الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

هجرة عالية المخاطر.. صينيون يحاولون الوصول إلى أستراليا عبر إندونيسيا

  • مشاركة :
post-title
هجرة آلاف الصينيين بطرق غير تقليدية وخطيرة

القاهرة الإخبارية - أحمد صوان

كشفت صحيفة "الجارديان" البريطانية، عن طريق جديد للهجرة من الصين عبر الأرخبيل الإندونيسي عبر قوارب متجهة إلى أستراليا، وصفته بأنه "عالي المخاطر"؛ حيث رصدت عدد متزايد من الصينيين المهاجرين.

ووفق التقرير، أصبحت هذه الظاهرة محل مناقشة واسعة النطاق على الإنترنت حتى أنها تحمل لقبها الخاص "فلسفة الركض"، وهو مصطلح مشفر للهجرة.

وبينما ينتقل بعض الصينيين بسهولة إلى أماكن أخرى بتأشيرات دراسية أو تجارية، فيلتحقون بمجتمعات الشتات المتنامية في أماكن مثل اليابان أو تايلاند، لكن عشرات الآلاف الآخرين الذين لا يتأهلون أو لا يملكون الموارد اللازمة لمثل هذه المسارات يفرون بطرق غير تقليدية وخطيرة في كثير من الأحيان، والمعروفة باسم "زوسيان"، أو "السير على الخط".

لكن، من بين أكبر الأسئلة المطروحة حول هذا المسار الجديد الواضح للهجرة من الصين هو لماذا يعتقد المهاجرون أن الهروب عبره أمر جيد أو آمن؛ رغم أن أستراليا لأكثر من عقد من الزمان، رفضت إعادة توطين أي طالبي لجوء يصلون بالقوارب، وبدلاً من ذلك أرسلتهم إلى "مراكز معالجة قاسية في الخارج" في "ناورو" و"بابوا غينيا الجديدة"؛ وفق التقرير.

الهروب القاسي

وفق "الجارديان"، لم يتضح عدد الذين حاولوا الوصول إلى أستراليا، لكن تم الإبلاغ عن حالات تتعلق بالمهاجرين الصينيين بشكل متقطع منذ عام 2020 على الأقل.

وفي مارس 2024، أفادت وسائل إعلام أسترالية أن 15 صينيا سافروا إلى بالي بتأشيرات سياحية، ثم ذهبوا إلى "كوبانج" وتم الإبلاغ عنهم للشرطة بعد أن سألوا الصيادين عن كيفية الوصول إلى أستراليا.

وفي أبريل، سارت مجموعة من عشرة صينيين إلى قاعدة جوية أسترالية في شمال غرب أستراليا، مطالبين باللجوء بعد سفرهم من إندونيسيا. وفي مايو، وردت تقارير عن عودة اثنين منهم في البحر بالقرب من داروين.

وفي أواخر الشهر الماضي، وردت تقارير عن هبوط مجموعة من تسعة صينيين بالقرب من شبه جزيرة "كوبورج" في "أرنهيم لاند"؛ وجاء ذلك بعد أسابيع فقط من العثور على أربعة رجال صينيين في جزيرة "كروكر" القريبة.

ويلفت التقرير إلى أن الحكومة الأسترالية تتسم بالسرية الشديدة فيما يتعلق بسياساتها المثيرة للجدل تجاه المهاجرين غير الشرعيين "حيث ترفض مناقشة المسائل المتعلقة بالمياه"، حسب "الجارديان".

وذكر تقرير سنوي لعام 2023-2024 أنه "لم تكن هناك أي مشاريع ناجحة لتهريب البشر عبر البحر"، ما يشير إلى أن جميع المحاولات المعروفة تم اعتراضها أو القبض على ركابها عند وصولهم.

تقول "الجارديان": بالنسبة للمهاجرين الصينيين، تعني السياسة التي تمارسها أستراليا أن وصولهم بنجاح وطلب اللجوء يمنعهم تلقائيًا من البقاء. لكن البديل، وهو التسلل إلى هناك للعيش حياة غير شرعية، يبدو مستحيلًا. فمعظم نقاط الوصول تقع في أكثر المناطق النائية في أستراليا، حيث المناخ القاسي والحيوانات الخطرة، والمئات من الكيلومترات إلى أقرب بلدة أو مدينة.

