نجحت القوات الأوكرانية في توجيه ضربة نوعية غير مسبوقة باستخدام صواريخ أمريكية متطورة استهدفت منشآت عسكرية روسية على عمق 115 كيلومترًا داخل الأراضي الروسية، في تطور عسكري لافت يعكس تحولًا استراتيجيًا في مسار المواجهة بين موسكو وكييف، في حين جاء هذا التصعيد العسكري متزامنًا مع توقيع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مرسومًا يوسع نطاق العقيدة النووية الروسية، في خطوة تعكس حدة التوتر المتصاعد بين القوى النووية الغربية وروسيا.
نقلة نوعية في القدرات العسكرية الأوكرانية
كشفت وكالة بلومبيرج، نقلًا عن مصادر عسكرية أوكرانية، عن تفاصيل العملية العسكرية النوعية التي نفذتها القوات الأوكرانية باستخدام صواريخ أتاكمز الأمريكية المتطورة، إذ استهدفت العملية مجمعًا عسكريًا استراتيجيًا في منطقة بريانسك الروسية الغربية، حيث تمكنت القوات الأوكرانية من إصابة مستودعات للذخيرة والأسلحة في مدينة كاراتشيف.
وتكمن أهمية هذه الضربة في كونها أول استخدام فعلي لهذه المنظومة الصاروخية طويلة المدى بعد موافقة إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن على تزويد كييف بها، مع تقييد استخدامها بضوابط محددة لضرب أهداف داخل الأراضي الروسية.
وتتميز صواريخ أتاكمز بقدرات تكتيكية متقدمة تشمل دقة التصويب العالية ومداها الذي يصل إلى مئات الكيلومترات، مما يمنح القوات الأوكرانية قدرة غير مسبوقة على استهداف المنشآت العسكرية الروسية العميقة، وخاصة القواعد الجوية ومراكز القيادة ومستودعات الذخيرة التي تستخدمها روسيا.
استراتيجية عسكرية جديدة وتداعيات ميدانية
أحدثت الضربة الأوكرانية تحولًا جوهريًا في المشهد العسكري، إذ تجاوزت كييف للمرة الأولى حاجز استخدام الطائرات المسيرة محلية الصنع التي اعتادت إطلاقها داخل العمق الروسي.
وتشير التقارير العسكرية إلى أن الصواريخ الأمريكية المتطورة تمتلك قدرة تدميرية أعلى بكثير وتأثيرًا استراتيجيًا أكبر، مما يمكن القوات الأوكرانية من تعطيل المنظومة العسكرية الروسية بشكل أكثر فاعلية.
وأكد مسؤولون عسكريون أوكرانيون أن هذه القدرة الجديدة تمثل ضرورة استراتيجية لمواجهة التكتيكات الروسية، وخاصة في ظل اعتماد موسكو المتزايد على القواعد الجوية البعيدة في شن هجمات القنابل الانزلاقية والصواريخ على المدن والبنية التحتية الأوكرانية.
وتهدف الاستراتيجية الأوكرانية الجديدة إلى تقويض قدرة روسيا على شن هذه الهجمات من خلال استهداف مراكز القيادة والسيطرة ومخازن الذخيرة في العمق الروسي.
توسيع نطاق الردع النووي الروسي
في رد فعل يعكس خطورة التطورات الميدانية، وقع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مرسومًا يمثل تحديثًا جوهريًا في العقيدة النووية الروسية، إذ يسمح هذا المرسوم الجديد باستخدام الأسلحة النووية في حالات أوسع تشمل الرد على الهجمات التقليدية واسعة النطاق، بما فيها الهجمات بالطائرات المسيرة والصواريخ، وهو ما يمثل تطورًا خطيرًا في سياسة الردع النووي الروسية.
وأوضح دميتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين، أن روسيا ستتعامل مع أي هجوم تشنه أوكرانيا باستخدام أسلحة غربية متطورة باعتباره عملية عسكرية من دولة غير نووية مدعومة من قوة نووية، مما قد يستدعي ردًا نوويًا روسيًا.
وتؤكد هذه التصريحات حجم المخاطر المتصاعدة التي قد تنجم عن استمرار تصعيد المواجهة العسكرية بين روسيا والغرب على الأراضي الأوكرانية.