الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

"البريكست" يعمق أزمة المصدرين في بريطانيا

  • مشاركة :
post-title
التصدير في بريطانيا

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

كشفت صحيفة "الجارديان" البريطانية معاناة غير مسبوقة للشركات البريطانية في التعامل مع القواعد التجارية التي فرضها خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي "بريكست"، ما دفع المؤسسات التجارية للمطالبة بإعادة النظر في طبيعة العلاقات التجارية مع الاتحاد الأوروبي، في وقت تتزايد فيه الخسائر الاقتصادية وتتعقد فيه الإجراءات البيروقراطية، ما يشير إلى أنه عندما صوّت البريطانيون لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي لم يكن في الحسبان أن تواجه شركاتهم المصدّرة هذا الكم من التحديات والعقبات.

واقع مرير

وكشف استطلاع واسع النطاق، أجرته غرفة التجارة البريطانية، شمل أكثر من ألف شركة عضو بالغرفة، أن نسبة ضئيلة للغاية من الشركات، لا تتجاوز 15%، استطاعت الاستفادة من اتفاقية التجارة والتعاون مع الاتحاد الأوروبي التي وقّعها رئيس الوزراء السابق بوريس جونسون في ليلة عيد الميلاد عام 2020.

وفي المقابل، أكدت 40% من الشركات المشاركة في الاستطلاع أن الاتفاقية لم تسهم بأي شكل في تعزيز مبيعاتها مع دول الاتحاد الأوروبي، ما يشير إلى فجوة كبيرة بين الوعود التي قُطعت قبل البريكست والواقع المرير الذي تعيشه الشركات البريطانية اليوم.

تحديات متعددة

وفي تحليل عميق للمشكلات التي تواجهها الشركات البريطانية، برزت قضية تنقّل الموظفين كأحد أهم التحديات التي تواجه القطاع الخاص البريطاني، إذ أشار 46% من المشاركين في الاستطلاع إلى أن تسهيل إرسال الموظفين البريطانيين للعمل في دول الاتحاد الأوروبي يعد أولوية قصوى.

يأتي هذا في وقت تواجه فيه الشركات البريطانية تحديات إضافية تتعلق بمتطلبات ضريبة القيمة المضافة، إذ عبّر 36% من الشركات عن رغبتها في رؤية تحسينات في هذا المجال، بينما طالب 24% بضرورة الاعتراف المتبادل بالمؤهلات المهنية.

وفي هذا السياق، تحدثت شيفون هافيلاند، المدير العام لغرفة التجارة البريطانية، بصراحة عن الوضع قائلة: "إن تحسين العلاقات مع الاتحاد الأوروبي ومعالجة الحواجز التجارية قد يساعد في تخفيف وطأة الضرائب المرتفعة التي فرضتها موازنة راشيل ريفز في أكتوبر الماضي".

وأضافت في تصريحات نقلتها "الجارديان" أن الشركات تكافح مع تكاليف متزايدة في أعقاب موازنة الخريف، وأن التغيير المنشود لا يمكن أن يتأخر أكثر من ذلك.

مخاوف متصاعدة

وفي تطور آخر كشف الاستطلاع أن أكثر من ثلاثة أرباع الشركات البريطانية (77%) ليس لديها أي دراية باللوائح الأوروبية الجديدة المتعلقة بالسلامة والأمن، التي ستؤثر على الصادرات إلى دول الاتحاد الأوروبي السبع والعشرين.

يأتي هذا في وقت حذّرت فيه غرفة التجارة البريطانية من احتمال زيادة الاحتكاك التجاري إذا استمرت القواعد المعمول بها في بروكسل في التطور دون أن تواكبها بريطانيا، ما قد يؤدي إلى تعميق الفجوة التجارية بين الطرفين.

وتزداد المخاوف عمقًا مع كشف دراسة حديثة أجراها مركز الأداء الاقتصادي في كلية لندن للاقتصاد عن أن اتفاقية التجارة والتعاون قد تسببت في خفض التجارة بمقدار 27 مليار جنيه إسترليني خلال العامين الأولين من تطبيقها فقط، فيما يمثل أقل من نصف الضرر الذي توقعه مكتب مسؤولية الموازنة المستقل، ما يشير إلى أن التأثير الكامل للبريكست على الاقتصاد البريطاني قد يكون أعمق مما كان متوقعًا.

موقف حكومي

وفي موقف يعكس تمسك الحكومة البريطانية بمواقفها السابقة، صرّح متحدث باسم الحكومة قائلًا: "إن بلاده تسعى لإعادة ضبط العلاقة مع الأصدقاء الأوروبيين لتعزيز الروابط وتأمين اتفاق أمني واسع النطاق ومعالجة العوائق التجارية".

وشدّد في الوقت نفسه على أنه لن تكون هناك عودة إلى الاتحاد الجمركي أو السوق الموحدة أو حرية التنقل، في موقف يبدو متناقضًا مع المطالب الملحة للقطاع الخاص البريطاني.

وتشير كل هذه التطورات إلى أن الطريق لا يزال طويلًا أمام بريطانيا للتكيف مع واقع ما بعد البريكست، في وقت تتزايد فيه الأصوات المطالبة بإعادة النظر في طبيعة العلاقة مع الاتحاد الأوروبي، خاصة مع استمرار تكبد الشركات البريطانية لخسائر فادحة وتراجع قدرتها التنافسية في الأسواق الأوروبية.