وبشكل عام، قالت قوة الحدود الأسترالية للصحيفة البريطانية إن سياساتها الصارمة تظهر أن كانبيرا "لن تتسامح مع استهداف أستراليا من قبل مهربي البشر المجرمين"، الذين قالت إنهم "يبيعون الأمل الكاذب للأشخاص الضعفاء لتحقيق مكاسب مالية".

في المقابل، لا تنشر الصين إحصاءات عن الأشخاص الذين يغادرون البلاد، لكن وكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة ـسجلت 137143 طالب لجوء من الصين في عام 2023 -وهو خمسة أمثال العدد المسجل قبل عقد من الزمن- وبحلول يوليو من هذا العام ارتفع العدد إلى 176239.

طرق مزدحمة

حسب التقرير، يتجه أغلب هؤلاء المهاجرين إلى الولايات المتحدة، في رحلة شاقة من أمريكا الجنوبية عبر الغابات في منطقة داريان جاب. وفي سبتمبر، كشفت "الجارديان" عن أن عددًا صغيرًا -ولكنه متزايد- من المهاجرين يسافرون جوًا إلى البلقان بحثًا عن مهربين يأخذونهم إلى ألمانيا. والآن تم الكشف عن طريق هروب آخر محفوف بالمخاطر.

تقول "الجارديان": هذه الأعداد لا تشكل سوى قطرة في المحيط، مقارنة بأعداد طالبي اللجوء الفارين من الصراعات والحرمان في مختلف أنحاء العالم. يسلك هؤلاء المهاجرون الصينيون في إندونيسيا نفس المسار الذي سلكه الفارون من بلدان مزقتها الحروب مثل أفغانستان وميانمار.

وقال بعض المهاجرين الصينيين في الولايات المتحدة وأوروبا، إن القيود المشددة على الحريات السياسية والدينية والاجتماعية دفعتهم إلى الفرار؛ بينما أشار آخرون إلى سياسات الصحة العامة الخانقة أثناء الوباء، والركود الاقتصادي، وأزمة الإسكان، وأزمة البطالة بين الشباب التي أعقبت ذلك.

بالنسبة للصينيين الذين يخوضون تجربة الهجرة السرية، تبدأ رحلتهم على منصة التواصل الاجتماعي Douyin، والتي أصبحت قناة شائعة لتجنيد المهاجرين، حيث يصرح البعض علنًا أنهم يريدون تهريب أنفسهم إلى أستراليا.

أما المعلومات الخاصة بالهروب عادة ما يتم تبادلها في مثل هذه المجموعات، باستخدام لغة مشفرة لمحاولة تجنب الرقابة الصارمة والمراقبة الرقمية في الصين.

ويصل المسافرون الصينيون إلى أماكن مثل "بالي" و"جاكرتا" و"سولاويزي" باستخدام تأشيرات سياحية عند الوصول، أو إلى الدول المجاورة مثل تيمور الشرقية وبروناي وماليزيا؛ ثم يشقون طريقهم عبر الحدود المختلفة لمقابلة المهربين من أجل الرحلة النهائية إلى أستراليا.

وحسب التقرير، تنطلق القوارب غالبًا من شاطئ خاص في "كوبانج"، أو من جزيرة "روتي" حيث يتم تجنيد أفراد الطاقم منذ فترة طويلة من قرى الصيد. تخرج بعض القوارب عبر "مولوت سيريبو" -وهي شبكة من الجزر -وغابات المانجروف التي تخلق طرق خروج لا حصر لها للتهرب من السلطات.

وقال آخرون إن القوارب تنطلق أيضًا من الساحل الجنوبي المتناثر بين "كوبانج" وتيمور الشرقية، بما في ذلك منطقة "كولبانو" الصغيرة، حيث الطريق إلى تيمور الشرقية مزدحم بالذين يبحثون عن قوارب المهربين.