خلال حملته التي جاءت تحت شعارات "لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى" و"أمريكا أولًا"، وعد دونالد ترامب بأكبر عملية ترحيل للمهاجرين في تاريخ الولايات المتحدة، وفرض تعريفات جمركية جديدة شاملة على الواردات، وتجميد اللوائح المتعلقة بالمناخ، وإعادة تشكيل وكالات الصحة الفيدرالية، وتغييرات أيديولوجية في نظام التعليم.
وبينما حصل ترامب على فرصته عقب التصويت له للرجوع إلى البيت الأبيض، أعرب مطلعون على ترتيبات إدارته الجديدة عن اعتقادهم أنه سيكون قادرًا على التحرك بشكل أسرع مما فعل في ولايته الأولى لتحقيق هذه الأهداف؛ كما أشار تقرير لصحيفة "بوليتيكو".
وكان ترامب في ولايته الأولى، أجرى تغييرات سياسية كبيرة، لكنه اشتكى في كثير من الأحيان من البيروقراطية التي تعترض طريق أهدافه الأكثر طموحًا. وبفضل الخبرة المكتسبة، يتوقع ترامب أن يصبح المسؤولون في إدارته الثانية قادرين على فهم كيفية التنقل بين الوكالات والعمليات السياسية المعقدة بشكل أفضل، مما يجعل أجندة أسرع وأكثر طموحًا ممكنة، وفقًا لمستشاري الرئيس العائد.
ورغم أن بعض أهم بنود جدول أعمال ترامب الإعفاءات الضريبية وتعديلات قانون الرعاية الميسرة سوف تحظى بموافقة الكونجرس، فإن العديد منها لن تحظى بالموافقة نفسها، بحسب الصحيفة.
الهجرة والحدود
تعهد الرئيس المنتخب ببناء معسكرات اعتقال ضخمة، وتنفيذ عمليات ترحيل جماعي على نطاق غير مسبوق، وتوظيف آلاف من ضباط الحدود، وتوجيه الإنفاق العسكري نحو أمن الحدود، واستدعاء قانون الأعداء الأجانب لعام 1798 لطرد المشتبه بهم في عصابات المخدرات والعصابات الإجرامية دون جلسة استماع في المحكمة.
وقال ترامب أيضًا إنه سينهي سياسة "القبض والإفراج" -إطلاق سراح المهاجرين في مجتمع أمريكي أثناء انتظارهم جلسات محكمة الهجرة الخاصة بهم- واستعادة سياسة "البقاء في المكسيك"، وهي سياسة من ولايته الأولى، كانت تتطلب من طالبي اللجوء الانتظار في المكسيك أثناء معالجة قضاياهم.
ورغم الطبيعة "العدوانية والشاملة" لهذه المقترحات السياسية، إلا أن هناك موضوعًا مشتركًا آخر بين هذه المقترحات، وهو أنها "تفتقر إلى التفاصيل"، بحسب التقرير.
تعريفات الجمارك
وقال ترامب إن كلمة "التعريفات" (إشارة إلى التعريفات الجمركية) هي كلمته المفضلة في القاموس. ومن المرجح أن يحاول التحرك بسرعة بشأن القيود التجارية الجديدة التي وعد بها خلال الحملة.
وأضاف الرئيس المنتخب إنه سيفرض تعريفات جمركية تتراوح بين 10 و20% على جميع واردات السلع الأمريكية التي تبلغ قيمتها 3 تريليونات دولار، وتعريفات جمركية بنسبة 60% على جميع السلع الصينية.
ومن شأن هذا الاقتراح أن يوسع بشكل كبير الرسوم الجمركية التي فرضها خلال ولايته الأولى على عشرات المليارات من الدولارات من الصلب والألومنيوم وأكثر من 300 مليار دولار من السلع الصينية، وفقًا لـ"بوليتكيو".
ومن المتوقع أيضًا أن يتخذ ترامب موقفًا عدوانيًا في المراجعة التي تستمر ست سنوات لاتفاقية الولايات المتحدة والمكسيك وكندا، والتي تفاوضت عليها إدارته الأولى لتحل محل اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية.
كما قد يهدد ترامب أيضًا بالرسوم الجمركية للضغط على المكسيك بشأن الهجرة، كما فعل في عام 2019 باستخدام قانون الاقتصاد الاقتصادي الدولي في حالات الطوارئ.
البؤر المشتعلة
قال ترامب إنه يريد من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن ينهي العدوان على غزة بحلول يناير إذا فاز بالرئاسة. وعلى نحو مماثل، أصر على ضرورة إنهاء الحرب في أوكرانيا، رغم أنه لم يقدم أي مسار لكيفية وقف الأعمال العدائية بين كييف وموسكو.
