يسعى السوريون الآن لبناء دولة جديدة، ويرى الخبراء والمحللون أن الطريق إلى هذا الحلم يمر عبر واشنطن، من خلال إلغاء العقوبات الأمريكية المفروضة على الاقتصاد السوري.
وتعود العقوبات الاقتصادية الأمريكية على سوريا إلى عام 1979، إلا أنها اشتدت في عام 2011، وفقًا لموقع "The Intercept"، حيث أدت سلسلة من الأوامر إلى تقييد معظم التجارة المتبقية بين سوريا والولايات المتحدة.
عقوبات مدمرة
في عام 2019، أقر الكونجرس الأمريكي"قانون قيصر"، الذي وسّع بشكل كبير قدرة الولايات المتحدة على فرض عقوبات على الأفراد والشركات والحكومات التي تمارس أعمالًا تجارية مع نظام الأسد.
ونتيجة لهذه العقوبات، التي استهدفت قطاعات كاملة من الاقتصاد وجميع البنوك الكبرى في الدولة، هبطت قيمة العملة السورية وارتفعت معدلات التضخم بشكل كبير، ما أدى إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية والاقتصادية على الأرض.
سحب البساط
ومع سقوط نظام بشار الأسد، تزايدت دعوات المدافعين عن حقوق الإنسان والخبراء والمشرعين في الولايات المتحدة لإنهاء العقوبات كخطوة ضرورية لبدء إعادة الإعمار، وللسماح بوصول المساعدات إلى السكان في البلاد.
وأكد المحللون في مركز دراسات الأزمات الدولية أن عدم التفكير في تخفيف العقوبات على الاقتصاد السوري يشبه سحب البساط من تحت أقدام سوريا في وقت تحاول فيه الوقوف على قدميها.
لفتة طيبة
أثرت العقوبات الأمريكية بشدة على الاقتصاد السوري، حيث أصبحت سوريا واحدة من أكثر الدول الخاضعة لعقوبات قاسية في العالم. وقال روبرت فورد، السفير الأمريكي السابق لدى سوريا في عهد الرئيس باراك أوباما، "على الرغم من أننا لا نعرف بشكل دقيق مستقبل سوريا، فإن إلغاء بعض العقوبات المفروضة، خاصة تلك التي تستهدف قطاع البناء، قد يكون لفتة طيبة للغاية".
آثار سلبية
رغم أن قانون قيصر صُمم لتخفيف الضرر المحتمل على المدنيين السوريين، إلا أن الأمم المتحدة أكدت أن له آثارًا سلبية كبيرة. وقال السفير فورد إن الادعاء بأن العقوبات لم تؤثر على المدنيين بفضل قانون قيصر "غير مثبت"، مشيرًا إلى أن تأخير مشاريع البناء يعني نقص المساكن، وبالتالي نقص الوظائف والأجور.
ارتفاع الأسعار
جهود الولايات المتحدة لمنع تسليم منتجات الطاقة للنظام السوري، ساهمت في ارتفاع أسعار الطاقة بشكل كبير، ما أثر على السوريين. كما أن المخاطر القانونية دفعت معظم الكيانات إلى التردد في ممارسة الأعمال الإنسانية.
ووفقًا لبرنامج الغذاء العالمي، ارتفعت أسعار المواد الغذائية الأساسية في سوريا بنسبة 800%، فيما تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن 16.7 مليون شخص في سوريا بحاجة إلى مساعدات إنسانية، أي أكثر من 70% من السكان، ونصفهم تقريبًا من الأطفال.
إعفاءات بايدن
ويمكن للرئيس الأمريكي جو بايدن التنازل عن بعض العقوبات، وهو ما دفع عددًا من المشرعين في الكونجرس إلى كتابة رسالة للبيت الأبيض يحثون فيها الإدارة على تخفيف العقوبات المفروضة على سوريا. ودعا المشرعون إلى إبقاء العقوبات على المسؤولين السابقين في حكومة الأسد، مع تعليق أجزاء أخرى من قانون قيصر، خاصةً التي تعرقل إعادة الإعمار.
عملية سياسية
في أحدث التحركات الأمريكية بشأن سوريا، قال وزير الخارجية، أنتوني بلينكن، إن الولايات المتحدة أجرت اتصالات مباشرة مع هيئة تحرير الشام، وأكد أن أمريكا تسعى لدولة تضم جميع مكونات الشعب السوري. وأضاف أن هناك اتفاقًا على عملية سياسية يقودها السوريون لتشكيل حكومة شاملة، مشيرًا إلى أن أمريكا على اتصال مع مختلف الأطراف لمتابعة الانتقال السياسي في سوريا.