الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

ساعتان و48 دقيقة من الفوضى.. كيف خسر رئيس كوريا الجنوبية؟

  • مشاركة :
post-title
صوت نواب الحزب الحاكم والمعارضة لصالح قرار يدعو الرئيس إلى سحب الأحكام العرفية

القاهرة الإخبارية - أحمد صوان

في ليلة مميزة في كوريا الجنوبية، التي تعتبر ديمقراطية مستقرة وحليفًا إقليميًا رئيسيًا للغرب، خرجت البلاد عن هدوئها المعتاد، عندما ألقى الرئيس يون سوك يول خطابًا مفاجئًا عبر التلفزيون، أدى إلى إغراق البلاد في حالة من الفوضى، بعدما أصبحت كوريا الجنوبية "تحت حكم الجيش".

وقال الرجل البالغ من العمر 63 عامًا، وهو ينظر إلى البيان أمامه: "بصفتي رئيسًا لجمهورية كوريا، أناشد الأمة بقلب ينزف"؛ مُلقيًا باللوم على كوريا الشمالية، و"وكر المجرمين" (كما وصف الجمعية الوطنية في بلاده) التي قال إنها تحولت إلى "وحش يدمر النظام الديمقراطي الليبرالي"، وزعم أن كوريا الجنوبية "قد تنهار في أي لحظة.

وأكد "يون"، الذي كان يواجه احتمال عزله بسبب سلسلة من فضائح الفساد، للبلاد أنه "قادم لإنقاذها من المعارضة المزعجة التي تحاول إسقاطه"؛ متوقعًا أن يؤدي الإعلان إلى الهدوء والاستقرار، لكنه أصيب بصدمة أخرى"، حسب تعبير صحيفة "التليجراف" البريطانية.

وفيما لا يزال غير واضح ما سيحدث بعد ذلك في سول، أعربت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وحلفاء غربيون آخرون عن "قلقهم العميق" إزاء الأحداث في كوريا الجنوبية، ودعوا إلى حل سلمي؛ وسط جهود سريعة لضمان إجبار الرئيس -الذي كان بالفعل غير محبوب- على التنحي عن منصبه.

فقدان السيطرة

بعد وقت قليل من إعلان الرئيس الكوري الجنوبي، أصبحت الشوارع خارج مبنى البرلمان تعج بآلاف المتظاهرين المرتدين معاطفهم الشتوية والسترات الواقية من الرصاص.

ولم تنجح محاولات قوات الأمن قطع الطرق بالدبابات والحافلات في ردع الحشود التي تجمعت حول المبنى، ولا حتى المروحيات التي كانت تحلّق فوق المدينة أو الحاجز الذي شكلته شرطة مكافحة الشغب، حتى إن الحشود توجهت بشجاعة نحو أفراد القوات الخاصة التابعة للجيش التي أُرسلت للسيطرة على البرلمان.

في هذه الأثناء، سارع نواب آخرون إلى الوصول إلى مبنى الجمعية الوطنية للدعوة إلى التصويت لإنهاء الكارثة برمتها بسرعة. بينما شعر حزب يون بالفزع، حيث قال نوابه إن المكتب الرئاسي لم يحذرهم قط من إعلان الأحكام العرفية.

ونقلت الصحيفة عن الرئيس السابق مون جاي إن "الديمقراطية في كوريا على حافة الهاوية. ويتعين على الجمعية الوطنية أن تتحرك بسرعة لحماية الديمقراطية من الانهيار، ويتعين على الشعب أن يتحد لإحياء الديمقراطية، وتعزيز قوة الهيئة التشريعية حتى تتمكن من العمل على النحو اللائق".

كما سجّل لي جاي ميونج، العدو السياسي للرئيس يون -والذي خسر انتخابات عام 2022 بفارق ضئيل- رسالة فيديو من سيارته أثناء توجهه عبر المدينة إلى مبنى البرلمان، مدعيا أن الرئيس "خان الشعب ولم يعد رئيسا".

وعندما اقتحمت القوات الخاصة الكورية الجنوبية مبنى البرلمان وحاولت منع دخول النواب، كان 190 من أصل 300 نائب نجحوا في التصويت، وهو ما يفوق بكثير العدد البالغ 150 نائبا اللازم لإلغاء الأحكام العرفية.

تقول "التليجراف": رغم أن العسكريين حطموا النوافذ في محاولة للدخول، فإن الصور من داخل القاعة بدت هادئة بشكل مدهش. فبعد ساعتين و48 دقيقة من الإعلان الذي أدلى به يون، صوّت البرلمان رسميا على إلغاء الأحكام العرفية.

ورغم شعور المتظاهرين بالارتياح، لكنهم ظلوا في أماكنهم ومعهم النواب ينتظرون -حين كانت درجات الحرارة تحوم فوق الصفر- واصطف مئات المتظاهرين السلميين في الشوارع، وهم يهتفون "ارحل يا يون سوك يول" في انتظار أن يرفع يون الأحكام العرفية. وقد فعل ذلك في الساعات الأولى من صباح الأربعاء بالتوقيت المحلي.

سقوط الرئيس يون

كان "يون"، المدعي العام الذي انتُخب رئيسًا في عام 2022 بهامش أقل من واحد في المئة على خلفية المشاعر المناهضة للنسوية -وفق "التليجراف"- قد حاول تصوير نفسه على أنه منقذ البلاد. لكن خطوته ذكّرت الكثيرين بعصر الزعماء الاستبداديين من ثمانينيات القرن العشرين، واعتُبر على نطاق واسع محاولة يائسة لصرف الانتباه عن الصعوبات السياسية المحلية.

ولم تنخفض شعبية "يون" في الأشهر الأخيرة فحسب، بل إن حزبه وقع في طريق مسدود مع المعارضة الليبرالية بشأن ميزانية العام المقبل، كما واجه فضيحة متصاعدة بعد أن قبلت زوجته هدايا باهظة الثمن.

ونقل تقرير الصحيفة البريطانية عن الدكتور جون نيلسون رايت، رئيس برنامج اليابان وكوريا في مركز الجغرافيا السياسية بجامعة كامبريدج، إن "ادعاءه بأن هذا كان على أساس تسلل كوري شمالي أو هجوم كوري شمالي لا يبدو أنه مدعوم في أي مكان"، مضيفًا أن الرئيس "كان في موقف دفاعي سياسيًا لعدة أشهر".

وقال: "إذا كان من المفترض أن يفوز (يون) في الانتخابات، فمن الواضح أنه أخطأ في تقدير الموقف بشكل خطير. أعتقد أن الرئيس يشعر الآن بالعزلة الشديدة والعجز المتزايد عن وقف المظاهرة المثيرة للإعجاب التي نظمتها أحزاب المعارضة".