الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

عام من التنسيق.. كيف أنشأت الفصائل السورية "غرفة الحرب"؟

  • مشاركة :
post-title
أكد الحموي أنهم بدأوا التخطيط للهجوم في "عملية شديدة الانضباط"

القاهرة الإخبارية - أحمد صوان

في أول مقابلة له مع وسائل إعلام أجنبية منذ نهاية حكم نظام الرئيس السوري بشار الأسد، تحدث أبو حسن الحموي، قائد الجناح العسكري لـ"هيئة تحرير الشام"، عن كيفية تواصل مجموعته -التي كانت متمركزة في شمال غرب البلاد- مع الفصائل في الجنوب لإنشاء "غرفة حرب موحدة"، بهدف تطويق دمشق في نهاية المطاف من كلا الاتجاهين.

وأكد "الحموي" أنَّهم بدأوا التخطيط للهجوم الذي أطاح بالنظام السابق قبل عام، في "عملية شديدة الانضباط"، تم خلالها نشر وحدة جديدة من الطائرات بدون طيار، مع التنسيق وثيق بين جماعات المعارضة في جميع أنحاء البلاد.

وأضاف لصحيفة "ذا جارديان" البريطانية أنه على الرغم من أن التخطيط لعملية الإطاحة بالأسد، والتي أُطلق عليها "ردع العدوان"، بدأ قبل عام، إلا أن المجموعة كانت تستعد لسنوات.

وأكد القائد العسكري لـ"هيئة تحرير الشام" أنّه منذ عام 2019، عملوا على تطوير عقيدة عسكرية لتحويل المقاتلين القادمين من جماعات المعارضة المتفرقة وغير المنظمة إلى قوة قتالية منضبطة.

وقال الحموي (40 عامًا)، الذي أشرف على الجناح العسكري لمدة خمس سنوات، خلال المقابلة التي أُجريت في جبلة، معقل النظام السابق: "بعد الحملة الأخيرة في أغسطس 2019، والتي خسرنا خلالها مساحات كبيرة من الأراضي، أدركت جميع الفصائل الخطر، وكانت المشكلة الأساسية هي غياب القيادة الموحدة والسيطرة على المعركة".

أبو الحسن الحموي قائد الجناح العسكري لـ "هيئة تحرير الشام"
توحيد الجهود

في عام 2019، شنَّ النظام السوري عملية ضد فصائل المعارضة في شمال غربي البلاد، ونجح في دفع الفصائل المرتبطة بشكل فضفاض إلى محافظة إدلب.

وبعد معركة أخيرة، تفاوضت بعدها تركيا على وقف إطلاق النار نيابة عن قوات المعارضة في ربيع عام 2020، اقتصر وجود الفصائل على جيب صغير من الأرض في شمال غربي سوريا، حيث ظلوا في حالة جمود مع قوات النظام حتى هذا الشهر.

ومع توحيد القيادة السياسية ببطء، شرع "الحموي" في العمل على تدريب مقاتلي المجموعة وتطوير عقيدة عسكرية شاملة، ونقلت عنه "ذا جارديان": "درسنا العدو بشكل معمق، وحللنا تكتيكاته ليلًا ونهارًا، واستخدمنا هذه المعلومات لتطوير قواتنا".

هكذا تحولت الفصائل السورية ببطء، إلى قوة قتالية منضبطة، إذ تم إنشاء فروع عسكرية ووحدات وقوات أمنية، كما بدأت "هيئة تحرير الشام" في إنتاج أسلحتها ومركباتها وذخائرها بنفسها.

ونظراً لتفوق نظام الأسد، الذي كان يمتلك قوات جوية ودعمًا من روسيا وإيران، أدركت الفصائل السورية أنها بحاجة إلى تحقيق أقصى استفادة من الموارد المحدودة. لذلك، تم إنشاء وحدة طائرات بدون طيار تضم مهندسين وميكانيكيين وكيميائيين.

وقال الحموي: "حددنا أهدافًا واضحة، كنَّا بحاجة إلى طائرات استطلاع وطائرات هجومية وطائرات انتحارية، مع التركيز على المدى والقدرة على التحمل"، مضيفًا أن إنتاج الطائرات بدون طيار بدأ في عام 2019.

