الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

رسالتان وجرس إنذار لأوروبا.. ماذا يحدث في أعماق بحر البلطيق؟

  • مشاركة :
post-title
أعماق البلطيق تواجه مشهدًا جديدًا من الحرب الهجينة

القاهرة الإخبارية - عبدالله علي عسكر

تُعَدّ الكابلات البحرية من الشرايين الأساسية لعالمنا الرقمي، فهي تحمل في طياتها التدفق المعلوماتي والاتصالات الدولية، لكن، في بحر البلطيق، تلك الأعماق الصامتة تشهد الآن مشهدًا جديدًا من الحرب الهجينة، حيث تتعرض الكابلات البحرية لتخريب غامض يثير المخاوف الأمنية والسياسية.

ووفق صحيفة "كييف بوست" الأوكرانية بدأت التحقيقات وتحوم الاتهامات كلها حول روسيا ودول أخرى، بينما تتردد صدى هذه التطورات في أروقة السياسة العالمية.

الكابلات البحرية هدف استراتيجي

في يومي الأحد والاثنين الماضيين، تعرّض كابلان بحريان للإنترنت في بحر البلطيق لتلفيات خطيرة في وقت متقارب، وأعلنت السلطات السويدية والأوروبية عن فتح تحقيقات موسعة، مشيرة إلى احتمال أن تكون الحادثة عملًا تخريبيًا متعمدًا.

وسُلِّطت السلطات السويدية والأوروبية الأضواء على عدد من السفن التي كانت في المنطقة، بما فيها سفينة شحن صينية وأخرى روسية.

شكوك ومخاوف أوروبية

وسائل الإعلام الأوروبية ربطت بين الحادثتين والتحركات الروسية، معتبرة أن التخريب قد يكون رسالة سياسية تحمل في طياتها تحذيرًا من موسكو.

واعتبرت الصحيفة الأوكرانية أن التخريب في بحر البلطيق يُعتبر رسالة مزدوجة، أولها التأكيد على قدرة روسيا على زعزعة استقرار البنية التحتية الحيوية للدول الأوروبية، وثانيًا، إشارة إلى أن الحرب في أوكرانيا قد تمتد لتشمل مناطق أخرى.

تصعيد روسي.. وخطوة نحو التفاوض

صحيفة "جازيتا فيبورتشا" البولندية ترى أن الضرر الذي لحق بالكابلات ليس مصادفة، ووفقًا للصحيفة، فإن روسيا تسعى لإظهار قوتها استعدادًا لمفاوضات محتملة بشأن الحرب الأوكرانية.

ورأت أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد يكون يحاول تعزيز موقفه عبر تصعيد الأزمات الأمنية، بهدف فرض شروط تفاوضية صعبة، مثل الاحتفاظ بالأراضي الأوكرانية المحتلة وضمان عدم انضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو.

تهديد يتجاوز أوكرانيا

في تحليل لصحيفة "LRT" الليتوانية، يُحذّر الكاتب ريمفيداس فالاتكا من أن التخريب يمثل خطوة في حرب أوسع، قد تمتد إلى دول البلطيق.

أما صحيفة "بوستيميس" الإستونية، فاعتبرت أن انضمام فنلندا والسويد إلى حلف الناتو قد جعل من بحر البلطيق "بحرًا داخليًا" للحلف، وهو ما يثير قلق روسيا، ومع استبعاد نشوب حرب تقليدية، تلجأ موسكو إلى تكتيكات الحرب الهجينة لتعزيز نفوذها في المنطقة.

في سياق الحروب الهجينة

الصحفي بيير هاسكي أوضح عبر صحيفة "فرانس إنتر" أن الكابلات البحرية وخطوط الأنابيب أصبحت أهدافًا شائعة في الحروب الهجينة، وأن التخريب إذا تأكدت مسؤوليته من قبل روسيا أو أي قوة معادية، يعكس تصعيدًا جديدًا في التوترات العالمية.

في تحليل لإذاعة ألمانيا، تم التأكيد على ضرورة اتخاذ خطوات عملية لحماية البنية التحتية الحيوية، تشمل ه مراقبة السفن الروسية في بحر البلطيق باستخدام الطائرات بدون طيار وتثبيت أجهزة استشعار على الكابلات وخطوط الأنابيب لتحذير من أي تصادم محتمل.

ما وراء التخريب

يرى المراقبون أن روسيا ربما تراهن على تغير الإدارة الأمريكية، مع عودة دونالد ترامب إلى السلطة، لتحسين موقفها في المفاوضات الدولية.

وتأتي حوادث التخريب في بحر البلطيق كجرس إنذار للدول الأوروبية، فالتهديدات لا تقتصر على الحروب التقليدية، بل تتسع لتشمل البنية التحتية الحيوية التي تُشكل أساس العالم الحديث، وفي ظل تصاعد الحرب الهجينة، يبقى تعزيز التعاون بين الدول الأوروبية وحلف الناتو الخيار الوحيد للتصدي لهذا التصعيد الخطير، وضمان استقرار المنطقة في وجه التحديات المقبلة.