الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

من أيزنهاور حتى ترامب.. كيف تنتقل السلطة في أمريكا من رئيس لآخر؟

  • مشاركة :
post-title
مكتب الحكم في البيت الأبيض

القاهرة الإخبارية - مصطفى لبيب

في الوقت الذي أصبح فيه كير ستارمر رئيسًا للوزراء البريطاني بعد يوم واحد فقط من فوز حزبه بالانتخابات البرلمانية، إلا أن دونالد ترامب الذي فاز في الانتخابات، يتعين عليه الانتظار 76 يومًا ليصبح رئيسًا مرة أخرى.

ويبدأ الرئيس الأمريكي من الصفر، على عكس الديمقراطيات البرلمانية التي تمتلك المعارضة فيها حكومة ظل مستعدة للاستيلاء على السلطة فور الفوز في الانتخابات، وبحسب شبكة voanews الأمريكية، لا تمتلك الولايات المتحدة مثل هذا النظام.

الأسابيع الحاسمة

"إن الاستعداد للحكم يُعد مهمة هائلة في أمريكا"، هكذا تحدثت فاليري سميث بويد، رئيسة مركز الانتقال الرئاسي، التي أكدت أن الرئيس الفائز يكلف بشغل المناصب في جهاز حكومي مترامي الأطراف بميزانية تقترب من سبعة تريليونات دولار، و3.5 مليون موظف مدني وعسكري، بما في ذلك آلاف المعينين من قِبَل الرئيس.

وتشكل الأسابيع الأحد عشر الحاسمة بين يوم الانتخابات في نوفمبر ويوم التنصيب في يناير حجر الزاوية في الديمقراطية الأمريكية، وفقًا لها، مشيرة إلى أنه في الواقع تم تصميم تلك المدة لضمان انتقال سلس وسلمي للسلطة من إدارة إلى أخرى.

العملية الانتقالية

وكانت فترة الانتقال أطول من ذلك بكثير تصل إلى أربعة أشهر، وكانت حدثًا منخفض الأهمية إلى حد ما طوال معظم تاريخ أمريكا، كما يقول المؤرخ راسل رايلي، وأرجع أقدم ذكر لعبارة الانتقال الرئاسي إلى عام 1948.

وأكد المؤرخ للشبكة الأمريكية أن العملية الانتقالية اكتسبت أهمية أكبر في الستينيات بسبب المخاطر التي تهدد الرئاسة والأمة الأمريكية بأكملها؛ نتيجة لعدم إعداد الوافد الجديد وفريقه بشكل كامل منذ اليوم الأول لمواجهة تحديات العالم.

أوباما يسلم ترامب السلطة
التقاليد والقانون

ولكن اليوم، أصبح التحول عملية رسمية معقدة للغاية، تحكمها التقاليد والعادات والقوانين واللوائح على حد سواء، وقال خبراء شؤون الانتقال الرئاسي إن هناك بعض التقاليد رغم تعقيدها إلا أنها رمزية إلى حد كبير مثل الاجتماع ما بعد الانتخابات في البيت الأبيض بين الرئيس الحالي والرئيس المنتخب.

ويعود الفضل إلى الرئيس هاري ترومان في تشجيع هذا التقليد بدعوة دوايت أيزنهاور، وهو خصم سياسي مرير، إلى البيت الأبيض بعد فوز أيزنهاور في عام 1952، واتبع كل رئيس منذ ذلك الحين هذا المثال، باستثناء ترامب بعد هزيمته في عام 2020.

مجلس انتقالي

وفي تقليد يعود تاريخه إلى عام 1968، يشارك الرئيس نسخة من وثيقة إحاطته الاستخباراتية اليومية، الإيجاز اليومي للرئيس مع القائد الأعلى القادم، وعلى الرغم من عدم وجود نص قانوني مكتوب في أي من الممارستين، ولكن هناك الكثير من الأمور الأخرى المتعلقة بالانتقال مفروضة قانونًا.

ومن بين أمور أخرى قبل ستة أشهر من الانتخابات، يقوم الرئيس الحالي بتأسيس مجلس تنسيق انتقالي، في حين تقوم كل وكالة فيدرالية بتعيين مدير انتقالي، وبحلول 15 سبتمبر، يتعين على رؤساء الوكالات تثبيت خطط الخلافة للموظفين القادمين.

قطيعة ترامب

وبحلول الأول من أكتوبر، تبرم إدارة الخدمات العامة الجهة المالكة للمباني الحكومية الفيدرالية اتفاقيات مع فرق الانتقال قبل تزويدها بمساحات المكاتب والموارد الأخرى، ورغم أن هذه الإضافات حديثة إلى القانون، فإن الخلافة الرئاسية المنظمة كانت القاعدة في أغلب تاريخ أمريكا.

ولكن القطيعة من وجهة نظرهم جاءت في 2020، عندما ادعى ترامب الذي كان يترشح لإعادة انتخابه، حدوث تزوير في الانتخابات ورفض الاعتراف بالهزيمة، وفي البداية، حُرم بايدن من الإحاطة الاستخباراتية اليومية، واستغرق الأمر من إدارة الخدمات العامة ثلاثة أسابيع للتأكد من فوزه.

بايدن وترامب خلال لقائهما الأخير في البيت الأبيض
موارد ضخمة

وعلى عكس التقاليد، لم يدع ترامب بايدن إلى البيت الأبيض وغادر واشنطن دون حضور حفل تنصيبه، ومع الإعلان السريع عن فوز ترامب في الانتخابات هذا العام، عاد البندول إلى البروتوكول المعمول به سابقًا على مر السنين.

وعلى رأس قائمة الأولويات للرئيس الأمريكي الجديد تعيين الموظفين في الإدارة القادمة، ويتعين على الإدارة الجديدة أن تشغل أكثر من 4000 منصب، منها 1200 منصب تتطلب موافقة مجلس الشيوخ، وفقًا لمركز الانتقال الرئاسي، وعادة ما يستقيل المعينون السياسيون الحاليون قبل أو في يوم تنصيب الرئيس الجديد.

هذا الجهد الضخم في التوظيف يستغرق وقتًا وموارد، وفقًا للشبكة الأمريكية، إذ يتعين إجراء المقابلات مع المرشحين للمناصب السياسية، والتدقيق في ملفاتهم، وفي بعض الحالات الحصول على تصاريح أمنية سرية للغاية، واختار ترامب بالفعل كبار المسؤولين في إدارته ومن المتوقع الإعلان عن المزيد من كبار المسؤولين في الأيام والأسابيع المقبلة.

فترة "البطة العرجاء"

ويُطلق على فترة انتقال السلطة الرئاسية أحيانًا اسم "فترة البطة العرجاء" لأن نفوذ الرئيس المنتهية ولايته يتضاءل بينما ينتظر تنصيب الرئيس الجديد، وفي حين يحتفظ الرئيس الحالي بكامل سلطاته، بما في ذلك سلطة العفو، حتى العشرين من يناير، فإن قدرته على تنفيذ السياسات والقرارات الرئيسية محدودة.

وهذا من شأنه، وفقًا لخبراء شؤون الانتقال الرئاسي، أن يخلق لعبة شطرنج عالية المخاطر في الشؤون المحلية والعالمية، ويتعين على الحلفاء والمنافسين أن يوازنوا بين الإدارات الحالية والمستقبلية، ويتعين على الحكومات الأجنبية، خاصة التي تربطها علاقات حرجة بالولايات المتحدة، أن تسير على حبل دبلوماسي مشدود.