وسط هدوء المحيطات الظاهري، قد تأتي لحظة تمزق فيها الأرض استقرارها لتطلق سلسلة من الأمواج المدمرة، هذه الظاهرة، المعروفة باسم "تسونامي"، ليست مجرد حركة مائية عابرة، بل قوة طبيعية هائلة تروي قصصًا من الكوارث والمآسي التي تركت آثارًا لا تُمحى على البشر والطبيعة.
واستعرض تقرير نشرته وكالة "أسوشيتد برس"، أحد أحدث التحذيرات من تسونامي على الساحل الغربي للولايات المتحدة، وغاص في تفاصيل هذه الظاهرة وأبرز أحداثها التاريخية.
ما هو تسونامي؟
ضرب زلزال قوي شمال كاليفورنيا أمس الخميس، ما أثار تحذيرًا مؤقتًا من حدوث تسونامي امتد تأثيره إلى نحو 5 ملايين شخص، من شمال كاليفورنيا حتى أوريجون، ورغم إلغاء التحذير لاحقًا، إلا أن الخطر الدائم لهذه الأمواج يثير تساؤلات حول مسبباتها وتأثيراتها.
يُشتق مصطلح "تسونامي" من اليابانية، وتعني "موجة الميناء"، وهو سلسلة من الأمواج الطويلة التي تنتج عن اضطراب مفاجئ في المحيط، غالبًا بسبب زلازل في مناطق الاندساس التكتونية والصفائح التكتونية، وهي "قطع ضخمة من قشرة الأرض".
ووفقًا للإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA)، تحدث أكبر موجات تسونامي عند اصطدام الصفائح التكتونية ما يؤدي إلى ارتفاع أو هبوط مفاجئ في قاع المحيط، وهذا التغير الرأسي يولِّد طاقة هائلة تنتقل عبر الماء، ما يخلق أمواجًا تنتشر في جميع الاتجاهات بسرعات تصل إلى 800 كيلومتر في الساعة.
موجات الموت تضرب الشواطئ
عندما تصل موجات تسونامي إلى اليابسة تتحول سرعتها إلى قوة هائلة، ما يتسبب في فيضانات مدمرة، قد تستمر آثارها لساعات أو حتى أيام، مع تيارات قوية قادرة على اجتياح المدن والقضاء على كل ما يقف في طريقها.
ووصفت هيئة الأرصاد الجوية الأمريكية "تسونامي" بأنه "أحد أقوى القوى الطبيعية وأكثرها تدميرًا".
إحصائيات متكررة ومناطق خطرة
وتحدث موجات تسونامي كبيرة مرتين سنويًا على مستوى العالم، بينما تسجل حالات أكثر خطورة تمتد عبر المحيطات كل عقد تقريبًا، وفقًا لقاعدة بيانات تسونامي التاريخية العالمية.
تعد منطقة المحيط الهادئ الأكثر عرضة لهذه الظاهرة، إذ سجلت نحو 78% من أحداث تسونامي بين عامي 1900 و2015، ومن بين الدول الأكثر تأثرًا تبرز اليابان وروسيا وإندونيسيا باعتبارها مناطق ذات تاريخ طويل من الكوارث المرتبطة بتسونامي.
أبرز موجات تسونامي في التاريخ
تسونامي المحيط الهندي (2004): تسبب زلزال بقوة 9.1 درجة قبالة سواحل سومطرة الإندونيسية في تسونامي بلغ ارتفاعه 51 مترًا، أدى إلى وفاة نحو 230 ألف شخص في عدة دول، مخلفًا دمارًا هائلًا.
تسونامي اليابان (2011)
ضرب زلزال بقوة 9.1 درجة السواحل اليابانية، وأحدث تسونامي بارتفاع 39 مترًا، وخلفت الكارثة نحو 18 ألف قتيل، إلى جانب حادث مروع في محطة للطاقة النووية.
نظرة إلى المستقبل
رغم التطورات التكنولوجية التي ساعدت على تحسين نظم الإنذار المبكر، يبقى تسونامي تحديًا طبيعيًا هائلًا، ويشكل فهم طبيعته وآليات حدوثه الخطوة الأولى نحو تقليل خسائره المدمرة. ومع استمرار البحث، تظل المحيطات شاهدة على قوة الأرض وجمالها وغضبها.