الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

للتعرف عليهم بعد القصف.. مشهراوي: أطفال غزة يكتبون أسماءهم على أجسادهم في "جلد ناعم"

  • مشاركة :
post-title
خميس مشهراوي مع أطفال غزة

القاهرة الإخبارية - إيمان بسطاوي

في عالم تحاصره الحروب والدمار، تصير الحكايات الإنسانية أكثر قسوة وتأثيرًا، لكن في غزة، حيث يمتزج الألم بالإرادة، تنبثق من رحم المعاناة قصص تلهم العالم، قدم المخرج الفلسطيني خميس مشهراوي "جلد ناعم"، فيلمًا يسبر أغوار طفولة مسلوبة تحت القصف، حيث لجأت الأمهات إلى كتابة أسماء أطفالهن على أجسادهم خشية ضياع هويتهم وسط شظايا الحرب، قصة تمتد من الخيام إلى شاشات العالم، حاملةً رسالة صمود وإبداع تتحدى الاحتلال، وتحكي بصوت الأطفال كيف يحوّلون الخوف إلى فن وحياة.

قصة فيلم "جلد ناعم"

يؤكد المخرج الفلسطيني خميس مشهراوي، لموقع "القاهرة الإخبارية" أن فيلمه "جلد ناعم" -والذي يعرض في السادسة مساء اليوم بقاعة اليونسكو في باريس- تدور أحداثه حول كتابة أسماء الأطفال على أجسادهم، وهي فكرة استوحاها أثناء ورشة عمل للأطفال ضمن مشروع "من مسافة صفر"، إذ أوضح مشهراوي أن الفكرة استوحاها بعد استماع فريق العمل لقصص الأطفال المشاركين، والتي ركزت على معاناتهم تحت وطأة عدوان الاحتلال الإسرائيلي على غزة.

وأشار إلى قصة طفلة ذكرت أن والدتها كانت تكتب أسماءها وإخوتها الصغار على أجزاء مختلفة من أجسادهم خوفًا من تحولهم إلى أشلاء نتيجة القصف، ما يُسهّل التعرف عليهم. 

وأضاف أنه فوجئ بأن أكثر من عشرة أطفال من أصل 16 مشاركًا في الورشة كانوا يكتبون أسماءهم على أجسادهم في أماكن متعددة، وغالبًا ما كانت الأمهات تقوم بهذا الأمر، لذا ومن بين العديد من القصص المؤثرة، اختار هذه القصة لتكون أساس فيلم "جلد ناعم".

ظروف استثنائية

كشف مشهراوي عن دوره في إدارة مؤسسة مشهراوي بقطاع غزة، مشيرًا إلى أن مشروع "من مسافة صفر" فكرة شقيقه المخرج الكبير رشيد مشهراوي، موضحًا أنه في بداية المشروع اقترح تنظيم ورشة تدريب للأطفال لصناعة أفلام رسوم متحركة، حيث يقومون فيه برواية قصصهم واختيار إحداها لرسمها وتصويرها.

خميس مشهراوي الذي عاش معاناة النزوح من بين عشرات الأشخاص كان يعمل في ظروف استثنائية ويقدم تدريبات للأطفال رغم القصف ومساعدتهم في صناعة أفلامهم، قائلاً: "في الماضي كنت أعمل مدربًا لأفلام الرسوم المتحركة للأطفال، وسبق أن أنتجت معهم العديد من الأفلام، لكن هذه الورشة كانت استثنائية، حيث عُقدت في ظروف قصف مستمر، وكنت والأطفال نعيش كنازحين داخل مخيمات، في خيمة تضم أكثر من 20 شخصًا، وسط تحليق الطائرات وقصف يومي، ورغم ذلك أصر الأطفال على صناعة أفلامهم، مؤكدين حبهم للحياة رغم عن أنف العدوان".

الورشة التي استغرقت 24 يومًا بواقع ثلاث ساعات يوميًا، أكد "مشهراوي" أنها شهدت إبداعًا استثنائيًا من الأطفال رغم المخاطر، موضحًا أن الهدف كان إيصال رسالة للعالم بأن الشعب الفلسطيني يحب الحياة، ويبدع حتى في ظل الاحتلال والقصف.

نجاح وتكريم في المهرجانات

يشعر مشهراوي بالفخر بعد أن حقق فيلمه "جلد ناعم"، نجاحًا واسعًا وحصد جوائز عدة في مهرجانات دولية، كان آخرها جائزة مهرجان القاهرة السينمائي.

وأكد أن هذا النجاح يُنسب أولاً للأطفال الذين أبدعوا رغم المعاناة، وللشعب الفلسطيني الذي صمد ودعم المشروع، قائلًا: "تخصيص الأمهات وقتًا لأطفالهن للمشاركة في الورشة، رغم الخوف والقلق تحت القصف، كان بمثابة تشجيع عظيم، الأمهات منحتنا الأمل، وأثبتن أن الحياة تستمر رغم كل شيء".

إنتاج أفلام المقاومة

أكد مشهراوي أن مشروع "من مسافة صفر"، الذي تدعمه مؤسسة مشهراوي لدعم السينما والسينمائيين في غزة، أنتج نحو 22 فيلمًا خلال العدوان الإسرائيلي، من بينها "جلد ناعم". واعتبر أن هذه الأفلام هي رسالة حياة وصمود في وجه آلة الحرب الإسرائيلية، التي حاولت بكل السبل طمس روح الإبداع لدى أبناء الشعب الفلسطيني.

وتابع قائلاً: "هذه الأفلام ليست فقط أعمالًا فنية، بل وثائق تسجل معاناة الفلسطينيين، ورسائل أمل وشجاعة تعبر عن صمودنا أمام الاحتلال".