تشهد منطقة الشرق الأوسط تصعيدًا غير مسبوق في التوترات بين إيران وإسرائيل، إذ يتعاظم الخطر من اندلاع مواجهة عسكرية مباشرة، وفي قلب هذا الصراع، أصدر المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، توجيهات لمجلس الأمن القومي الإيراني بالاستعداد لهجوم محتمل ضد إسرائيل.
تأتي هذه التطورات في ظل التقارير التي تبرز الأضرار التي لحقت بالقدرات العسكرية الإيرانية، نتيجة للهجمات الإسرائيلية الأخيرة، وفي هذا التقرير، نستعرض التفاصيل الدقيقة لهذه الأحداث، مبرزين الآثار المحتملة للتصعيد العسكري.
قرار المرشد الأعلى
أفادت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، استنادًا إلى ثلاثة مصادر إيرانية مطلعة، بأن خامنئي اتخذ قراره بعد مراجعة تقرير شامل من القادة العسكريين حول الأضرار الناجمة عن الهجوم الإسرائيلي.
وشمل الهجوم الإسرائيلي على إيران تدمير قدرات إنتاج الصواريخ الإيرانية، وأنظمة الدفاع الجوي، والبنية التحتية للطاقة، بما في ذلك أحد الموانئ الحيوية في جنوب إيران، وأكد "خامنئي" أن حجم الهجوم وعدد الضحايا الذي بلغ أربعة جنود على الأقل يجعل من الضروري الرد، معتبرًا أن عدم الرد سيكون بمثابة اعتراف بالهزيمة.
تحضيرات عسكرية وتوقعات الرد
أشار المسؤولون الإيرانيون إلى أن القادة العسكريين يعملون على إعداد قائمة بعشرات الأهداف العسكرية داخل إسرائيل، ولكن من المحتمل أن يتم تنفيذ الهجمات بعد الانتخابات الأمريكية، خوفًا من أن تساهم أي توترات جديدة في تعزيز موقف الرئيس السابق دونالد ترامب.
وفي الوقت نفسه، يرى المسؤولون الإسرائيليون أنه لا توجد حتى الآن أي إشارات على استعدادات إيرانية جادة للهجوم، مشيرين إلى أنه تم تدمير نظام الدفاع S-300 الإيراني بشكل كامل.
تهديدات ووعود بالرد
خلال حفل تأبين أحد قادة حزب الله، صرح رئيس مكتب المرشد الإيراني، محمد محمدي جولفاجاني، بأن إيران سترد بشكل قاسٍ على الهجمات الإسرائيلية.
وذكر قائد الحرس الثوري، حسين سلامي، أن إسرائيل أخطأت في تقدير قوتها، وأن رد إيران سيكون غير متوقع، وفي ظل هذه التصريحات، نقلت شبكة "سي إن إن" الأمريكية، أمس، عن "مصدر رفيع" مطلع على المحادثات الإيرانية ، قوله: "سيكون هناك رد حاسم ومؤلم على الهجمات الإسرائيلية الأخيرة على إيران، ربما حتى قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية".
في الأيام الأولى بعد الهجوم الذي وقع في إيران ليل الجمعة -السبت، حاولت إيران التقليل من الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية العسكرية للبلاد وتقزيمها، بل إنهم زعموا في طهران أن تصريحات الجيش الإسرائيلي بعد الهجوم والتي تفيد بأنه نجح وتحققت أهدافه تشكل "حربًا نفسية".
سياق انتخابي وتوترات إقليمية
تأتي هذه التوترات في فترة حساسة إذ تقترب الانتخابات الأمريكية، ما يضيف طبقة أخرى من التعقيد للعلاقات الإيرانية الإسرائيلية. وفي وقت سابق، أكد مصدر رفيع من إيران أن رد الجمهورية الإسلامية سيكون حاسمًا ومؤلمًا، وقد يحدث حتى قبل الانتخابات الأمريكية. وعلى الرغم من محاولات إيران لتقليل حجم الأضرار التي لحقت بها، إلا أن التصريحات الرسمية تشير إلى نية قوية للرد.
على أية حال، القرار النهائي سيتخذه المرشد الأعلى علي خامنئي، على خلفية أنه يفضل أيضاً تجنب حرب شاملة، وقبل أيام أصدر خامنئي نفسه بيانًا غير ملزم بشأن الانتقام، قال فيه إن "إسرائيل أخطأت في حساباتها وعليها أن تتفهم إرادة الشعب الإيراني.. لا ينبغي المبالغة في خطوة إسرائيل، ولا ينبغي الاستهانة بها".
تظل الأوضاع في الشرق الأوسط تحت مجهر المراقبة، حيث تتداخل التحديات العسكرية مع الحسابات السياسية، وفي الوقت الذي تتصاعد فيه الخطابات العدائية، يبقى السؤال قائمًا: هل ستقوم إيران بتنفيذ تهديداتها أم ستختار الاستمرار في سياستها المتمثلة في الانتقام المتأني؟ في نهاية المطاف، قد تحدد القرارات المقبلة مسار الأحداث في المنطقة لسنوات قادمة.