الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

مذكرة اعتقال نتنياهو.. أزمة جديدة تواجه ستارمر

  • مشاركة :
post-title
بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي ونظيره البريطاني كير ستامر

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

أثارت مذكرة التوقيف الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع السابق يوآف جالانت، ضجة واسعة النطاق، ليس فقط على المستوى الدولي، بل أيضًا داخل المملكة المتحدة، إذ وضعت رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر أمام اختبار سياسي ودبلوماسي صعب.

وفي هذا الصدد، سلطت صحيفة بوليتيكو الضوء على المعضلة التي يواجهها ستارمر في توازن موقفه بين دعم القانون الدولي من جهة، والحفاظ على العلاقات مع إسرائيل من جهة أخرى.

التزام قانوني أم توازن سياسي؟

أشارت بوليتيكو إلى أن الحكومة البريطانية تعهدت باحترام التزاماتها الدولية، إلا أن الردود الرسمية على مذكرة المحكمة الجنائية الدولية أظهرت موقفًا مترددًا، إذ أكدت المتحدثة باسم رئيس الوزراء أن المحكمة "هي المؤسسة الرئيسية للتحقيق في الجرائم الدولية"، لكن التنفيذ يعتمد على موافقة المحاكم البريطانية والشرطة المحلية، ما يترك مجالًا للمناورة السياسية.

وزيرة الداخلية البريطانية إيفيت كوبر، عند سؤالها عمَّا إذا كانت بريطانيا ستعتقل نتنياهو في حال زيارته، رفضت الإجابة بشكل مباشر، مشيرة إلى أن "الإجراءات القانونية المناسبة" هي التي ستحسم الأمر.

هذه التصريحات التي نقلتها الصحيفة تعكس محاولات الحكومة البريطانية لتجنب إثارة غضب أي طرف، سواء من الداخل أو الخارج.

تحول جذري أم مراوغة سياسية؟

منذ وصوله إلى السلطة في يوليو الماضي، أجرى ستارمر تغييرات ملحوظة في السياسة البريطانية تجاه الشرق الأوسط، وأحد أبرز قراراته كان تعليق تصدير بعض الأسلحة إلى إسرائيل واستئناف تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، وهي خطوات رحب بها النقاد الذين طالما دعوا إلى اتخاذ موقف أكثر صرامة تجاه الانتهاكات الإسرائيلية.

لكن، في المقابل، أثارت هذه القرارات انتقادات من المؤيدين لإسرائيل داخل حزب العمال نفسه، إذ إن ليزلي تورنبرج، عضو مجلس اللوردات وأحد أبرز داعمي إسرائيل، وصف هذه السياسة بأنها "مشوشة وغير مفيدة"، معربًا عن قلقه من تأثيرها على العلاقات الثنائية مع إسرائيل.

انتقادات من اليمين واليسار

تعرض ستارمر لضغوط هائلة من مختلف الأطراف، إذ دعا جيريمي كوربين، زعيم حزب العمال السابق الذي تم استبعاده من الحزب، الحكومة إلى تأييد مذكرة المحكمة الجنائية الدولية بشكل علني.

في رسالة مفتوحة، تساءل كوربين عمَّا إذا كانت حكومة ستارمر "تدعم الإفلات من العقاب الإسرائيلي أم تقف إلى جانب العدالة الدولية".

في الوقت نفسه، استغل حزب المحافظين الفرصة لمهاجمة سياسة ستارمر، واصفًا إياها بأنها "تخلٍ عن إسرائيل".

وصف بوريس جونسون مذكرة المحكمة الجنائية بأنها "قرار مستفز وغير متزن"، منتقدًا تعامل الحكومة مع القضية.

التداعيات الانتخابية

السياسة البريطانية تجاه الشرق الأوسط لا تُرى فقط من منظور دولي، بل أصبحت قضية محورية داخل الساحة السياسية المحلية، إذ إنه في الانتخابات الأخيرة، خسر حزب العمال خمس مقاعد لصالح مرشحين مستقلين دعموا القضية الفلسطينية، ما يعكس أهمية هذه القضية لدى الناخبين البريطانيين المسلمين وغيرهم.

تشير بوليتيكو إلى أن هذه الهزائم الانتخابية، التي تضمنت خسارة مقعد جوناثان أشوورث، كانت نتيجة مباشرة لمواقف حزب العمال التي لم ترضِ الناخبين المؤيدين للقضية الفلسطينية.

هذه التطورات أثرت بشكل مباشر على قرارات ستارمر، إذ حاول تحقيق توازن دقيق بين إرضاء هذه الفئة واسترضاء المؤيدين لإسرائيل داخل حزبه.

سياسة "اللغة القانونية" لتجنب التصعيد

يرى محللون أن ستارمر يستخدم لغة قانونية دقيقة لتجنب التصعيد مع إسرائيل، وأكد كريستوفر فيليبس، زميل في معهد تشاتام هاوس، أن هذه اللغة تُظهر التزامًا بالقانون الدولي دون تعريض العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل للخطر.

كما أشار إلى أن خلفيات ستارمر ووزير الخارجية ديفيد لامي القانونية تسهم في صياغة هذا النهج المتوازن.

مع ذلك، تظل التحديات قائمة، خاصة مع استمرار الانتقادات الداخلية من اليسار، وتصاعد حدة الخطاب من اليمين، وظهور تأثيرات محلية قد تؤثر على نتائج الانتخابات المحلية المقبلة.