بينما تسعى إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، إلى التوصل لاتفاقٍ بوقف إطلاق النار في لبنان، يبرز شرط إسرائيلي يرفضه اللبنانيون، كعقبة أمام الجهود الأمريكية في هذا الصدد، يتمثل في منح جيش الإحتلال حرية التدخل العسكري بالأراضي اللبنانية، تحت ذريعة درء أية تهديدات محتملة.
وخلال الأيام الأخيرة الماضية، تحدثت تقارير أمريكية عمّا اعتبرته أبرز البنود التي تضمنتها مسودة اقتراح الهدنة الذي قدمته الولايات المتحدة إلى لبنان.
وذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، نقلًا عمّنْ وصفته بالمصدر المطلع، أن المسودة تنص على خروج "حزب الله" إلى شمال نهر الليطاني، الذي يبعد نحو 18 ميلًا شمال المستوطنات الإسرائيلية، إلى جانب تحمل الجيش اللبناني وقوات "يونيفيل" مسؤولية منع الجماعة من العودة جنوبًا.
وأشار المصدر إلى أنَّ هناك "نقطة شائكة في التسوية، وهي ضمان فرض إسرائيل وقف إطلاق النار، إذا فشل الجيش اللبناني وقوات يونيفيل التابعة للأمم المتحدة في هذه المهام".
وفي السياق ذاته، نقلت صحيفة "جويش إنسايدر" عن مصادر لم تكشف عن هويتها، أن "المسودة تتضمن مشاركة واشنطن بشكل مباشر في المراقبة، لضمان عدم قيام حزب الله بإعادة التسلح في جنوب لبنان".
وذكرت "جويش إنسايدر"، وهي صحيفة أمريكية يهودية تُعنى بشؤون الولايات المتحدة والشرق الأوسط، أن "بريطانيا وفرنسا من بين الدول الأخرى التي وافقت على المشاركة في الحفاظ على وقف إطلاق النار"، وفقًا لمصادر إسرائيلية أكدت أيضًا "وجود مراقبة تكنولوجية وبشرية" لجنوب لبنان.
وكانت هيئة البثِّ الإسرائيلية أوردت بنود مشروع الاتفاق بين إسرائيل ولبنان، والتي تتضمن "سحب إسرائيل قواتها من جنوب لبنان خلال سبعة أيام من بدء التنفيذ، ويحل محلها الجيش اللبناني، وستشرف على الانسحاب الولايات المتحدة ودولة أخرى، كما سينشر الجيش اللبناني قواته على طول الحدود والمعابر، وفي غضون 60 يومًا من توقيع الاتفاق، سيتعين على لبنان نزع سلاح أي مجموعة عسكرية غير رسمية في جنوب لبنان".
علاوة على أن "أي عملية بيع أسلحة للبنان أو إنتاجها داخله، سوف تكون تحت إشراف الحكومة اللبنانية، التي ستمنح الصلاحيات اللازمة لقوى الأمن اللبنانية لتنفيذ القرار".
ونقلت وكالة "رويترز" عن مصدرين سياسيين، أن السفيرة الأمريكية لدى لبنان سلَّمت مسودة مقترح الهدنة إلى رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، والذي أيَّده حزب الله للتفاوض، أول أمس الخميس.
وأفاد مسؤولون لبنانيون، أمس الجمعة، بأن بيروت تدرس مقترحًا أمريكيًا للتوصل إلى هدنة لوقف الحرب بين حزب الله وإسرائيل.
وقال مسؤول لبناني كبير، لوكالة "فرانس برس"، إن السفيرة الأمريكية في بيروت ليزا جونسون، عرضت على رئيس الوزراء نجيب ميقاتي ورئيس البرلمان نبيه بري خطة من 13 نقطة، تنص بشكل خاص على هدنة لمدة 60 يومًا، وانتشارًا للجيش في جنوب لبنان على الحدود مع إسرائيل.
وأضاف المسؤول أن بري طلب تأجيلًا لمدة ثلاثة أيام، مبينًا أنَّ "إسرائيل لم تقدم ردًا بعد".
ومن النقاط الشائكة الرئيسية في محادثات وقف إطلاق النار، مطلب إسرائيل بالاحتفاظ بحرية التصرف إذا خرق حزب الله أي اتفاق، وهو المطلب الذي يرفضه لبنان.
ورفض "بري" في تصريحات صحفية أمس الجمعة، أن تتضمن المسودة "أي نوع من حرية الحركة للجيش الإسرائيلي في لبنان"، مشيرًا إلى أن جميع الأطراف تدرك أنه "أمر غير مقبول ولا يمكن حتى النقاش فيه بالمبدأ، وأنه لا يمكن أن نقبل بأي مس بسيادتنا".
ونفى بري أيضًا أن يكون ضمن بنود المسودة، فكرة نشر قوات من حلف شمال الأطلسي (الناتو) أو غيرها في لبنان.
وتجدر الإشارة إلى أن المقترح الأمريكي الجديد سبقه لقاء في البيت الأبيض بين الرئيس جو بايدن والرئيس المنتخب دونالد ترامب.
ووافقت إسرائيل على المقترح نتيجة ما يتضمنه من ضمانات أمريكية، تمنحها الحق في الرد عسكريًا على أي خروقات إذا لم تتمكن القوات الدولية من منعها.
وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، الأربعاء الماضي، إنه لن يوافق على أي اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان "دون تحقيق أهداف الحرب"، ومنها "نزع سلاح جماعة حزب الله"، و"انسحابها إلى ما وراء نهر الليطاني"، و"السماح بعودة سكان شمال إسرائيل إلى منازلهم".
وأضاف "كاتس"، خلال زيارته لقيادة المنطقة العسكرية الشمالية: "نحن بحاجة إلى الاستمرار في ضرب حزب الله بكل قوتنا"، لافتًا إلى أن "أي اتفاق مقبل يجب أن يعطي إسرائيل الحق في تنفيذ الاتفاق بنفسها، والعمل ضد أي نشاط أو منظمة إرهابية". على حد قوله.
وجاءت تصريحات كاتس بعد يومين من إقرار زميله في حكومة الاحتلال وزير الخارجية جدعون ساعر، بوجود تقدم في مباحثات وقف إطلاق النار مع لبنان، وذلك بعدما أوردت صحف إسرائيلية تقارير عن تقدم في المحادثات بين تل أبيب وبيروت.
وأقر ساعر، الاثنين الماضي، بوجود تقدم في محادثات وقف إطلاق النار في لبنان، وقال إن "إسرائيل مستعدة لإنهاء الحرب في غزة عندما تتحقق أهدافها".