يجد رئيس الوزراء الفرنسي الجديد ميشيل بارنييه نفسه أمام معضلة غير مسبوقة، فللمرة الأولى منذ عقود، تواجه الحكومة صعوبات جمّة في تمرير مشروعات قوانينها عبر برلمان لا تملك فيه أغلبية مريحة، ما يدفع بارنييه إلى تبني استراتيجيات جديدة وغير تقليدية في إدارة دفة الحكم وتنفيذ برنامجه الإصلاحي.
وكشفت مصادر مطلعة في مكتب رئيس الوزراء الفرنسي لصحيفة "بوليتيكو" عن الصعوبات التي تواجه الحكومة الجديدة في تمرير مشروعات القوانين، إذ إن بارنييه لا يتمتع بأغلبية في الجمعية الوطنية، ما يجعل عملية سنّ التشريعات أكثر تعقيدًا من المعتاد.
وقال أحد مستشاري مكتب رئيس الوزراء: "لا يمكننا اعتبار النواب مجرد أدوات طيّعة ونقول لهم (اصمت وافعل هذا)، وهو ما كان معيارًا شائعًا في ظل الجمهورية الخامسة"، ما يعكس التحدي الكبير الذي يواجهه بارنييه في إدارة العلاقة مع البرلمان.
استراتيجية التأني والحذر
في مواجهة هذه التحديات، يتبنى بارنييه استراتيجية حذرة، فبدلًا من الإسراع في طرح مشروعات قوانين جديدة، يركز على تطبيق القوانين الحالية بشكل أفضل.
وقال أحد مستشاريه لـ"بوليتيكو" قائلًا: "سنبدأ بتطبيق القوانين الحالية أولًا".
هذا النهج الحذر يمتد حتى إلى القضايا الرئيسية مثل الهجرة، فعلى الرغم من الإعلان عن نص مستقبلي حول الهجرة في بداية عام 2025، لم يتم الحسم بعد في شكل هذا النص، سواءً كان مشروع قانون حكومي أو اقتراح قانون من البرلمانيين.
المبادرات البرلمانية
في ظل هذه الظروف، يبدو أن الحكومة تميل إلى تشجيع المبادرات التشريعية من البرلمانيين أنفسهم، فالاقتراحات القانونية التي يتقدم بها النواب تكون عادة أقصر وأقل إثارة للجدل من مشروعات القوانين الحكومية.
وأشار "بارنييه" إلى هذا التوجه في خطابه السياسي العام في الأول من أكتوبر، إذ قال: "سأطلب من حكومتي الاعتماد بشكل أكبر على العمل البرلماني.. أرغب في أن يكون هناك عدد أقل من النصوص وأن يكون هناك المزيد من الوقت لمناقشتها".
أفكار في الأفق
على الرغم من هذه التحديات، لا تزال هناك العديد من الأفكار الإصلاحية التي تلوح في الأفق، إذ أشار بارنييه في خطابه إلى إمكانية طرح قانون خاص بالممرضات والممرضين، وإصلاحات في السياسة الجنائية، وإجراءات لتأمين بطاقات التأمين الصحي.
كما تحدث عن إمكانية إدخال نظام التمثيل النسبي في الانتخابات التشريعية، وإنشاء دفتر توفير جديد مخصص للصناعة.
ومع ذلك، يبقى السؤال مفتوحًا حول ما إذا كانت هذه المبادرات ستتخذ شكل مشروعات قوانين حكومية أم اقتراحات برلمانية.