مع فوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب بسباق الانتخابات الرئاسية الأمريكية، تزداد الآمال بإمكانية التوصل إلى حل سياسي لإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية، إذ إن رؤية الرئيس الأمريكي المنتخب، التي تدعو إلى مفاوضات سلام سريعة، بدأت تجد قبولًا متزايدًا في أوروبا، التي تعاني تداعيات النزاع على المستويات السياسية والاقتصادية والإنسانية.
ضغوط على كييف
أشارت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، إلى أنه في واحدة من أكبر الضربات الجوية منذ بداية الحرب، أطلقت روسيا 120 صاروخًا و90 طائرة مسيّرة مستهدفةً البنية التحتية للطاقة في أوكرانيا، ووفقًا للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، فإن الهجمات استهدفت ثلاث مناطق رئيسية، ما تسبب في "أضرار جسيمة" وإيقاف أجزاء كبيرة من الشبكة الكهربائية.
فيما أكدت شركات الطاقة الأوكرانية وقوع خسائر كبيرة في الأرواح بين عمّالها، فيما اعتبرت وزارة الدفاع الروسية أن "جميع الأهداف المخطط لها تم تحقيقها".
هذه الهجمات ليست مجرد تصعيد عسكري، بل تضيف أعباءً جديدة على كييف التي تواجه تحديات متزايدة على الجبهة، إذ إن الهجمات المتكررة على البنية التحتية للطاقة، وفقًا لتقرير للصحيفة الأمريكية، شلّت نحو 80% من قدرة أوكرانيا على توليد الطاقة الحرارية، ودمّرت ثلث قدرتها على إنتاج الطاقة الكهرومائية خلال العام الجاري، ما يعمّق من أزمة البلاد الداخلية.
انقسام أوروبي
أوروبيًا، أشارت "وول ستريت جورنال" إلى أن المناقشات بدأت تأخذ منحى أكثر عملية، إذ إن القادة الأوروبيين، الذين كانوا قبل أشهر يخشون من أن تكون مفاوضات ترامب مع موسكو على حساب أوكرانيا، أصبحوا يرون في التوجه الأمريكي فرصة قد تساهم في وقف نزيف الحرب.
تأتي هذه التغيرات في سياق مخاوف متزايدة بشأن قدرة أوروبا على تحمّل تبعات الحرب إذا قلّصت الولايات المتحدة دعمها العسكري والمالي لكييف، بحسب الصحيفة الأمريكية.
ودعا المستشار الألماني أولاف شولتس في مكالمته مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى انسحاب القوات الروسية لتحقيق سلام عادل ودائم، بينما أثارت هذه المحادثة قلق الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الذي وصفها بأنها قد تمنح موسكو فرصة لكسر عزلتها دون نتائج ملموسة.
من جهة أخرى، عبّر كل من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني عن قلقهما من قدرة أوروبا على استمرار تقديم الدعم الكامل لأوكرانيا إذا قلّصت الولايات المتحدة مساعداتها، في حين تبنت دول البلطيق والدول الإسكندنافية موقفًا صارمًا يدعّم أوكرانيا ورفض تقديم أي تنازلات لروسيا.
على النقيض، أظهر رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان دعمًا صريحًا لرؤية ترامب بإنهاء الحرب بسرعة عبر المفاوضات، منتقدًا غياب استراتيجية واقعية لدى أوروبا لتحقيق انتصار أوكرانيا.
هذا الانقسام الأوروبي يعكس تنوع الأولويات بين تحقيق السلام وضمان سيادة أوكرانيا وسط الضغوط الدولية المتزايدة.
التحديات أمام الحل السياسي
رؤية ترامب، التي تعتمد على المفاوضات كسبيل لإنهاء الحرب، تواجه عقبات كبيرة، أبرزها المخاوف من تقديم تنازلات قد تشمل قبول كييف بالوضع الحالي على الأرض.
ورغم أن أوكرانيا تصر على استعادة الأراضي التي سيطرت عليها روسيا، إلا أن هناك إشارات على تغير في المزاج الشعبي، إذ إن استطلاع للرأي أجراه معهد كييف الدولي أظهر أن نسبة الأوكرانيين المستعدين لتقديم تنازلات إقليمية مقابل السلام ارتفعت من 14% إلى 32% خلال العام الماضي، ما يعكس إرهاقًا من تبعات الحرب.
بينما لا يزال الرئيس الأوكراني يحذّر من أن أي تسوية يجب أن تكون شاملة ومستدامة، وهو ما أثبته في خطته للسلام التي قدمها أخيرًا وتشمل تأمين دعم عسكري وضمانات أمنية لمنع تكرار الهجمات.
إذ يقول الرئيس الأوكراني: "السلام الحقيقي لا يمكن أن يكون مجرد هدنة مؤقتة تتيح لروسيا إعادة تسليح نفسها والاستعداد لهجوم جديد".