الاحتلال استهدف شركتي وقررت اعتزال العمل بعد صدمة الفقدان
في زمن الحرب، عندما تصبح الكاميرا أداة مقاومة، والصوت وسيلة للتمسك بالحياة، تتحدى المخرجة الفلسطينية هناء عليوة كل الصعاب لتروي قصتها للعالم، إذ إن فيلمها الوثائقي "لا" ليس مجرد عمل فني، بل هو صرخة أمل ورفض لكل أشكال القهر، وحكاية إنسانية عن البحث عن الحياة وسط الدمار، لتنجح مساعي "هناء"، التي فقدت شركتها وكل ما تملكه، في أن تجعل من السينما نافذة للحلم ورسالة للمستقبل.
صدمة الحرب
بين الدمار واليأس، خرجت المخرجة الفلسطينية هناء عليوة بفيلم وثائقي يحكي قصتها كسيدة ومخرجة تكافح للحفاظ على الأمل وسط أهوال الحرب.
وروت "هناء" لموقع "القاهرة الإخبارية"، تفاصيل تجربتها الإنسانية، والتي واجهت خلالها كل الظروف القاسية، لتروي للعالم حكاية البحث عن الحياة رغم الألم، إذ قالت: "كنت أمتلك أول شركة إنتاج إعلامي تديرها سيدة في غزة، وكل جزء منها كان يمثل جزءًا من روحي ووقتي وصحتي، ومع بداية الحرب، تم استهداف الشركة، ما جعلني أشعر وكأنني فقدت أحد أبنائي.. بتدميرها، فقدت الحماس والقدرة على الإنتاج، وقررت التوقف عن العمل والاعتزال".
دعم رشيد مشهراوي
رغم صعوبة الموقف، استطاعت هناء العودة للإنتاج السينمائي بدعم المخرج رشيد مشهراوي، حيث تقول عن ذلك: "تواصل معي رشيد وسرد لي تفاصيل مشروعه لتوثيق ما يحدث في غزة، وكان يتابع خطواتي خطوة بخطوة، رغم أنني كنت مترددة وقلت له إنني لم أعمل خلال الحرب، قررت المشاركة بالفيلم ليكون أول أعمال المشروع، الفيلم يعكس قصتي كسيدة تعمل في مجال الإنتاج والسينما وسط ظروف استثنائية".
تحديات التصوير
واجهت هناء تحديات غير مسبوقة أثناء تصوير الفيلم، حيث جردتها صواريخ الاحتلال من معداتها الإنتاجية وأيضًا المعنوية والنفسية، وتقول: "لم يكن لديّ معدات تصوير، وفقدت إمكانياتي النفسية والمعنوية. كنت أصور لقطة واحدة في اليوم بسبب القصف المستمر والخوف من غياب الأمان، كما كان من الصعب ترك أطفالي في أماكن النزوح والابتعاد عنهم، ومع ذلك، كنت أصر على أن يرى الفيلم النور رغم كل شيء".
وعن سر تسمية الفيلم بهذا الاسم تقول: "أطلقت على العمل اسم "لا" لأنني كنت أرفض كل ما يحدث حولنا من ظروف الحرب والإبادة".
الموسيقى نافذة أمل
اختارت "هناء" أن تتمحور فكرة الفيلم حول الموسيقى، وأن تمزجها بها، فكان لفرقة "صول" دور فيها، حيث قدمت أغنية "روق وهدى"، إذ تقول عن ذلك: "قررت أن أروي قصتي من خلال فيلم يحمل رسالة أمل، ودمجت فيها قصة الفرقة الغنائية صول، التي قدمت أغنية "روق وهدي"، أردت أن أقدم شيئًا مبهجًا يحمل بعض البهجة للعالم وسط الظلام، فالعمل يحمل رسالة إنسانية واضحة، ودمجت فيه أغنية تدور حول بكرة الأزمة ننساها وتعدي" التي غنتها الفرقة، لتبعث الأمل وسط الدمار، كان هدفي أن أوصل للعالم صوتنا، وأثبت أن الفن قادر على التغلب على أقسى الظروف".
العمل بالإغاثة
اتجهت "هناء" للعمل في مجال الإغاثة، لكنها لم تتخل عن هدفها، رغم فقد الشغف، لتقول عن ذلك:" تصوير الفيلم كان رحلة مليئة بالتحديات، خاصة أنني كنت أعمل أحيانًا في مجال الإغاثة، فكنت آخذ معي ملابس الفيلم لاستكمال اللقطات أثناء عملي، شعرت أن هناك أشياء عالقة في حياتي لن تُحل إلا بعد الانتهاء من هذا الفيلم، ورغم خوفي وتوتري، شعرت بأن هذا العمل كان بمثابة ابني الوحيد في زمن الحرب".
بهذه الكلمات، تختتم هناء عليوة قصتها مع فيلم "لا"، الذي يُعتبر شهادة حيّة على قدرة الفن على مقاومة الحرب ونقل رسالة الأمل والحياة، حتى من بين ركام الدمار.