بينما يتوجه رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، إلى البرازيل، اليوم الأحد، لحضور اجتماع مجموعة العشرين، حيث من المقرر أن تهيمن قضايا الأمن العالمي والنمو الاقتصادي؛ أشار عدد من المسؤولين السابقين في المملكة المتحدة إلى أهمية أن تتخذ لندن خيارها بعد عودة ترامب: إما أمريكا أو أوروبا.
ومن المتوقع أن يجري رئيس الوزراء البريطاني محادثات مع الرئيس الصيني، شي جين بينج، الذي يقترح ترامب فرض رسوم جمركية ضخمة بنسبة 60% على واردات بلاده.
ويتوقع خبراء التجارة أن تطالب الولايات المتحدة الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة باتباع نفس النهج، وهو ما سيقاومه كلاهما بشدة لأسباب تجارية خاصة بهما.
وتسعى المملكة المتحدة إلى زيادة التجارة مع بكين، في حين تكثف الجهود لإيجاد طرق أفضل للوصول إلى السوق الموحدة للاتحاد الأوروبي.
وفي الأسبوع الماضي، أوضح محافظ بنك إنجلترا، أندرو بيلي، أن الخروج من الاتحاد الأوروبي "أثر" على الاقتصاد المحلي.
ونقلت صحيفة "الجارديان" عن مصدر حكومي إن تطوير استراتيجية تجارية في ظل النظام العالمي الجديد أصبح الآن على رأس الأولويات.
وأضاف: "لقد تحول الأمر من كونه بالغ الأهمية إلى كونه الأول في القائمة، بعد إعادة انتخاب ترامب".
ومع ذلك، قال جواو فالي دي ألميدا، السفير السابق للاتحاد الأوروبي في لندن، إنه يعتقد أن هناك "أرضًا مشتركة للاتفاق" والتي من شأنها أن تنطوي على صفقات براجماتية قليلة بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة والمملكة المتحدة.
وقال: "نحن نعلم أن ترامب سيحاول تقسيم الدول الأعضاء في أوروبا وتقسيم المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي. وهذا هو بالفعل ما يحاول نايجل فاراج القيام به. لكنني أعتقد أننا نستطيع أن نمشي ونمضغ العلكة في نفس الوقت (كناية عن القدرة على فعل الأمرين معًا)".
مصلحة البقاء
قال الرئيس السابق لمنظمة التجارة العالمية إن المملكة المتحدة، يجب أن تقف إلى جانب الاتحاد الأوروبي بشأن السياسات التجارية والاقتصادية بدلًا من الولايات المتحدة بقيادة دونالد ترامب، مع تزايد المخاوف بشأن حرب تجارية عالمية محتملة.
وقال باسكال لامي، الذي تولى رئاسة منظمة التجارة العالمية من عام 2005 إلى عام 2013، إنه "من الواضح أن مصلحة المملكة المتحدة تكمن في البقاء على مقربة من الاتحاد الأوروبي في التجارة، بدلًا من التحالف مع ترامب، وخاصة لأنها تتاجر مع أوروبا أكثر بثلاث مرات من الولايات المتحدة".
وجاءت تعليقاته بعد أن قال ستيفن مور، أحد أبرز مؤيدي ترامب، الجمعة، إن المملكة المتحدة "يجب أن ترفض النموذج الاشتراكي للاتحاد الأوروبي"، إذا كانت تريد أن يكون لديها أي فرصة واقعية لإبرام اتفاقية التجارة الحرة مع الولايات المتحدة تحت حكم ترامب، ونتيجة لذلك، تجنب الرسوم الجمركية البالغة 20% على الصادرات التي وعد بها الرئيس المنتخب.
وفي مقابلة مع صحيفة "الأوبزرفر"، قال لامي: "في رأيي، المملكة المتحدة دولة أوروبية. نموذجها الاجتماعي الاقتصادي أقرب كثيرًا إلى النموذج الاجتماعي للاتحاد الأوروبي، وليس النسخة القاسية والوحشية للغاية من الرأسمالية التي يتبناها ترامب وإيلون ماسك".
وأضاف: "يمكننا أن نتوقع أن ترامب وماسك سيذهبان إلى أبعد من ذلك في هذا الاتجاه. إذا تراجع ترامب عن دعم أوكرانيا، فأنا لا أشك مطلقًا في أن المملكة المتحدة ستظل على الجانب الأوروبي".
علاقة الأرقام
خلال حديثه إلى "الأوبزرفر"، أشار لامي إلى أنه "فيما يتعلق بأمور التجارة، يتعين علينا أن ننظر إلى الأرقام. فالعلاقة التجارية بين المملكة المتحدة وأوروبا أكبر بثلاث مرات من العلاقة التجارية بين المملكة المتحدة والولايات المتحدة".
وقال: "إن هذا يشكل نوعًا من الترابط البنيوي المتبادل الذي لن يتغير إلا إذا قررت المملكة المتحدة -وهو افتراض لا أعتقد أنه واقعي- مغادرة معايير الاتحاد الأوروبي، والانتقال إلى معايير الولايات المتحدة. ولا أعتقد أن هذا سوف يحدث".
وأكد أن "خيار الاتحاد سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا مع الولايات المتحدة وليس مع أوروبا لا معنى له على الإطلاق. وأعتقد أن الخيار الأوروبي يظل هو الخيار السائد بالنسبة لمصالح المملكة المتحدة وقيمها".
كما قال إيفان روجرز، السفير البريطاني السابق لدى الاتحاد الأوروبي، إنه من الواضح أنه بعد إعادة انتخاب ترامب، سيتعين على المملكة المتحدة الاختيار بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
وأضاف: "أي اتفاقية للتجارة الحرة يمكن لترامب وفريقه أن يقترحها على المملكة المتحدة يجب أن تحتوي على مقترحات رئيسية بشأن وصول الولايات المتحدة إلى السوق الزراعية في المملكة المتحدة والمعايير البيطرية. وإذا وقعت المملكة المتحدة، فهذه هي نهاية اتفاقية الطب البيطري التي اقترحها ستارمر مع الاتحاد الأوروبي".
وشدد، كما نقلت عنه "الجارديان"، على أنه "لا يمكنك الحصول على الاثنين، عليك الاختيار".