لا تلوح في الأفق أي تسوية للأزمة السياسية في كوريا الجنوبية، رغم تراجع الرئيس يون سيوك- يول، عن قراره بإعلان الأحكام العرفية، بعد وقفه من قبل نواب البرلمان، إذ تقدمت أحزاب المعارضة، اليوم الأربعاء، باقتراح لعزل الرئيس يون، كما تقدم وزير الدفاع، كيم يونج هيون، باستقالته من منصبه، مع احتمال أن يواجه المساءلة واتهامات جنائية بالخيانة، باعتباره المخطط لقرار إعلان الأحكام العرفية.
اقتراح العزل
وحسبما ذكرت وكالة "يونهاب" الكورية الجنوبية الرسمية للأنباء، تقدم الحزب الديمقراطي المعارض الرئيسي، وخمسة أحزاب معارضة أخرى، بما في ذلك حزب إعادة بناء كوريا وحزب الإصلاح، اقتراح عزل الرئيس يون، إلى مكتب التشريعات في الجمعية الوطنية.
وتم التوقيع على الاقتراح من قبل 190 نائبًا من أحزاب المعارضة ونائب مستقل واحد، دون أي دعم من نواب الحزب الحاكم.
وتخطط أحزاب المعارضة لتقديم الاقتراح في جلسة عامة للجمعية الوطنية، غدًا الخميس، وإجراء التصويت عليها في يوم الجمعة أو السبت.
ووفقًا للقانون، يجب طرح الاقتراح للتصويت خلال فترة تتراوح بين 24 و72 ساعة بعد تقديمها في جلسة عامة.
وصرح النائب شين تشانج-سيك من حزب إعادة بناء كوريا، بأن الأحزاب لم تقرر بعد ما إذا كانت ستصوت على الفور أو في وقت آخر خلال 72 ساعة.
ويتطلب الاقتراح موافقة ثلثي الأعضاء في الجمعية الوطنية. ومن أصل 300 عضو في الجمعية الوطنية، ستحتاج المعارضة إلى ثمانية أصوات من حزب سلطة الشعب الحاكم لتمرير الاقتراح.
مسيرات احتجاجية
وحسب يونهاب، تخطط مجموعات مدنية ونقابية لتنظيم مسيرات احتجاجية أو تجمعات بالشموع في جميع أنحاء البلاد، بدءًا من اليوم الأربعاء، للمطالبة باستقالة الرئيس يون سيوك-يول؛ بسبب إعلانه المثير للجدل عن فرض الأحكام العرفية.
وفي مدينة جوانججو بجنوب غرب البلاد، من المتوقع أن يشارك نحو ألف مواطن في مسيرة احتجاجية بالشموع ضد الرئيس يون. ومن المقرر أن تبدأ المسيرة في الساعة السابعة مساء اليوم، حسبما قال منظموها. وأضافوا أن تجمعات مماثلة ستُعقد أيضا في سونتشيون ويوسو ومدن أخرى في إقليم جنوب جولا.
وفي مدينتي دايجو وبوهانج بجنوب شرق البلاد، عقد نشطاء مدنيون ونقابيون مؤتمرات صحفية صباح اليوم، للمطالبة باستقالة الرئيس يون، ويخططون لتنظيم تجمعات مشابهة في فترة ما بعد الظهر.
وفي بوسان، يخطط نشطاء مدنيون لتنظيم مسيرة ضد الرئيس يون يوميًا بدءًا من ظهر الأربعاء وحتى أوائل الأسبوع المقبل. ومن المقرر أن تبدأ مسيرة مشابهة في مدينة أولسان القريبة في الساعة السادسة مساء الأربعاء. وفي مدينة تشونتشيون بإقليم جانجوون وجزيرة جيجو الجنوبية، من المُقرر تنظيم مسيرات بالشموع في الساعة السابعة مساء في نفس اليوم.
