تنطلق أعمال القمة التاسعة عشرة لرؤساء دول وحكومات مجموعة العشرين بمدينة ريو دي جانيرو البرازيلية، غدًا الاثنين، بعنوان "بناء عالم عادل وكوكب مستدام"، ومشاركة الدول الأعضاء والاتحادين الإفريقي والأوروبي.
وتضم مجموعة العشرين في عضويتها 19 دولة والاتحادين الأوروبي والإفريقي، وتشمل الدول الأعضاء: الولايات المتحدة والصين والهند وروسيا والسعودية والبرازيل وكندا والمكسيك وألمانيا وإيطاليا والمملكة المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية وإندونيسيا والأرجنتين وتركيا وفرنسا وأستراليا وجنوب إفريقيا.
وتمثل دول المجموعة نحو ثلثي سكان العالم، وتسهم بـ90% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، و80% من التجارة الدولية، ووجهت البرازيل دعوات لحضور القمة هذا العام إلى 19 دولة غير عضو، بما في ذلك مصر والإمارات وقطر وإسبانيا ونيجيريا وماليزيا.
وتناقش قمة ريو دي جانيرو، على مدى يومين، سبل تحسين أداء المؤسسات الدولية متعددة الأطراف وعددًا من القضايا الجيوسياسية، ومنها الوضع في منطقة الشرق الأوسط، والحرب في أوكرانيا، والقضايا المتعلقة بالذكاء الاصطناعي، والقضاء على الجوع وتحقيق الأمن الغذائي، وتحقيق التنمية المستدامة والأمن، ومواجهة التغيرات المناخية، وزيادة حجم التجارة والاستثمار والتعاون بين الدول الأعضاء.
وتشمل أعمال القمة تدشين "التحالف العالمي لمكافحة الفقر والجوع" رسميًا، وهو التحالف الدولي الذي تطلقه البرازيل في ضوء رئاستها لمجموعة العشرين، ويهدف إلى تعزيز الشمول الاجتماعي والقضاء على الفقر والجوع، من خلال حشد الموارد المالية والمعرفية لتسريع وتيرة الجهود العالمية لمكافحة الفقر والجوع، باعتبارهما على رأس أهداف التنمية المستدامة.
ومنذ نشأتها، ناقشت مجموعة العشرين، قضايا واسعة مثل التنمية المستدامة والطاقة وتغير المناخ، كما قادت خلال جائحة كوفيد-19، جهود التنسيق العالمية عبر آلية "كوفاكس"، ما ساهم في توفير ملياري جرعة لقاح للدول الأكثر فقرًا.
وتنعقد قمة العشرين في ريو دي جانيرو هذا العام، في وقت يزداد فيه تباعد وجهات النظر بين الدول الأعضاء حول القضايا الكبرى، خاصة بعد إعادة انتخاب الرئيس السابق دونالد ترامب رئيسًا جديدًا للولايات المتحدة، وفق ما ذكرت هيئة الإذاعة الألمانية "دويتشه فيله" في تقرير لها.
وذكرت الإذاعة في تقريرها، أن ملف المناخ من أبرز القضايا الشائكة على طاولة الاجتماعات، كما كان الأمر في اجتماعات سابقة لمجموعة أكبر اقتصاديات في العالم، لكن دون الوصول إلى الزخم المطلوب.
وقالت الإذاعة إن العقبات لا تزال قائمة، وهي كانت أيضًا حاضرة في قمة "باكو" التي دعت إليها الأمم المتحدة حول المناخ، وقبل ذلك في قمة باريس وغيرها، ولا شيء تغير.
ولا يزال المشاركون في "كوب 29 " في باكو يناقشون هدفًا جديدًا لحجم الأموال التي ستقدمها الدول الأكثر ثراء لمواجهة تغير المناخ، فالدول المتقدمة تريد من نظيراتها النامية ذات اقتصاديات متطورة، مساهمة أكبر في التمويل لمعالجة آثار الاحتباس الحراري، لكن العالم النامي يقول إن الأمر متروك لأغنى دول العالم لسداد الفاتورة.
وبات التوصل إلى اتفاق عالمي أكثر صعوبة، في ظل توقعات بانسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس بقيادة ترامب الذي سبق له أن قام بذلك في ولايته الرئاسية السابقة.
واصطدمت قضية فرض ضرائب على الثروات الكبيرة، وهو اقتراح يتبناه الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا في كوب 29، بحجر عثرة.
ورفضت الأرجنتين في اللحظات الأخيرة، التوقيع على إدراج الاقتراح في البيان الختامي، وسحبت وفدها من قمة باكو، بينما تسري تكهنات بشأن انسحابها المحتمل من اتفاقية باريس للمناخ، خاصة أن هذا التطور أعقب زيارة الرئيس خافيير ميلي لترامب في منتجعه في مار-أ-لاجو في فلوريدا، كأول زعيم أجنبي يزور ترامب بعد فوزه في انتخابات الرئاسة.
وبخصوص أوكرانيا، استبقت مجموعة الدول السبع، اجتماع ريو دي جانيرو، وأكدت في بيان مشترك "دعمها الراسخ" لأوكرانيا "مهما استغرق ذلك من الوقت".
أما عن الحرب الإسرائيلية على غزة ولبنان، وأمام الانتقادات النوعية التي وجهتها الأمم المتحدة لإسرائيل ورئيس حكومتها بنيامين نتنياهو، تضغط دولة الاحتلال نحو "تعديل" صياغة مسودة الإعلان الختامي لقمة مجموعة العشرين.
وفي تغريدة له على مواقع التواصل الاجتماعي، وصف وزير الخارجية الإسرائيلي الجديد جدعون ساعر المسودة، بأنها "غير متوازنة ومنحازة"، وذكر أنه اتصل بالعديد من وزراء خارجية دول مجموعة العشرين مطلع الأسبوع، وأعرب عن استيائه منها.
وتابع في هذا الشأن: "في مناقشاتي مع نظرائي، ذكرت أنه ينبغي أن يتضمن البيان الموجز الذي يتناول الصراع في منطقتنا، الاعتراف بحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، والمطالبة بإطلاق سراح جميع المحتجزين في غزة، وإدانة كل من حماس وحزب الله".
وواصل "ساعر" أن أي بيان لا يتناول هذه العناصر "سيضر بالسلام والأمن، ولن يؤدي إلا إلى تشجيع إيران ووكلائها على الاستمرار في نشر عدم الاستقرار في جميع أنحاء الشرق الأوسط"، على حد ادعائه.
تأسست المجموعة عام 1999 على هامش اجتماعات وزراء مالية ومحافظي البنوك المركزية لمجموعة السبع الكبرى، بهدف إشراك الدول الناشئة في مناقشات الاستقرار المالي العالمي، عقب الأزمة المالية الآسيوية في 1997-1998.
وتعد مجموعة العشرين منصة رئيسية للتنسيق الاقتصادي العالمي، إذ تجمع القوى الاقتصادية الكبرى للعمل على تعزيز الاستقرار المالي ومواجهة التحديات الاقتصادية.
وتعمل المجموعة من خلال عدة آليات، أبرزها قمة رؤساء الدول والحكومات، التي عُقدت لأول مرة في واشنطن عام 2008، بالإضافة إلى اجتماعات وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية، بحضور منظمات دولية مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، لبحث تمويل الدول النامية خلال الأزمات.