وتختلف آراء ترامب بشأن غزة والضفة الغربية بشكل كبير عن آراء إدارة بايدن؛ حيث دفع ترامب سابقًا بخطة من شأنها أن تسمح لإسرائيل باكتساب سيطرة أكبر على الفلسطينيين.
أيضًا، كان صهر ترامب جاريد كوشنر مشاركًا بشكل كبير في سياسة ترامب في الشرق الأوسط في ظل الإدارة الأخيرة، حيث ساعد في صياغة خطط لإسرائيل والفلسطينيين وتوسط في "اتفاقيات إبراهيم". لكن لم يُظهر كوشنر أي علامات على أنه سيشارك بنشاط في الإدارة الثانية، على الأقل ليس علنًا.
وفي حين لم تكن العلاقة بين ترامب ونتنياهو على أفضل ما يرام، فمن المرجح أن أي سياسة ينفذها ترامب للتعامل مع طهران ووكلائها ستشمل زيادة كبيرة في الدعم لإسرائيل.
ومن المرجح أن يؤثر موقف ترامب تجاه إيران على كيفية تعامله مع الحروب في غزة ولبنان، فضلًا عن سياسته الأوسع نطاقاً في الشرق الأوسط.
وعلى غرار تعليقاته بشأن الشرق الأوسط، قال ترامب إنه سيكون قادرًا على التوصل بسرعة إلى اتفاق سلام في الحرب بين أوكرانيا وروسيا، وقال خلال الحملة الانتخابية إنه سيبدأ المحادثات قبل توليه منصبه. لكن عندما سُئل عما إذا كان يريد أن تفوز أوكرانيا بالحرب، لم يجب. وألقى باللوم على الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
أما الجزء الأصعب بالنسبة لترامب، فهو كيفية إدارة موقف أمريكي عدواني تجاه الصين دون استفزاز بكين.
الصحة والإجهاض
إذا كان ترامب صادقا في كلامه، فهو على وشك قلب السياسة الصحية الأمريكية رأسًا على عقب. بعد أن وعد بالسماح لروبرت كينيدي الابن -المتشكك في لقاحات كوفيد- بـ "التصرف بجنون" فيما يتعلق بالصحة في إدارته، حسب التقرير.
وتشير "بوليتيكو" إلى أن الدور الرئيسي الذي يلعبه كينيدي في مجال الصحة "من شأنه أن يحول أجندة الجمهوريين بعيدًا عن المناقشات السياسية حول التشريع والتنظيم نحو أجندة أكثر جوهرية حول دور الحكومة في الطب".
وفيما يتصل بالإجهاض، حاول ترامب أن ينأى بنفسه عن دوره في تعيين ثلاثة من قضاة المحكمة العليا الذين أبطلوا قضية "رو ضد وايد". ولم ينكر أنه سيسعى إلى إصدار تشريع فيدرالي لحظر الإجهاض أو تقييده، بل قال أيضاً إنه سيستخدم حق النقض ضد أي حظر يصل إلى مكتبه.
ومع ذلك، لن يتحرك ترامب لتقنين حماية الإجهاض بموجب قضية "رو" أو يسعى بطريقة أخرى إلى جعل الإجراء أكثر سهولة في الولايات التي قيدته.
الضرائب
سار ترامب بسهولة خلال حملته الانتخابية دون أن يكون لديه خطة واضحة لمعركته في العام المقبل بشأن الضرائب، ولكنه سوف يضطر قريبا إلى مواجهة الواقع.
من المقرر أن تنتهي التخفيضات الضريبية بقيمة 4.6 تريليون دولار من فترة ترامب الأولى في نهاية عام 2025. وتعهد ترامب بجعل هذه التخفيضات الضريبية دائمة، بينما اقترح في الوقت نفسه تخفيضات جديدة واسعة النطاق، من إنهاء الضرائب على الإكراميات إلى السماح بخصم فوائد قروض السيارات.
وسوف يتعين على الكونجرس أن يقرر أي من مقترحاته قابلة للتنفيذ، والتي تؤثر في الأغلب على دافعي الضرائب من الأفراد، وسوف ترتفع الضرائب المفروضة على الجميع تقريبا إذا سُمح بانقضاء هذه الإعفاءات في نهاية العام المقبل.
وسوف يتعين على المشرعين تحديد المبلغ الإجمالي الذي يعتزمون إنفاقه على مشروع قانون الضرائب. بينما هم منقسمون بشدة بشأن ما ينبغي القيام به بشأن العجز الحكومي البالغ تريليوني دولار. بينما يريد ترامب تمويل تخفيضات ضريبة الدخل من خلال زيادة التعريفات الجمركية.