في خضم الأزمة السياسية التي تشهدها فرنسا، يُواجه تحالف اليسار المعروف باسم "الجبهة الشعبية الجديدة" تحديات داخلية كبيرة، تهدد وحدته ومستقبله السياسي، في هذا السياق تسلط صحيفة "لوموند"، الضوء على الصراعات والخلافات التي تعصف بهذا التحالف اليساري؛ مما يثير تساؤلات حول قدرته على تشكيل بديل حقيقي للحكومة الحالية.
الخلافات تعيق اختيار مرشح لرئاسة الوزراء
كشفت "لوموند" عن استمرار الخلافات بين مكونات الجبهة الشعبية الجديدة حول اختيار مرشح موحد لمنصب رئيس الوزراء، فبعد أسابيع من المفاوضات، لا يزال التحالف عاجزًا عن التوصل إلى توافق حول شخصية تحظى بقبول جميع الأطراف.
وأشارت الصحيفة إلى أن حزب "فرنسا الأبية"، بزعامة جان لوك ميلانشون يرفض ترشيح لورانس توبيانا، الخبيرة الاقتصادية والدبلوماسية المناخية، التي تحظى بدعم الحزب الاشتراكي والخضر والشيوعيين، معتبرًا إياها "معتدلة للغاية" و"متوافقة مع سياسات ماكرون".
محاولات لإنقاذ الوحدة
وفقًا لـ"لوموند"، عقد ممثلو الأحزاب الأربعة المكونة للجبهة الشعبية الجديدة اجتماعًا طارئًا يوم السبت، في محاولة لإنقاذ وحدة التحالف.
وخلال الاجتماع، تم طرح أسماء جديدة كمرشحين محتملين لرئاسة الوزراء، من بينهم أندريه شاسين، زعيم الكتلة البرلمانية للحزب الشيوعي، وسيسيل دوفلو، الوزيرة السابقة عن حزب الخضر، وبنوا آمون، المرشح السابق للانتخابات الرئاسية.
وأكدت مارين توندولييه، الأمينة الوطنية لحزب الخضر، ضرورة التوصل إلى اتفاق سريع، قائلة: "نريد اسمًا، وبسرعة لنضع الضغط على إيمانويل ماكرون".
صراع النفوذ يهدد مستقبل التحالف
تشير الصحيفة الفرنسية إلى أن الصراع على النفوذ بين الحزب الاشتراكي و"فرنسا الأبية" لا يزال قائمًا، حيث يسعى كل طرف لضمان عدم تهديد مكانته في السباق الرئاسي لعام 2027.
وفي هذا الصدد وصف لوران بوميل، النائب الاشتراكي، الوضع قائلًا: "حكومة الجبهة الشعبية الجديدة لا تزال ممكنة، بشرط قبول فكرة أن الجميع لن يكون لديهم نفس الرؤية المتجانسة. إنها مسألة أساسية، وهي هل نقبل فكرة تغيير النظام أم لا؟ سيتعين علينا التعود على نظام برلماني أكثر مع حكومات ائتلافية".
انتقادات داخلية وتشكيك في نوايا ميلانشون
كشفت الصحيفة الفرنسية عن وجود انتقادات داخل الحزب الاشتراكي لنهج جان لوك ميلانشون، إذ اتهم بعض أعضاء الحزب زعيم "فرنسا الأبية" بعدم الرغبة الحقيقية في الحكم، وإنما السعي لإحداث أزمة نظام لإجبار ماكرون على الاستقالة.
كما أشارت "لوموند" إلى أن بعض الاشتراكيين يعتقدون أن ميلانشون يطمح للوصول إلى الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية لمواجهة مارين لوبان.
مستقبل غامض للتحالف اليساري
ونقلت "لوموند" تصريحات للنائب فرانسوا روفان، الذي وصف أداء اليسار خلال الأسبوعين الماضيين بأنه "تفاهة"، متهمًا قادة التحالف بعدم الرغبة الحقيقية في الحكم، ما يعكس حالة الإحباط المتزايدة داخل صفوف اليسار الفرنسي، وتثير تساؤلات جدية حول قدرة الجبهة الشعبية الجديدة على تجاوز خلافاتها وتقديم نفسها كبديل حقيقي للحكومة الحالية.