بعد سقوط حلب.. بدا تقدم الفصائل في الشمال وكأنه لا يمكن إيقافه
غرفة الحرب

كان أحدث إصدار من طائرات هيئة تحرير الشام بدون طيار نموذجًا جديدًا من المسيّرات الانتحارية، والذي أطلق عليه الحموي اسم "شاهين"، تيمنًا بدقتها وقوتها.

وتم نشر المُسيّرة "شاهين" لأول مرة ضد قوات النظام هذا الشهر، وكانت فعّالة للغاية. تم تعطيل المركبات العسكرية المدفعية بواسطة الطائرات الرخيصة ولكن الفعالة.

في الوقت نفسه، أرسلت "هيئة تحرير الشام" رسائل إلى الفصائل في الجنوب قبل عام، وبدأت في تقديم المشورة لهم حول كيفية إنشاء غرفة حرب موحدة.

وبينما كان جنوب سوريا تحت سيطرة النظام منذ عام 2018، وعلى الرغم من القتال المتقطع، أُجبرت الفصائل المسلحة على الاختباء. لكن جزءًا كبيرًا من القيادة العسكرية للمعارضة الجنوبية حافظوا على الاتصال بمجموعاتهم الخاصة.

وبمساعدة "هيئة تحرير الشام"، تم تأسيس غرفة عمليات تضم قادة نحو 25 فصيلًا مسلح في الجنوب، حيث يتولى كل منهم تنسيق تحركات مقاتليه مع بعضهم البعض ومع "هيئة تحرير الشام" في الشمال.

وكان الهدف أن تقترب "هيئة تحرير الشام" وحلفاؤها من الشمال وغرفة العمليات الجنوبية من الجنوب، حيث تجتمع كلتاهما في العاصمة.

في أواخر شهر نوفمبر، قررت الفصائل أن الوقت أصبح مناسبًا للتحرك، فقد كانوا يريدون وقف عودة العلاقات الإقليمية والدولية مع نظام الأسد بعد سنوات من العزلة الدبلوماسية كما أنَّ حلفاء الأسد الدوليين -روسيا وإيران- منشغلون، ما خلق فرصة استراتيجية.

في أواخر شهر نوفمبر قررت الفصائل أن الوقت أصبح مناسبًا للتحرك
نهاية النظام

في التاسع والعشرين من نوفمبر، بدأت "هيئة تحرير الشام" العملية، فدخلت حلب، حيث حاول مقاتلو حزب الله الدفاع عن المدينة، لكنهم سرعان ما تراجعوا.

وكان السقوط السريع للمدينة، ثاني أكبر مدينة في سوريا، والتي استغرق نظام الأسد أربع سنوات لانتزاعها من قبضة الفصائل في عام 2016، بمثابة صدمة.

ونقلت "ذا جارديان" عن الحموي: "كنا على قناعة راسخة، مدعومة بسوابق تاريخية، بأن دمشق لا يمكن أن تسقط إلا بسقوط حلب.. وكانت قوتنا متركزة في الشمال، وكنا نعتقد أنه بمجرد تحرير حلب يمكننا التحرك جنوبًا نحو دمشق".

بعد سقوط حلب، بدا تقدم الفصائل في الشمال وكأنه لا يمكن إيقافه، وبعد أربعة أيام، استولى المعارضون على حماة، وفي 7 ديسمبر، بدأت الفصائل المتحالفة هجومها على حمص، حيث استولوا على المدينة في غضون ساعات.

وكان من المفترض أن ينتظر المقاتلون في الجنوب حتى سقوط حمص لبدء تحركهم في الجنوب، وفقًا لأبو حمزة، أحد قادة غرفة عمليات تحرير دمشق، ولكن بدافع الإثارة، بدأوا في وقت سابق، وتمكن المقاتلون بسرعة من دفع الجيش السوري خارج درعا، ووصلوا إلى دمشق قبل أن تصل إليها هيئة تحرير الشام.