وسط أصداء سقوط تماثيل النظام السوري السابق، والتصفيق لتحرير السجناء، ترتفع الآمال وتزداد المخاوف. فهل ما يُبشر به زوال بشار الأسد سيكون بداية لعصر جديد؟ أم أن الكابوس المستمر في سوريا سيعيد نفسه، بأقنعة جديدة وأزمات متجددة؟ هذا ما استعرضه الكاتب دانييل بايمان، الباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في مقاله المنشور بصحيفة "نيويورك تايمز".
وألقى "بايمان" الضوء على التحديات التي تواجه سوريا بعد سقوط النظام، في ظل تعقيد المشهد السياسي، والمخاطر المحدقة داخليًا وخارجيًا.
إرث الأسد
على مدى 13 عامًا من الحرب الأهلية، تحوّلت سوريا إلى ساحة للحرب ما جعل الحياة خطرة وبائسة للسوريين العاديين، فبين معاناة المعارضين من قمع النظام وبين بؤس الحياة اليومية، فقد مثل سقوط الأسد نقطة فاصلة، إلا أن هذا السقوط لا يخلو من التداعيات، إذ يشير الكاتب إلى خطورة ما يلي هذا التحول، كما حدث في تجارب دول أخرى كالعراق وأفغانستان.
هيئة تحرير الشام
يتناول بايمان دور القوة المعارضة الرئيسية التي لعبت دورًا حاسمًا في إسقاط نظام الأسد. فإن ماضي المعارضة يثير تساؤلات حول نواياها المستقبلية.
ينتقل المقال إلى استعراض التحديات الاجتماعية في سوريا ما بعد الأسد، ورغم تطمينات الفصائل المعارضة للأقليات الدينية، فإن أفعال هيئة تحرير الشام في المناطق التي تسيطر عليها، تثير القلق. فالسؤال يبقى حول مدى قدرتها على تحقيق التعايش بين مكونات المجتمع السوري المختلفة.
مستقبل غامض
يشير الكاتب إلى تقاعس المجتمع الدولي في تقديم الدعم الإنساني للسوريين، إذ تستهلك الأزمات العالمية، كالحرب في أوكرانيا وغزة، موارد الدول الكبرى.
ويخلص المقال إلى أن سوريا تواجه مستقبلًا غير واضح المعالم. فالسلطة ما بعد الأسد تتنازعها أطراف متعددة، ما يفتح الباب أمام احتمالات الانتقام، وزيادة الانقسام، وانهيار النظام الإنساني.
ويرى الكاتب أن الجهود الأمريكية والدبلوماسية الدولية قد تخفف من وطأة الأزمات، لكنها لن تحلها بالكامل. ومع ذلك، فإن الأمل في بناء سوريا جديدة لا يزال قائمًا، رغم تعقيد المشهد وإرث الماضي الثقيل.
ولا تزال المأساة السورية تتجلى في صراعها المستمر من أجل مستقبل أفضل. وكما يقول دانييل بايمان: "الأمل ليس سياسة"، فإن على المجتمع الدولي أن يدرك أن معالجة الأزمات لا تأتي بالأمنيات، بل بتكثيف الجهود والعمل على دعم الشعب السوري في محنته الطويلة.