وقد دعا أكبر اتحاد للعمّال في كوريا الجنوبية، اليوم الأربعاء، إلى إضراب عام مفتوح لحين استقالة الرئيس يون، الذي فرض لساعات الأحكام العرفية في البلاد، قبل أن يتراجع عن قراره بعد تدخّل السلطة التشريعية.
وقال: "الاتحاد الكوري لنقابات العمال" الذي يضمّ 1.2 مليون عضو، إنّ رئيس الجمهورية اتّخذ "إجراء غير عقلاني ومناهضًا للديمقراطية، وبالتالي وقّع وثيقة نهاية حكمه"، حسب "فرانس برس".
ورفع يون الأحكام العرفية في وقت مبكر من يوم الأربعاء، بعد أن صوتت الجمعية الوطنية على رفعها.
استقالة وزير الدفاع
ويبدو أن الرئيس الكوري الجنوبي ليس وحده من يدفع فاتورة الإعلان عن الأحكام العرفية، فقد أعلن وزير الدفاع الكوري الجنوبي كيم يونج هيون، اليوم الأربعاء، أنه قدم استقالته، مقدمًا اعتذاره للشعب، وذلك على خلفية الأزمة المتعلقة بفرض الأحكام العرفية، قبل أن يتم إلغاؤها بناء على تصويت من البرلمان.
وذكرت وكالة "يونهاب" أن وزير الدفاع اعتذر عن إثارة القلق العام بشأن محاولة الرئيس يون سوك يول فرض الأحكام العرفية، وأعلن عن تقديم استقالته.
وقال كيم في بيان أرسله إلى الصحفيين: "لقد قدمت استقالتي للرئيس، متحملًا المسؤولية عن كل الاضطرابات التي تسبب فيها إعلان حالة الطوارئ العرفية".
وذكرت صحيفة "كوريا تايمز" إنه من المحتمل أن كيم يونج هيون، الذي خطط لقرار إعلان الأحكام العرفية، المساءلة، بالإضافة إلى اتهامات جنائية بالخيانة، وهي جريمة يعاقب عليها بالسجن مدى الحياة أو الإعدام.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول في وزارة الدفاع الكورية الجنوبية، خلال حديثه للصحفيين، أكد أن كيم هو الذي طلب من يون إصدار أمر الأحكام العرفية.
وينص الدستور الكوري الجنوبي على أنه يجوز للرئيس إعلان الأحكام العرفية استجابة "للحرب أو حالات الطوارئ الشبيهة بالحرب" عندما لا تتمكن الفروع الإدارية والقضائية للحكومة من العمل وسط الفوضى.
ونقلت "كوريا تايمز" عن، تشا جين آه، أستاذ القانون في جامعة كوريا، وهان إن سوب من كلية الحقوق بجامعة سول الوطنية، إن يون وكيم وآخرين شاركوا في اتخاذ القرار، أساءوا استخدام سلطتهم بما يتجاوز الحد الذي يسمح به الدستور.
وتم تعيين كيم، 65 عامًا، وزيرًا للدفاع الثالث للإدارة قبل ثلاثة أشهر فقط. وخلال جلسة تأكيد تعيينه في البرلمان في 2 سبتمبر، رفض كيم في ذلك الحين، أي احتمال لإصدار مرسوم الأحكام العرفية، ردًا على نواب المعارضة الذين ضغطوا عليه بشأن هذه القضية. وقال: "أعتقد أن الحديث عن الأحكام العرفية عفا عليه الزمن. إذا تم إعلانها، فمن سيقبلها؟ هل تعتقد أن الجيش سيتبع الأمر؟".
ولفتت "كوريا تايمز" إلى تقارير تواترت على مدار الأشهر الثلاثة الماضية، زعمت أن كيم خطط للحكم العسكري بموجب مرسوم الأحكام العرفية، وطلب من الرئيس تنفيذه، وكل هذا يُشير إلى أنه بدأ في رسم الخطة بعد فترة وجيزة من توليه المنصب.