كشفت اختيارات الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب لتشكيل إدارته الجديدة للولاية الثانية، عن توجه واضح نحو الاعتماد على شخصيات معروفة بولائها المطلق له وبمواقفها المتشددة في العديد من القضايا الداخلية والخارجية، ما أثار موجة من القلق والانتقادات في الأوساط السياسية والأمنية الأمريكية.
تشكيل يثير المخاوف
وفي خطوة تعكس نيته تنفيذ وعوده الانتخابية المتشددة في ملف الهجرة، كشفت صحيفة "ذا جارديان" أن ترامب اختار فريقًا من أشد المتحمسين لسياساته في هذا المجال، إذ عيّن ستيفن ميلر، المهندس الرئيسي لسياسات الهجرة المثيرة للجدل في ولايته الأولى، في منصب نائب رئيس الموظفين للسياسات ومستشارًا لوزارة الأمن الداخلي.
وميلر، الذي يُعرف بكونه العقل المدبر وراء "حظر المسلمين" في الولاية الأولى لترامب، سيعمل إلى جانب توم هومان، الذي تم تعيينه "قيصرًا للحدود"، حسب وصف الصحيفة البريطانية.
وكان "هومان" المدير بالإنابة لوكالة الهجرة والجمارك الأمريكية خلال فترة ترامب الأولى، وأحد أبرز المدافعين عن سياسة فصل العائلات المهاجرة.
واستكمالًا لهذا الفريق، اختار ترامب كريستي نويم، حاكمة ولاية داكوتا الجنوبية، لتولي وزارة الأمن الداخلي.
وتُعرف "نويم" بكونها من أشد المؤيدين لترامب على مدى عقد من الزمان، وأيّدت بشكل علني معظم سياساته المتعلقة بالهجرة.
ويرى محللون أن هذا الثلاثي سيكون مسؤولًا عن تنفيذ وعد ترامب الانتخابي بالترحيل الجماعي لملايين المهاجرين غير الموثقين المقيمين في الولايات المتحدة.
تحولات جذرية
وأحدث ترامب صدمة في الأوساط القانونية والعسكرية والدبلوماسية من خلال تعييناته الجديدة، إذ اختار النائب الجمهوري مات جيتز، أحد أبرز المدافعين عنه، لمنصب وزير العدل، رغم أن جيتز كان موضع تحقيق فيدرالي في قضية للاتجار بالجنس في 2023 انتهت دون توجيه اتهامات.
وفي البنتاجون، فاجأ الجميع باختيار بيت هيجسيث، المحارب القديم ومذيع شبكة فوكس نيوز، وزيرًا للدفاع.
ويُعرف هيجسيث بمعارضته الشديدة لما يصفه بالبرامج العسكرية "المستيقظة"، وتشكيكه في دور المرأة في القتال، كما أنه دعا في السابق إلى العفو عن عسكريين متهمين بارتكاب جرائم حرب.
وفي الشأن الدبلوماسي، اختار ترامب السيناتور ماركو روبيو وزيرًا للخارجية، في خطوة تشير إلى تبني نهج متشدد تجاه الصين وإيران وفنزويلا.
كما عيّن مايك هاكبي، حاكم أركنساس السابق المعروف بمواقفه المتشددة تجاه القضية الفلسطينية، سفيرًا للولايات المتحدة لدى إسرائيل.
وفي الأمم المتحدة، اختار إليز ستيفانيك، النائبة عن نيويورك، سفيرةً جديدة، وهي معروفة بدعواتها لوقف تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا".
إدارة كفاءة الحكومة
وفي خطوة غير مسبوقة بتاريخ الإدارات الأمريكية، أعلن ترامب عن تأسيس إدارة جديدة أطلق عليها "إدارة كفاءة الحكومة"، وعيّن لقيادتها كُلًا من إيلون ماسك، أغنى رجل في العالم، وفيفيك راماسوامي، المرشح الرئاسي الجمهوري السابق.
وتهدف هذه الإدارة، التي ستعمل خارج الهيكل الحكومي التقليدي، إلى تقليص البيروقراطية الفيدرالية بنحو الثلث، وإدخال نهج ريادة الأعمال في العمل الحكومي.
وأثار تعيين ماسك انتقادات حادة من منظمة "بابلك سيتيزن" غير الربحية، التي شككت في خبرته في مجال الكفاءة الحكومية والتنظيم، مشيرة إلى أن شركاته نفسها انتهكت بشكل متكرر القواعد التي سيكون في موقع مهاجمتها.
وفي مجال الاستخبارات والأمن القومي، اختار ترامب شخصيات معروفة بولائها له، إذ عيّن تولسي جابارد، النائبة الديمقراطية السابقة التي تحولت إلى داعمة له، مديرة للاستخبارات الوطنية، وجون راتكليف مديرًا لوكالة الاستخبارات المركزية.
كما عيّن مايك والتز، عضو الكونجرس والمقاتل السابق في القوات الخاصة، مستشارًا للأمن القومي.
ونقلت "ذا جارديان" عن إريك إيدلمان، الذي شغل منصب كبير مسؤولي السياسات في البنتاجون خلال إدارة بوش، قوله إن اختيارات ترامب حتى الآن تكشف أنه " يعد الولاء الشخصي له المعيار الأول والأهم في اختياراته"، مضيفًا أن أحد المعايير الرئيسية يبدو أنه "مدى دفاع الأشخاص عن ترامب على شاشات التلفزيون".