تواصل السينما الفلسطينية تأكيد حضورها القوي في المحافل السينمائية الدولية، إذ تبرز كمنصة تعكس معاناة شعبها وتسرد قصصًا إنسانية مؤثرة.
وفي إطار هذا الحضور المميز، حقّق المخرج الفلسطيني أحمد الدنف إنجازًا جديدًا بفوزه بجائزة في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي عن فيلمه الوثائقي "يوم دراسي"، الذي انبثق من قلب معاناة غزة، ويحمل رسالة إنسانية مؤثرة عن حق التعليم المسلوب للأطفال في ظل الحروب.
مشاعر مختلطة
في حديثه عن هذا الإنجاز، أعرب أحمد الدنف عن فخره الكبير بفوز فيلمه، لكنه لم يُخفِ الغصة التي يشعر بها لعدم قدرته على حضور المهرجان بسبب ظروف الحرب.
وقال "الدنف" لموقع "القاهرة الإخبارية": "شعوري كان لا يوصف عند إعلان فوز الفيلم.. أشكر إدارة مهرجان القاهرة السينمائي وكل مَن ساهم في نجاح هذا العمل، خاصة المخرج رشيد مشهراوي ومشروع "المسافة صفر"، لكن للأسف، إغلاق المعبر حرمني من مشاركة هذه اللحظة معكم، وهو شعور مؤلم يُزيد من مرارة الواقع الذي نعيشه في غزة".
رسالة "يوم دراسي"
يتناول فيلم "يوم دراسي" معاناة الطلاب في قطاع غزة، الذين حُرموا من التعليم للسنة الثانية على التوالي بسبب الحرب الإسرائيلية، وتم تصويره في محافظة رفح الفلسطينية جنوب القطاع.
"الدنف" أوضح أن العمل يركّز على الأطفال كأكثر الفئات تضررًا من الصراع، إذ قال: "الفيلم يسعى لتسليط الضوء على هذه المعاناة، ونقل رسالة للعالم حول أهمية منح أطفالنا حقهم الأساسي في التعليم كباقي أطفال العالم".
أما عن كواليس التصوير، فقد أشار إلى حجم التحديات التي واجهها بسبب الظروف الصعبة في غزة، قائلًا: "تصوير الفيلم لم يكن سهلًا.. النزوح كان من أصعب المراحل التي مررت بها.. خرجت من غزة بأدوات بسيطة جدًا بعد منعنا من حمل معداتنا عبر الحواجز، لكنني استعنت بزملائي واستكملت العمل لتحقيق رسالتنا رغم الصعوبات".
تجربة مميزة
كشف "الدنف" عن كواليس تعاونه مع الفنانة التونسية درة في فيلم "وين صرنا"، الذي عُرض ضمن فعاليات الدورة الـ45 لمهرجان القاهرة السينمائي، وأوضح أن التعاون جاء عبر المخرج علي العربي، الذي طلب منه تصوير مشاهد لعائلة فلسطينية نزحت إلى مصر، بينما بقي الأب في غزة.
وأضاف: "قمت بتوثيق لحظات خروج الأب من الخيمة ومعاناته أثناء العبور عبر معبر رفح، بعدها استكملت درة تصوير المشاهد في مصر.. كانت تجربة غنية، وأشعر بالفخر بمساهمتي في هذا العمل الإنساني".
مشاريع جديدة
أما عن مشاريعه المستقبلية، فأوضح "الدنف" أنه يعمل حاليًا مع المخرجة المصرية مي أسعد على فيلم وثائقي جديد يسلّط الضوء على معاناة الشباب الفلسطيني في ظل الحرب. وأضاف: "هذا المشروع يحمل بُعدًا إنسانيًا جديدًا، حيث نركّز على القصص التي لم تُروَ بعد، وأتمنى أن يحقق تأثيرًا قويًا".
وأشار أيضًا إلى تجديد تعاونه مع المخرج رشيد مشهراوي، ولكن هذه المرة كمصور في مشاريعه الوثائقية الجديدة.
فوز فيلم "يوم دراسي" بجائزة مهرجان القاهرة السينمائي ليس إلا حلقة جديدة في سلسلة نجاحات السينما الفلسطينية، التي تثبت قدرتها على مواجهة التحديات ونقل قضايا شعبها إلى العالم. أحمد الدنف، مثل غيره من المبدعين الفلسطينيين، يواصل تسخير عدسته لرصد الواقع الإنساني وتسليط الضوء على الأوجاع، مؤكدًا أن الفن سيظل دائمًا وسيلة لمواجهة الظلم ونشر الأمل.