أثار قرار الرئيس الأمريكي جو بايدن، بالسماح لأوكرانيا باستخدام صواريخ أتاكمز الأمريكية بعيدة المدى، لضرب أهداف داخل الأراضي الروسية عاصفة من ردود الفعل المتباينة على المستويين المحلي والدولي، بعد أن كشفت واشنطن بوست، نقلًا عن ثلاثة مصادر مطلعة، إن القرار سيسمح لكييف باستخدام صواريخ يصل مداها 190 ميلًا، في تطور قد يغير مسار الصراع.
انقسام أمريكي
شهد الشارع السياسي الأمريكي انقسامًا حادًا حول القرار، إذ كشفت مجلة نيوزويك، عن موجة غضب غير مسبوقة في أوساط الجمهوريين وحلفاء الرئيس المنتخب دونالد ترامب.
وقادت النائبة الجمهورية مارجوري تايلور جرين، حملة المعارضة، إذ نددت بشدة بالقرار في تغريدة على منصة "إكس"، واصفة إياه بأنه "محاولة خطيرة لإشعال الحرب العالمية الثالثة".
وأكدت جرين أن الشعب الأمريكي أعطى تفويضًا واضحًا، 5 نوفمبر الجاري، ضد هذه القرارات التي تضع أمريكا في المؤخرة، مشددة على ضرورة التركيز على حل المشكلات الداخلية بدلًا من تمويل الحروب الخارجية.
وفي تصعيد للموقف المعارض، انضم رجل الأعمال ديفيد ساكس، المشارك في بودكاست All-In، إلى موجة الانتقادات، مشيرًا إلى أن ترامب حصل على تفويض واضح لإنهاء الحرب في أوكرانيا.
وتساءل ساكس بشكل استنكاري عن توقيت قرار بايدن في شهريه الأخيرين بالمنصب، متهمًا إياه بمحاولة تعقيد الوضع أمام الإدارة القادمة.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد، إذ أطلق عضو مجلس الشيوخ عن ولاية يوتا مايك لي، تصريحات مثيرة للجدل على منصة "إكس"، مؤكدًا أن "الليبراليين يحبون الحرب".
وحظيت تصريحاته بتأييد لافت من الملياردير إيلون ماسك، الذي أكد صحة ما ذهب إليه السيناتور.
وجاء الهجوم الأعنف من دونالد ترامب جونيور، نجل الرئيس المنتخب، الذي وجه اتهامات مباشرة للمجمع الصناعي العسكري، محذرًا من محاولات إشعال حرب عالمية ثالثة قبل أن تتاح لوالده فرصة لصنع السلام.
وانتقد ترامب جونيور بشدة تغليب المصالح المالية على حياة البشر، واصفًا المسؤولين عن هذه القرارات بالحمقى.
تحذيرات من التصعيد
أثار القرار الأمريكي ردود فعل روسية غاضبة على المستويات كافة، إذ حذرت ماريا زاخاروفا، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، من تداعيات خطيرة، مذكرة بتصريحات الرئيس بوتين، سبتمبر الماضي.
وأكد بوتين أن استخدام صواريخ غربية بعيدة المدى ضد روسيا سيعتبر مشاركة مباشرة من الناتو في الحرب، ما سيغير طبيعة النزاع بشكل جوهري.
وفي تصعيد للموقف الروسي، حذر ليونيد سلوتسكي، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الدوما، بحسب ما أشارت شبكة روسيا اليوم، من تصعيد خطير للغاية، متهمًا بايدن بالسعي للدخول التاريخ كـ"جو الدموي".
وأضاف سلوتسكي أن إدارة بايدن تترك لفريق ترامب ليس فقط مشكلة الصراع الأوكراني، بل أيضًا تحدي منع نشوب صراع عالمي.
الدعم الأوروبي
في تطور لافت كشفت عنه صحيفة "لو فيجارو" الفرنسية، أن فرنسا وبريطانيا اتخذتا خطوات مماثلة للقرار الأمريكي، إذ سمحتا لأوكرانيا باستخدام صواريخ طولية المدى من طرازات سكالب وستورم شادو لتنفيذ ضربات في العمق الروسي.
ويعكس هذا التزامن في القرارات مستوى غير مسبوق من التنسيق الغربي في دعم كييف عسكريًا، رغم التحذيرات الروسية المتكررة من عواقب هذا التصعيد.
مواقف الإدارتين الأمريكيتين
كشف ستيفن تشيونج، مدير الاتصالات في حملة ترامب، عن الموقف الرسمي لإدارة ترامب المرتقبة في تصريح خاص لموقع نيوزويك، مؤكدًا أن ترامب هو الشخص الوحيد القادر على جمع الطرفين للتفاوض وإنهاء الحرب.
وشدد تشيونج على أن التصريحات الرسمية ستقتصر على الرئيس ومتحدثيه المخولين، مشيرًا إلى إمكانية إنهاء الحرب خلال 24 ساعة من تولي ترامب المنصب.
في المقابل، أكد وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، خلال اجتماع في مقر حلف الناتو ببروكسل، استمرار إدارة بايدن في تعزيز الدعم العسكري لأوكرانيا حتى نهاية ولايتها.
وجاء هذا التأكيد في ظل تصاعد الهجمات الروسية على كييف، إذ شهدت العاصمة الأوكرانية أول هجوم صاروخي روسي منذ 73 يومًا.