يبدو أن الذكاء الاصطناعي يغير الاقتصاد، ولكن ليس بالطريقة التي يفترضها معظم الناس. حيث تنفق شركات التكنولوجيا الكبرى بمعدلات غير مسبوقة؛ ما أدى إلى ازدهار الشركات التي تسارع إلى تسهيل بناء الذكاء الاصطناعي.
ولأن الذكاء الاصطناعي، كصناعة، يحتاج إلى المرافق والآلات والطاقة، فإن كل ذلك بدوره أدى إلى تغذية أوجه الإنفاق الجديدة المتعلقة به، والتي تشمل العقارات ومواد البناء وأشباه الموصلات والطاقة.
ووفق تقرير لموقع "أكسيوس"، شهد مزودو الطاقة ازدهارًا هائلًا على وجه الخصوص، لأن مراكز البيانات تتطلب قدرًا من الطاقة يعادل ما تحتاجه مدينة صغيرة.
ونقل التقرير عن ستيفان فيلدجويز، الرئيس المشارك لعمليات الدمج والاستحواذ في مؤسسة "جولدمان ساكس": تحدث بعض أعظم التحولات في التاريخ في صناعات معينة. لديك هذا التقارب الكامل بين التكنولوجيا وأشباه الموصلات ومراكز البيانات والحواسيب الضخمة ومنتجي الطاقة.
الإنفاق الرأسمالي
بينما تتنافس شركات التكنولوجيا على الموظفين ذوي الأجور المرتفعة وتنفق بحرية على الأبحاث، تميل الشركات التي تسعى إلى النمو السريع في السوق الناشئة إلى الإنفاق عادة على عمليات الاستحواذ.
ولكن العنصر الرئيسي للنمو في سباق التسلح في مجال الذكاء الاصطناعي حتى الآن هو "الإنفاق الرأسمالي"، أو "capex" ، وهو مصطلح محاسبي قديم يشير إلى ما تنفقه الشركة على الأصول المادية مثل المصانع والمعدات.
ويلفت التقرير إلى أنه في عصر الذكاء الاصطناعي، أصبح الإنفاق الرأسمالي يشير إلى ما تنفقه الشركة على مراكز البيانات والمكونات اللازمة لها.
وهذا العام، زادت أكبر الشركات في مجال التكنولوجيا من إنفاقها الرأسمالي بعشرات المليارات من الدولارات، ولا تظهر أي علامات على التراجع في عام 2025.
ويؤكد "أكسيوس" أن ثراء رأس المال الاستثماري لنمو مراكز البيانات منفصل عن الإنفاق على البحث والتطوير الذي تنفقه الشركات على الرقائق والتكنولوجيا الجديدة في مجال الذكاء الاصطناعي.
استثمار المستقبل
الشهر الماضي، في مؤتمر "جولدمان ساكس" للشركات الخاصة المبتكرة، الذي عقد في لاس فيجاس، قدم المصرفيون تساؤلا بالنسبة لشركات التكنولوجيا الكبرى: "هل يعتبر الإنفاق الرأسمالي هو عمليات الدمج والاستحواذ الجديدة؟"
يقول التقرير: "إذا كانت الإجابة بنعم، فإن القلق يكمن في فشل الإنفاق على مراكز البيانات في تحقيق عوائد استثمارية مستقبلية. وهذا ما سوف يتضح في المستقبل. كما أن هناك إمكانية للاستحواذ في المستقبل عندما يخف الإنفاق الرأسمالي".
وفي الوقت الحالي، يعتقد أحد المحللين في "جولدمان ساكس" أن بناء مركز البيانات في مرحلته الأولى، ومن المتوقع أن تكون هناك عمليات اندماج واستحواذ على نطاق أوسع في المرحلة الثانية.
يقول: "عندما يظهر الفائزون، فإنهم سيبدؤون في توحيد صفوفهم".
ورغم أن الثروات التي يتم إنفاقها اليوم على مراكز البيانات للذكاء الاصطناعي مذهلة، إلا أن قادة التكنولوجيا قلقون في الواقع بشأن إنفاق القليل جدًا.
ففي أغسطس الماضي، قال الرئيس التنفيذي لشركة "جوجل"، سوندار بيتشاي، للمحللين: "عندما تمر بمنحنى مثل هذا، فإن خطر الاستثمار غير الكافي يكون أكبر بشكل كبير من خطر الاستثمار المفرط بالنسبة لنا هنا".
لذلك، يشر التقرير إلى أن الرؤساء التنفيذيين لشركات التكنولوجيا "ينظرون إلى استثماراتهم في مراكز البيانات باعتبارها رهانات متعددة الأغراض على المستقبل".
كما أنه "إذا انفجرت فقاعة الذكاء الاصطناعي، يمكن بسهولة تشغيل مركز البيانات لتغذية الموجة الكبيرة التالية في مجال التكنولوجيا".