بين الوعود الطموحة بإنهاء الحروب الخارجية والخطوات المتشددة في تشكيل حكومته، يقف الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب عند مفترق طرق حاسم، إذ تحمل ولايته المرتقبة لعام 2025 تساؤلات حول قدرته على الوفاء بتعهداته، لا سيما في ظل تعقيدات الصراعات الدولية التي تعصف بأوكرانيا، والشرق الأوسط، وإيران.
فمن جهة، وفق موقع «فير أوبزرفر» الأمريكي، تعد رؤية ترامب لوقف الحروب بمستقبل أقل دموية، ومن جهة أخرى، تُظهر اختياراته للقيادات ميلًا نحو التصعيد، ما يجعل الصورة ضبابية حول ما ينتظر العالم.
ترامب والحرب الأوكرانية
مع تعهد ترامب بإنهاء الحرب في أوكرانيا في غضون 24 ساعة من توليه منصبه، تبقى وعوده محفوفة بالتحديات، فتعكس اختياراته لشخصيات رئيسية في حكومته، مثل ماركو روبيو وزيرًا للخارجية وجيه دي فانس نائبًا للرئيس، نهجًا متباينًا تجاه الأزمة الأوكرانية.
وأعلن روبيو في مقابلة مع قناة NBC دعمه لإنهاء الحرب، واصفًا ما يحدث بأنه "حرب متوقفة"، أما فانس، فقد دعا إلى تنازلات أوكرانية بما يشمل التخلي عن أراضٍ لصالح روسيا، مما أثار جدلًا بين الجمهوريين والديمقراطيين.
لكن أي محاولة من ترامب لتقليص الدعم العسكري لأوكرانيا قد تواجه معارضة قوية من الكونجرس، الذي يضم قوى مؤيدة للحرب من كلا الحزبين، ومع استمرار الضغط الأوروبي، يبدو أن تحقيق سلام دائم يتطلب مواجهة هذه المعارضة الداخلية والخارجية على حد سواء.
إسرائيل والشرق الأوسط
أثبتت فترة ترامب الرئاسية الأولى دعمه غير المحدود لإسرائيل من خلال عدد من الاتفاقيات ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس، واليوم، يستعد بنيامين نتنياهو لاستغلال ولايته الثانية لتنفيذ خطط أكثر عدائية في غزة ولبنان.
يشمل فريق ترامب شخصيات بارزة مثل وزير الدفاع بيت هيجسيث ووزير الخارجية روبيو، ما يعزز فرص استمرار الدعم الأمريكي لإسرائيل، حتى في ظل تفاقم الأزمات الإنسانية.
في غزة، يواجه السكان أوضاعًا مأساوية مع انعدام الغذاء والمأوى وتفشي الأمراض، وفي لبنان، يسعى جيش الاحتلال الإسرائيلي لفرض "منطقة عازلة" بالقوة، ومع اقتراب ولاية ترامب، يبدو أن المنطقة تتجه نحو مزيد من التصعيد، خاصة إذا قررت إسرائيل المضي قدمًا في خططها العسكرية الطموحة.
سيناريوهات حرب كارثية
أثارت فترة ترامب الأولى تساؤلات حول إمكانية اندلاع حرب شاملة مع إيران، حيث انسحب من الاتفاق النووي، وفرض عقوبات مشددة، وأمر باغتيال قاسم سليماني، وتشير التوقعات إلى أن أي مواجهة عسكرية مع إيران ستكون مكلفة وطويلة الأمد، كما أشار العقيد الأمريكي المتقاعد لورانس ويلكرسون، الذي حذر من أن مثل هذه الحرب قد تمتد لعقد كامل بتكلفة تصل إلى 10 تريليونات دولار.
ومع ذلك، يؤمن حلفاء نتنياهو في إسرائيل بضرورة مواجهة إيران عسكريًا لتحقيق رؤيتهم لدولة إسرائيل الكبرى، ومع وجود شخصيات متشددة مثل مايك والتز وإليز ستيفانيك في فريق ترامب، يبدو أن احتمال التصعيد مع إيران يتزايد.
فرصة مهدرة للتهدئة
فيما يقترب بايدن من نهاية ولايته، تتوفر له فرصة ثمينة لتهدئة الأوضاع في الشرق الأوسط. فيمكنه اتخاذ خطوات حاسمة مثل فرض حظر على الأسلحة الهجومية لإسرائيل، والدفع باتجاه مفاوضات جادة لوقف إطلاق النار، وتهدئة التوترات مع إيران.
لكن إدارة بايدن أظهرت ترددًا في اتخاذ إجراءات حاسمة، فبدلًا من الضغط على إسرائيل لتحسين الأوضاع الإنسانية في غزة، اكتفت بالتعبير عن "القلق"، ومع هذا النهج، من غير المرجح أن يستخدم بايدن الوقت المتبقي له لتغيير مسار الصراعات.
بينما يعد ترامب لإعادة صياغة السياسة الخارجية الأمريكية، تظل التساؤلات قائمة حول قدرته على تحقيق التوازن بين إنهاء الحروب والتصعيد، وفي ظل التعقيدات الدولية والخلافات الداخلية، يبدو أن مسار أمريكا تحت قيادته قد يحمل مخاطر كبيرة وفرصًا ضائعة على حدٍ سواءٍ.