حذر الخبراء من حدوث "تسونامي فضي" مع تعرض سكان الولايات المتحدة لتحول ديموغرافي ضخم في المستقبل القريب، وفق ما ذكرت مجلة "نيوزويك" الأمريكية.
وحسب المجلة، يتقدم سكان الولايات المتحدة في السن، وتشير النتائج الأخيرة التي توصل إليها مكتب المراجعة السكاني الأمريكي، إلى أنه بحلول عام 2035، سيفوق عدد كبار السن عدد الأطفال، وهو الأول من نوعه في تاريخ الولايات المتحدة.
وذكرت المجلة عن الخبراء، أن التغييرات القادمة يمكن أن تؤدي إلى عدد من المشكلات، مع زيادة الطلب على خدمات الرعاية الصحية والقوى العاملة والاقتصاد بشكل عام، لكن الأمر لا يقتصر على الجانب السلبي للظاهرة المتمثل في الكآبة والهلاك، ولكن قد تنشأ فرص أيضًا.
وأصبح سكان الولايات المتحدة أكبر سنًا بالفعل من أي وقت مضى، وفقًا لمكتب المراجعة السكاني.
وعلاوة على ذلك، من المتوقع أن يرتفع عدد الأمريكيين الذين تبلغ أعمارهم 65 عامًا فما فوق من 58 مليونًا في عام 2022 إلى 82 مليونًا بحلول عام 2050، بزيادة قدرها 47%، ومن المتوقع أن ترتفع حصة الفئة العمرية 65 عامًا فما فوق من إجمالي السكان من 17% إلى 23%، وفقًا لمكتب المراجعة السكاني.
وتشير "نيوزويك" إلى أن الولايات المتحدة ليست الدولة الوحيدة التي تعاني شيخوخة السكان، بل هناك الصين، إذ كشف المكتب الوطني للإحصاء في يناير 2023، عن انخفاض عدد سكان البلاد للمرة الأولى منذ عقود، إذ انخفض بنحو 850 ألف نسمة في عام 2022.
وفي اليابان، تشير التوقعات في وقت سابق من هذا العام إلى أن عدد سكانها قد ينخفض بنحو 30% إلى 87 مليون نسمة بحلول عام 2070، ويشكل كبار السن الذين تبلغ أعمارهم 65 عامًا أو أكثر 40% من السكان.
وترى "نيوزويك" أن هناك تحولًا لا يختلف عن هذه التحولات في الطريق بالنسبة لأمريكا، ونقلت المجلة عن باتريك ميش، الرئيس التنفيذي لإحدى الشركات المعنية بالعمل الاجتماعي، إن التحول الديموغرافي الوشيك، الذي سيفوق فيه عدد كبار السن في الولايات المتحدة عدد الأطفال لأول مرة بالتاريخ، يمثل تحديات وفرصًا مجتمعية واقتصادية كبيرة.
ويتوقع "ميش" أن يؤثر هذا التحول، الذي يطلق عليه غالبًا "التسونامي الفضي"، على جوانب متعددة من المجتمع بشكل عميق.
واستفسرت "نيوزويك" من الخبراء حول التحول القادم الذي أثار مجالين رئيسيين للقلق، الاقتصاد ورفاهية الأمريكيين الأكبر سنًا، وقال الخبراء: "غالبًا ما يُوصف العيش لفترة أطول على أنه نعمة، فالحياة الطويلة والغنية والمحظوظة هي امتياز لا يُمنح للجميع، لكن هذا لا يعني أن الأمر لا يخلو من التحديات، بالنسبة للفرد والمجتمع ككل".
وقالت كايلي ماير، الأستاذة المساعدة في جامعة كيس ويسترن ريزيرف في أوهايو: "بصفتي أخصائية في أمراض الشيخوخة، هناك شيئان يثيران قلقي أكثر في مجتمع يفوق فيه عدد كبار السن عدد الشباب".
وأوضحت ماير، أن "المشهد المليء بالتحديات بالفعل في صناعة رعاية المسنين من المرجح أن يزداد سوءًا ما لم يتم اتخاذ إجراءات، والقضية الرئيسية هي عدم توفر مقدمي رعاية رسميين وعائليين لكبار السن الذين يعانون من أمراض مزمنة".
وأضافت: "يظل عدد أكبر من كبار السن دون رعاية، أو يتعرض أفراد الأسرة الأصغر سنًا لضغوط مالية أكبر لمساعدة أقاربهم الأكبر سنًا".
ولفتت "ماير" إلى أن الولايات المتحدة ليست في وضع يسمح لها بمساعدة الأفراد ماليًا في تكاليف الرعاية الصحية، وقالت إن "أنظمة مزايا الضمان الاجتماعي والرعاية الطبية غير مستعدة لهذا التغيير".
ويقدر مكتب المراجعة السكانية، أن نفقات الضمان الاجتماعي والرعاية الطبية سترتفع من 9.1% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2023، إلى 11.5% بحلول 2035، بسبب النسبة الكبيرة من كبار السن بين السكان.
وأوضح ميش، أنه "مع تقدم عمر السكان، سيزداد الطلب على خدمات الرعاية الصحية بشكل كبير، لا سيما تلك المتعلقة بالحالات المرتبطة بالعمر مثل الخرف والتهاب المفاصل وأمراض القلب والسرطان".
وقال ميش: إن ذلك "سيتطلب توسعًا كبيرًا في البنية التحتية وخدمات الرعاية الصحية، بما في ذلك المزيد من مرافق الرعاية المتخصصة وخدمات الرعاية، وكل ذلك سيؤثر على الاقتصاد الوطني".