ففي "سبيس إكس" تحملت الشركة فشل ثلاث إطلاقات صاروخية متتالية بين عامي 2006 و2008، ما وضعها على حافة الإفلاس، لكن "ماسك" واصل دفع الشركة نحو الابتكار المستمر، حتى أصبحت اليوم رائدة في مجال الفضاء التجاري.
وفي تسلا، واجهت الشركة أزمة مالية خانقة في 2008 لكنها تجاوزتها لتصبح أكبر مصنع للسيارات الكهربائية في العالم، حتى عندما عانت مشكلات فنية -كما حدث مؤخرًا مع استدعاء 700 ألف سيارة- تمكنت من حل المشكلة عبر تحديث برمجي عن بُعد، ما يعكس مرونة وسرعة في معالجة الأزمات.
عواقب الفشل
إدارة المؤسسات الحكومية تمثل تحديًا من نوع مختلف تمامًا، إذ يواجه ماسك الآن منظومة معقدة من السلطات المتداخلة والمصالح المتعارضة على عكس شركاته الخاصة.
ففي الوقت الذي يمكن للملياردير الأمريكي اتخاذ قرارات سريعة وحاسمة في شركاته، يتطلب العمل الحكومي التنسيق مع فروع حكومية مستقلة وقواعد تنظيمية صارمة، بحسب "بوليتيكو".
والأهم من ذلك -بحسب خبراء- أنَّ الفشل في إدارة المؤسسات الحكومية يمكن أن تكون له عواقب وخيمة على حياة الملايين من الأمريكيين، إذ إن تعطل الخدمات الحكومية يعني حرمان المواطنين من المزايا والخدمات الأساسية، وهو ما يجعل المخاطرة في هذا المجال محفوفة بمخاطر سياسية واجتماعية كبيرة.
نظرة مستقبلية
ويرى المحللون أنَّ نجاح ماسك سيعتمد على قدرته على التكيف مع الواقع السياسي والإداري في واشنطن، مع الحفاظ على روح الابتكار التي ميزت مسيرته المهنية.
ونقلت "بوليتيكو" عن مارك أندريسن، رجل الأعمال المؤيد لترامب، أن أسلوب ماسك في إدارة شركاته يعتمد على تحديد وحل المشكلات الكبرى أسبوعياً، لكن في السياق الحكومي، قد يحتاج إلى تطوير استراتيجية أكثر صبرًا وتعقيدًا للتعامل مع التحديات البيروقراطية المتجذرة في النظام الأمريكي.