تتصاعد حدة التوترات في لبنان مع استمرار المحادثات بشأن وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله، وسط رفض متزايد من الحزب لأي تسوية وفقًا لإملاءات إسرائيل.
وفي الوقت الذي يسعى فيه البعض للتوصل إلى تسوية سياسية تهدف إلى تهدئة الأوضاع، يرى حزب الله أن إسرائيل ليست في موقف يمكّنها من فرض شروط على لبنان، ويؤكد ضرورة أن تكون أي تسوية في مصلحة لبنان أولًا، بعيدًا عن الهيمنة الإسرائيلية.
رفض شروط الاحتلال
في مقال نشرته صحيفة "الأخبار" اللبنانية، أكد رئيس تحريرها إبراهيم الأمين أن إسرائيل تسعى إلى فرض شروط غير مقبولة على لبنان عبر الأمم المتحدة والقوات الدولية (اليونيفيل)، بهدف شن عمليات عسكرية مفتوحة ضد حزب الله.
"الأمين" قال إيضًا إن "إسرائيل تريد من الجيش اللبناني واليونيفيل تنفيذ ما فشلا في تحقيقه، وهو نزع سلاح عناصر حزب الله في منطقة جنوب الليطاني"، مضيفًا أن الاستسلام لهذه الشروط يمثل تجاوزًا لكل تضحيات المقاومة اللبنانية.
وأضاف "الأمين" أن هذه التصورات تهدف إلى "تنظيم خطاب إسرائيل في الحرب ضد لبنان وتحديد أهداف غير واقعية"، وبحسب الأمين، فإن المطالب الإسرائيلية تمثل تحديًا للكرامة اللبنانية، حيث إن "الاستسلام بعد كل ما حدث من تضحيات هو أمر مستحيل وغير مقبول"، كما أن أي تسوية تتم وفق هذه الشروط لا يمكن أن تُقبل.
حزب الله: لن نقبل بمهمة تدميرنا
في سياق متصل، تناول الكاتب في صحيفة "الأخبار" اللبنانية يحيى دبوق رفض حزب الله للمقترحات الإسرائيلية المتعلقة بوقف إطلاق النار. وذكر "دبوق" أن "إسرائيل ليست في وضع يسمح لها بفرض شروط" على لبنان، مشيرًا إلى أن الحزب لن يقبل بأي اتفاق يعطي الجيش اللبناني مهمة تدمير البنية التحتية لحزب الله في جنوب الليطاني.
ورأى أن هذا سيكون بمثابة تحويل الجيش اللبناني إلى "ذراع إسرائيلية" لتحقيق أهدافها، كما أشار إلى أن أحد البنود التي تضمنتها المقترحات الإسرائيلية، التي تسمح لإسرائيل بـ"حماية نفسها من حزب الله" عبر العمل العسكري داخل لبنان، غير مقبول، لأن ذلك سيعطي إسرائيل الحق في التسلل وشن عمليات اغتيال واختطاف وهجمات داخل الأراضي اللبنانية تحت ذريعة "الدفاع عن النفس". واعتبر حزب الله هذا البند بمثابة "إذعان للهيمنة الإسرائيلية على لبنان".
حوار مستمر وحذر يزداد
في حين أن هناك بعض المؤشرات على استئناف الحوار بين الأطراف المعنية، لا يزال هناك تشاؤم كبير داخل لبنان بشأن إمكانية الوصول إلى اتفاق يرضي جميع الأطراف.
صحيفة "الجمهورية" اللبنانية نقلت عن مصادر مطلعة أن حزب الله يفضّل وقف الهجمات بشكل تدريجي، مع التأكيد على أن إسرائيل لن تحقق أي مكاسب سياسية من دون تحقيقها عسكريًا على الأرض.
وكما أوردت الصحيفة، أن حزب الله يُظهر عدم ثقته بالولايات المتحدة، التي يعتبرها شريكًا في الهجمات الإسرائيلية، ما يعيق أي تقدم سريع في مفاوضات وقف إطلاق النار.
وفيما تتواصل المحادثات، يُبدي الحزب قلقًا من أن تكون الضغوط الأمريكية سببًا في دفع لبنان إلى القبول بشروط إسرائيلية قد لا تضمن السيادة الوطنية للبنان.
موافقة أمريكية
وفي ظل هذه الأجواء المتوترة، أفادت صحيفة "وول ستريت جورنال" بأن الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، أعطى موافقته على الخطوط العريضة لاتفاق من شأنه أن يؤدي إلى وقف إطلاق النار في الشمال اللبناني.
وبحسب التقرير، قدّم وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي، رون ديرمر، هذه المقترحات خلال لقاء مع ترامب هذا الأسبوع، الذي أبدى أمله في إمكانية تنفيذها قبل دخوله البيت الأبيض في 20 يناير.
وفي إطار جهود الوساطة، سلّم المبعوث الأمريكي عاموس هوشستين، الثلاثاء الماضي، مسودة اتفاق وقف إطلاق النار إلى الحكومة اللبنانية، حيث أبلغ المسؤولين اللبنانيين بأنه لن يزور بيروت إذا لم يكن هناك استعداد جاد من قبلهم لإبرام الاتفاق.
كان "هوشستين" سلّم المسودة إلى رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي ورئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي تسلم النسخة باسم حزب الله، في خطوة تهدف إلى ضمان دعم فاعل لهذا الاتفاق.
الصراع مستمر ولبنان في مفترق طرق
بينما تتواصل المفاوضات في أفق تسوية الأزمة اللبنانية-الإسرائيلية، يبقى الموقف اللبناني مشوبًا بالتحديات الكبرى، ويبقى السؤال حول ما إذا كانت المفاوضات ستؤدي إلى وقف إطلاق النار حقيقي أم أنها ستظل محكومة بشروط متناقضة تبقي الوضع في حالة من عدم الاستقرار.