أعلن الرئيس إيمانويل ماكرون، ورئيس الوزراء فرانسوا بايرو، عن التشكيل الوزاري الجديد بعد عشرة أيام من المشاورات المُكثفة والمفاوضات السياسية.
وبحسب صحيفة "لوباريزيان" الفرنسية يأتي التشكيل الجديد في إطار رؤية بايرو للجمع بين مختلف التيارات السياسية لمواجهة التحديات المُلحة التي تواجه البلاد، وخاصة على الصعيد الاقتصادي والمالي.
تشكيل يعكس التنوع
جاء التشكيل الوزاري الجديد ليعكس طموح بايرو في تشكيل حكومة جامعة، حيث ضمت وجوهًا بارزة من اليمين واليسار والوسط.
وكشفت "لوباريزيان" عن تعيين إليزابيث بورن في منصب وزير الدولة للتربية الوطنية، وهو تعيين يعكس أهمية الملف التعليمي في أجندة الحكومة الجديدة، كما تم تعيين جيرالد دارمانان وزيرًا للعدل، في خطوة تؤكد التوجه نحو تعزيز سيادة القانون وإصلاح المنظومة القضائية.
وفي قرار مثير للاهتمام، عاد مانويل فالس، رئيس الوزراء السابق، إلى الحكومة كوزير لما وراء البحار، بينما تولى برونو ريتايو حقيبة الداخلية.
وفي الملف الدبلوماسي، احتفظ جان نويل بارو بمنصبه كوزير لأوروبا والشؤون الخارجية، في وقت تواجه فيه فرنسا تحديات دولية متزايدة.
صلب الاهتمام
أولت الحكومة الجديدة اهتمامًا خاصًا بالملفات الاقتصادية والاجتماعية، إذ تم تعيين إريك لومبارد وزيرًا للاقتصاد والمالية والسيادة الصناعية والرقمية.
ويأتي هذا التعيين في ظل تحديات اقتصادية كبيرة تواجه فرنسا، من ارتفاع معدلات التضخم إلى ضرورة تعزيز القدرة التنافسية للصناعة الفرنسية.
وفي الجانب الاجتماعي والبيئي، تم تعيين أنييس بانييه روناشيه، وزيرة للانتقال البيئي والتنوع البيولوجي، بينما تولت كاترين فوتران حقيبة العمل والصحة والتضامن والأسرة، وتعكس هذه التعيينات حرص الحكومة على موازنة الأولويات البيئية مع المتطلبات الاجتماعية والاقتصادية.
تحديات وانتقادات
غير أن تشكيل الحكومة قوبل بموجة من الانتقادات من مختلف الأطراف السياسية، إذ نقلت الصحيفة الفرنسية عن قيادي بارز في الحزب الاشتراكي قوله إن بايرو "لم يظهر رؤية واضحة" خلال المشاورات.
وفي السياق ذاته، وصفت سيريل شاتلان، رئيسة المجموعة البيئية في الجمعية الوطنية، الحكومة الجديدة بأنها "نسخة باهتة من ميشيل بارنييه".
ويواجه بايرو تحديًا كبيرًا يتمثل في كسب ثقة البرلمان، خاصة مع وجود معارضة قوية من اليمين واليسار.
ونقلت "لوباريزيان" عن نائب في حزب النهضة انتقاده لنهج بايرو، معتبرًا أنه "في حالة انفصال تام عن الواقع الحالي"، مضيفًا أن رئيس الوزراء "يعتقد أن الجميع سيلتف حوله لمجرد أنه فرانسوا بايرو".
التقاعد والمستقبل
يبرز ملف إصلاح نظام التقاعد كأحد أهم التحديات التي تواجه الحكومة الجديدة، وكشفت "لوباريزيان" أن بايرو وافق على إعادة فتح النقاش حول هذا الملف الحساس، دون تعليق الإصلاحات الجارية.
واعتبر أوليفييه فور، أحد قادة المعارضة، أن هذه الخطوة تمثل "انفتاحًا ضئيلًا للغاية" لا يرقى إلى مستوى التحديات القائمة.
وفي هذا السياق، نقلت الصحيفة الفرنسية عن سيناتور مؤثر تحذيره من أن "رهان بايرو على عدم تصويت مارين لوبان لحجب الثقة مغامرة محفوفة بالمخاطر".
ويبدو مصير حكومة بايرو مرتبط بقدرتها على تحقيق توازن دقيق بين مختلف القوى السياسية وتقديم حلول عملية للتحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجه فرنسا.
كما علق أحد النواب من اليمين الجمهوري للصحيفة الفرنسية: "لقد نجح في الحفاظ على القاعدة المشتركة، والآن عليه أن ينقذ نفسه!"، في إشارة إلى التحديات الكبيرة التي تنتظر الحكومة الجديدة في الأسابيع والأشهر المقبلة.