في تطور مثير للجدل على الساحة السياسية الفرنسية، نجح الرئيس إيمانويل ماكرون وحلفاؤه في تحقيق نصر غير متوقع داخل البرلمان، رغم خسارتهم في الانتخابات التشريعية الأخيرة، ما أثار تساؤلات حول مستقبل الحكومة الفرنسية وقدرة ماكرون على تشكيل ائتلاف حاكم.
نصر مفاجئ
كشفت "بوليتيكو" أن حلفاء الرئيس ماكرون في البرلمان نجحوا في تحقيق نصر مفاجئ، الخميس الماضي، إذ تمكنوا من التحالف مع نواب من مجموعة اليمين الجمهوري لإعادة انتخاب رئيسة الجمعية الوطنية الفرنسية يائيل براون بيفيه، وهو رابع أعلى منصب في البلاد.
وأوضحت الصحيفة أن هذا الفوز أثار آمالًا في معسكر ماكرون بأن حزبه قد يتمكن من لعب دور "صانع الملوك"، بل وحتى قيادة الحكومة الفرنسية المقبلة، رغم خسارته أمام ائتلاف يساري في الانتخابات التشريعية التي جرت في وقت سابق من هذا الصيف.
انتقادات حادة
ونقلت بوليتيكو عن النائبة آني جينيفارد من اليمين الجمهوري، قولها في مقابلة مع إذاعة "أوروبا 1"، اليوم الجمعة: "لم نكن لننتخب شيوعيًا لرئاسة الجمعية الوطنية".
وأضافت موضحة سبب تصويتهم لصالح حليفة ماكرون "براون-بيفيه" بدلًا من المرشح الشيوعي أندريه شاسين: "لقد انتُخبنا كمعارضين لإيمانويل ماكرون، ضمن يمين مستقل، هذا الأمر غير مرتبط".
يعكس تصريح جينيفارد، تعقيدات المشهد السياسي الفرنسي الراهن، فمن جهة، يؤكد رفضها القاطع لانتخاب مرشح شيوعي لرئاسة الجمعية الوطنية على الموقف التقليدي لليمين الفرنسي في عدم التعاون مع الأحزاب اليسارية المتطرفة، ومن جهة أخرى، فإن تأكيدها على أن حزبها انتُخب كمعارض لماكرون وأنهم ينتمون إلى "يمين مستقل"، يوضح رغبتهم في الحفاظ على هويتهم السياسية المستقلة.
ويعكس ذلك محاولة اليمين القومي للموازنة بين رفض سياسات ماكرون من جهة، وعدم الانجرار إلى تحالف مع اليسار المتطرف من جهة أخرى.
كما يشير تصريحها إلى إمكانية حدوث تعاون محدود مع حزب ماكرون في قضايا معينة، دون الانضمام رسميًا إلى ائتلاف حاكم.
وفي المقابل، وصفت أحزاب أخرى في الجمعية الوطنية إعادة انتخاب براون-بيفيه بأنه استيلاء غير ديمقراطي على السلطة، خاصة بعد فوز الجبهة الشعبية الجديدة، وهو ائتلاف يساري واسع، بالمركز الأول في الانتخابات التشريعية.
جدل دستوري
وأشارت "بوليتيكو" إلى نقطة مثيرة للجدل أخرى، تمثلت في مشاركة أعضاء الحكومة في انتخاب براون-بيفيه، فعلى الرغم من أن الوزراء عادة لا يُسمح لهم بالتصويت في الجمعية الوطنية، إلا أن 17 عضوًا من الحكومة المنتهية ولايتها شاركوا في التصويت، مما أدى إلى فوز براون-بيفيه على شاسين بفارق 14 صوتًا فقط.
ونقل التقرير عن نائبة حزب الخضر ساندرين روسو، قولها لقناة "تي إف "1 الفرنسية، اليوم: "نرى كيف يقوم ماكرون بإحكام قبضته على السلطة"، مضيفة أن التحالف اليساري يدرس اتخاذ إجراءات قانونية بشأن مشاركة الوزراء في التصويت.
وأشار التقرير إلى أن الخبراء منقسمون حول ما إذا كان تصويت الوزراء دستوريًا أم لا.
تحديات تشكيل الحكومة
وختمت "بوليتيكو" تقريرها بالإشارة إلى أن المراقبين للشأن السياسي الفرنسي لا يتوقعون تشكيل حكومة في المستقبل القريب.
ونقلت عن أرمين شتاينباج، أستاذ قانون الاتحاد الأوروبي والاقتصاد في كلية الدراسات العليا التجارية في باريس، قوله: "تستمر أوروبا في العيش مع فرنسا معلقة في الهواء".
وفي ظل هذه التطورات، يبدو أن الطريق لا يزال طويلًا أمام ماكرون وحلفائه لتشكيل حكومة مستقرة، فالتحديات السياسية والدستورية التي تواجههم كبيرة، ومن غير الواضح ما إذا كان بإمكانهم الحفاظ على التحالف المؤقت مع اليمين الجمهوري وتحويله إلى شراكة حكومية دائمة.