الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

ملايين السكان في خطر.. "المنازل المتهالكة" تهدد الاقتصاد والصحة ببريطانيا

  • مشاركة :
post-title
مساكن بريطانيا - أرشيفية

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

كشفت صحيفة الجارديان البريطانية عن تقرير صادم يُحذر من تداعيات خطيرة لأزمة الإسكان المتفاقمة في المملكة المتحدة على مستقبل النظام الصحي والنمو الاقتصادي بالبلاد، إذ أظهر التقرير الصادر عن مركز الشيخوخة الأفضل "Centre for Ageing Better" أن ملايين البريطانيين يعيشون في مساكن متهالكة ودون المستوى المطلوب، ما يُشكل تهديدًا مباشرًا لصحتهم ومستقبلهم، في ظل تحديات اقتصادية وصحية غير مسبوقة تواجه المملكة المتحدة.

حجم الكارثة

تكشف الأرقام التي نشرتها صحيفة الجارديان البريطانية عن واقع مأساوي يعيشه نحو 4.5 مليون شخص ممن تتجاوز أعمارهم 50 عامًا في إنجلترا، إذ يعانون من ظروف سكنية قاسية تفاقم من حالتهم الصحية المتردية أصلًا.

ويزداد الوضع سوءًا مع وجود 1.7 مليون شخص من هؤلاء تتجاوز أعمارهم 70 عامًا، يواجهون يوميًا تحديات الرطوبة المتصاعدة والتعفن والتآكل في منازلهم.

وتشير التقديرات إلى أن هذه المشكلات لا تقتصر على فئة عمرية معينة، بل تمتد آثارها لتشمل عائلات بأكملها، ما يجعل الأزمة أكثر عمقًا وتعقيدًا.

الفجوة العرقية

تكشف الصحيفة البريطانية عن فجوة عرقية صارخة في توزيع المعاناة السكنية، إذ يواجه المواطنون من أصول عرقية مختلفة تحديات مضاعفة، وأظهرت الإحصاءات أن نحو 46% من الأشخاص المنتمين إلى الأقليات العرقية من ذوي البشرة السمراء والآسيويين، ممن تتجاوز أعمارهم 50 عامًا ويعانون من مشكلات صحية، يواجهون مشكلة واحدة على الأقل في منازلهم.

وتنخفض هذه النسبة إلى 32% بين البريطانيين البيض، ما يعكس تفاوتًا كبيرًا في توزيع عبء الأزمة.

والأكثر إثارة للقلق أن احتمالية مواجهة الأقليات العرقية لخمس مشكلات أو أكثر في مساكنهم تزيد بمعدل الضعف مقارنة بنظرائهم من البيض، ما يشير إلى عمق التفاوت الاجتماعي والاقتصادي في المجتمع البريطاني.

أضرار في سقف أحد المنازل في بريطانيا
خريطة المعاناة

تتوزع المشكلة جغرافيًا بشكل متفاوت عبر أنحاء إنجلترا، إذ تتصدر العاصمة لندن قائمة المناطق الأكثر تضررًا، إذ تشير الأرقام التي نقلتها الجارديان إلى أن 52% من السكان المتأثرين في لندن يعانون من مشكلات إسكانية خطيرة، وهي نسبة مرتفعة بشكل ملحوظ مقارنة بالمناطق الأخرى.

ويأتي الشمال الشرقي والشمال الغربي في المرتبة الثانية بنسبة 35% لكل منهما، ما يعكس تركز المشكلة في المناطق الحضرية الكبرى والمناطق الصناعية السابقة التي تعاني من تحديات اقتصادية واجتماعية متراكمة.

التداعيات الاقتصادية والصحية

وفقًا للدكتورة كارول إيستون، الرئيسة التنفيذية لمركز الشيخوخة الأفضل، فإن الأزمة تتجاوز كونها مشكلة إسكانية لتصبح تهديدًا مباشرًا للاقتصاد الوطني والنظام الصحي، إذ إن العمال المسنون الذين يعيشون في منازل تؤثر سلبًا على صحتهم يجدون صعوبة متزايدة في الاستمرار في العمل والمساهمة في النمو الاقتصادي.

وإن تدهور الحالة الصحية لهؤلاء السكان يضع ضغوطًا إضافية على نظام الرعاية الصحية الوطني خاصة خلال فصل الشتاء، ما يفاقم من التحديات التي يواجهها القطاع الصحي أصلًا.

مستقبل غامض وحلول مطلوبة

في ظل هذه التحديات المتراكمة، تدعو هولي هولدر، نائبة مدير شؤون المساكن في المركز، إلى تبني استراتيجية وطنية شاملة لمعالجة أزمة جودة المساكن.

وتؤكد ضرورة وضع خطة طموحة تهدف إلى خفض عدد المنازل غير اللائقة إلى النصف، خلال العقد المقبل.

وفي المقابل، تؤكد الحكومة البريطانية أنها تتخذ خطوات جادة من خلال "خطة التغيير" لتحسين ظروف السكن، مع التركيز بشكل خاص على الفئات الأكثر ضعفًا في المجتمع.

ويأتي هذا في وقت يسعى فيه حزب العمال الحاكم، بقيادة كير ستارمر، إلى تقديم رؤية للتعامل مع الأزمة، متعهدًا بتحسين أداء النظام الصحي وتحقيق نمو اقتصادي غير مسبوق حال وصوله السلطة.