الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

تحديات العدالة الفرنسية.. بين نقص التمويل والموارد البشرية

  • مشاركة :
post-title
وزارة العدل الفرنسية

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

كشف تقرير حديث صادر عن المجلس الأوروبي، أن النظام القضائي الفرنسي يعاني من نقص حاد في التمويل والموارد البشرية، مُقارنة بمعظم الدول الأوروبية الأخرى، ووفقًا لصحيفة "ليبراسيون" الفرنسية، يشير تقرير اللجنة الأوروبية لكفاءة العدالة لعام 2024 إلى أن فرنسا تنفق أقل على نظامها القضائي وتعاني من نقص في عدد القضاة والمدعين العامين والموظفين المساعدين مقارنة بالمتوسط الأوروبي، ما يثير تساؤلات جدية حول قدرة النظام القضائي الفرنسي على تلبية احتياجات المواطنين وضمان العدالة بشكل فعّال.

ميزانية متواضعة للعدالة الفرنسية

وفقًا لتقرير اللجنة الأوروبية لكفاءة العدالة لعام 2024، والذي نقلت عنه صحيفة "ليبراسيون" الفرنسية، فإن فرنسا تنفق على نظامها القضائي أقل من العديد من جيرانها الأوروبيين.

فعلى الرغم من أن الإنفاق الفرنسي على العدالة يبلغ 77.20 يورو للفرد، وهو ما يزيد قليلًا عن المتوسط الأوروبي البالغ 74.80 يورو، إلا أن هذا الفارق آخذ في التقلص مع مرور الوقت.

والأكثر إثارة للقلق هو أن نسبة الإنفاق على العدالة من الناتج المحلي الإجمالي في فرنسا تبلغ 0.20% فقط، مقارنة بمتوسط أوروبي يبلغ 0.28%. هذا الوضع لم يتغير منذ عشر سنوات، مما يشير إلى استمرار تهميش قطاع العدالة في الميزانية الفرنسية.

نقص حاد في عدد القضاة والمدعين العامين

يكشف التقرير أيضًا عن نقص كبير في الموارد البشرية للنظام القضائي الفرنسي، ففي عام 2022، كان هناك 11.3 قاضٍ لكل 100,000 نسمة في فرنسا، وهو رقم أقل بكثير من المتوسط الأوروبي البالغ 17.6 قاضٍ.

أما فيما يتعلق بالمدعين العامين، فالوضع أكثر سوءًا، إذ تحتل فرنسا المرتبة قبل الأخيرة بين الدول الأوروبية بـ 3.2 مدعٍ عام فقط لكل 100,000 نسمة، مقارنة بمتوسط أوروبي يبلغ 11.2.

عبء عمل هائل على المدعين العامين

نتيجة لهذا النقص الحاد في عدد المدعين العامين، يواجه هؤلاء في فرنسا عبء عمل هائل، إذ أشارت صحيفة "ليبراسيون" إلى أن كل مدعٍ عام فرنسي يتعامل مع حوالي 2027 قضية سنويًا، وهو ما يعادل عشرة أضعاف المتوسط الأوروبي البالغ 204 قضية فقط.

هذا العبء الهائل يثير تساؤلات جدية حول قدرة المدعين العامين على التعامل مع القضايا بالدقة والعناية اللازمتين، مما قد يؤثر سلبًا على جودة العدالة المقدمة للمواطنين.

نقص في الموظفين المساعدين والمحامين

لا يقتصر النقص على القضاة والمدعين العامين فحسب، بل يمتد ليشمل الموظفين المساعدين والمحامين أيضًا، فوفقًا للصحيفة، تعاني فرنسا من نقص حاد في عدد الموظفين غير المدعين العامين الذين يساعدون في عمل النيابة العامة، حيث يوجد 0.6 موظف فقط لكل 100,000 نسمة، مقارنة بمتوسط أوروبي يبلغ 14.7.

كما أن عدد المحامين في فرنسا أقل من المتوسط الأوروبي، حيث يوجد 106.6 محامٍ لكل 100,000 نسمة، مقارنة بمتوسط أوروبي يبلغ 155.5.

ردود فعل وزارة العدل الفرنسية

في أعقاب نشر تقرير اللجنة الأوروبية لكفاءة العدالة، أصدرت وزارة العدل الفرنسية بيانًا صحفيًا أكدت فيه على أهمية هذه البيانات في إثراء النقاش العام حول مستقبل النظام القضائي.

وشددت الوزارة على ضرورة مواصلة الجهود لتحسين وضع القضاء الفرنسي، مشيرة إلى أنها تعمل بالفعل على عدة محاور رئيسية.

وتشمل هذه المحاور تعزيز مكتب المدعي العام، ومواصلة بناء فرق عمل متكاملة حول القضاة، بالإضافة إلى تسريع عمليات تمويل ونشر واستخدام الأدوات الرقمية في المنظومة القضائية.

وأكدت الوزارة أن هذه الخطوات تأتي في إطار استراتيجية شاملة تهدف إلى رفع كفاءة النظام القضائي الفرنسي وتقليص الفجوة مع نظرائه الأوروبيين، مع التركيز على تحسين جودة الخدمات القضائية المقدمة للمواطنين.

تحديات مستقبلية وتهديد باستقالة وزير العدل

اشير الصحيفة إلى ان هذا التقرير يأتي في وقت حساس، إذ تواجه وزارة العدل الفرنسية تحديات كبيرة في ميزانية عام 2025.

وقد حذر وزير العدل الفرنسي، ديدييه ميجو، من أن الميزانية المقترحة للعام المقبل "غير مُرضية"، مهددا في بداية الأسبوع بالاستقالة إذا تم تخفيض ميزانية وزارته بمقدار 500 مليون يورو في عام 2025، ما يسلط الضوء على حجم الأزمة التي يواجهها النظام القضائي الفرنسي وعلى الحاجة الملحة لزيادة الاستثمار في هذا القطاع الحيوي.