الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

مساع لاستعادة النظام.. هل يخمد "الحل السياسي" نيران كاليدونيا الجديدة؟

  • مشاركة :
post-title
قوات الأمن الفرنسية

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

وسط تصاعد حدة الأزمة السياسية والأمنية المستمرة منذ أسبوع في إقليم كاليدونيا الجديدة التابع لفرنسا، التي أسفرت عن سقوط ضحايا وإصابات من الجانبين، تتعالى الأصوات المنادية بضرورة التهدئة والبحث عن حل سياسي للأزمة بدلًا من الاستمرار في المواجهة العسكرية.

فبينما تكثف فرنسا جهودها الأمنية لاستعادة النظام واستتباب الأمن في الإقليم، حذّر خبراء من مخاطر تفاقم الصراع وانزلاق الأوضاع نحو مزيد من العنف في حال الإصرار على الخيار العسكري على حساب البحث عن تسوية سياسية تلبي مطالب السكان الأصليين "الكاناك"

إصابات المدينيين والشرطة

أشارت صحيفة "لوفيجارو" الفرنسية إلى أن وزارة الداخلية الفرنسية أعلنت عن إصابة "عشرات" من رجال الشرطة والقوات الخاصة المنتشرة في الإقليم منذ بداية الاضطرابات في 13 مايو الماضي، إذ صرحت المتحدثة باسم الوزارة كاميل شايز أن من بين هؤلاء المصابين "عددًا قليلًا جدًا" فقط أصيبوا بأسلحة نارية، لكنها وصفت الوضع بأنه "متوتر للغاية".

ولقي جنديان من قوات الأمن الفرنسية حتفهما جراء الاشتباكات، حيث تم نقل رفاتهما إلى فرنسا هذا الصباح وتكريمهما بعد وفاتهما بميدالية الأمن الداخلي الذهبية، كما قُتل 4 مدنيين أيضًا في الأحداث المأساوية، فيما تم رفع تعداد القوات المنتشرة في الأرخبيل إلى 2700 عنصر.

ووفقًا لصحيفة "لوموند" الفرنسية، أفادت بعثة الأمم المتحدة، اليوم الاثنين، باعتقال 29 شخصًا آخرين على يد الشرطة والدرك في عمليات أمنية مكثفة، وهنأ المفوض السامي الفرنسي لويس لو فرانك قوات الأمن على عملها الذي مكنها من بدء تأمين بعض أحياء العاصمة نوميا وتنفيذ عمليات ردع في مناطق أخرى من الإقليم.

محاولة فتح الطريق المؤدي للمطار
الحل السياسي

لكن رغم هذه الجهود الأمنية المكثفة، لا تزال أصوات عديدة تنادي بضرورة التهدئة وإيجاد حل سياسي للأزمة بدلًا من الاستمرار في خيار المواجهة العسكرية، ففي نوميا تطالب العمدة سونيا لاجارد، المؤيدة للرئيس ماكرون في 2017، بفتح حوار وطني وتعليق الإصلاح الدستوري المثير للجدل كشرطين أساسيين لعودة الهدوء إلى شوارع المدينة المدمرة بعد أسبوع من الاحتجاجات العنيفة.

وتحذر "لاجارد" من "اللجوء للقوة" عبر عقد مؤتمر فرساي لإقرار الإصلاح رغم رفض الكاناك، بعد أن هدد ماكرون بهذا الإجراء إذا لم يتم التوصل لاتفاق بين الانفصاليين والموالين لفرنسا.

كما انضمت أستراليا إلى المطالبين بـ"ضبط النفس" واصفة الوضع بـ"المثير للقلق حقًا"، داعية جميع الأطراف للتهدئة قبل فوات الأوان ودخول الأرخبيل في نفق لا نهاية له من الصراع المسلح.

اجتاحت الاضطرابات الأرخبيل، الواقع شرق أستراليا، بعد تصويت البرلمان الفرنسي لصالح تغيير قواعد الانتخابات المحلية لتسمح للمستوطنين الفرنسيين الذين قضوا 10 سنوات في الجزر بالتصويت، إذ يرى الكاناك، الذين يشكلون 40% من سكان الجزر، أن هذا الإصلاح سيضعف تأثيرهم السياسي ويمهد الطريق لضم الأرخبيل إلى فرنسا بشكل دائم، وهو ما يتناقض مع اتفاقية السلام التي أبرمت عام 1998 ومنحت الجزر حكمًا ذاتيًا محدودًا.

عملية أمنية كبرى

أشارت صحيفة "لو باريزيان" الفرنسية إلى إطلاق فرنسا "عملية كبرى" في إقليم كاليدونيا الجديدة التابع لها في المحيط الهادئ، بهدف استعادة السيطرة على الطريق الرئيسي الذي يربط المطار الرئيسي بالعاصمة نوميا، وسط أعمال شغب واسعة النطاق اندلعت احتجاجات على إصلاح دستوري مثير للجدل منذ أسبوع.

أوضحت الصحيفة أن العملية تضمنت نشر أكثر من 600 من رجال الشرطة، بمن فيهم مئة ضابط من وحدة النخبة لمكافحة الإرهاب، لإزالة الحواجز التي أقامها المتظاهرون على طول الطريق الإقليمي رقم 1 البالغ طوله 60 كيلومترًا.

بينما أشارت صحيفة "لوفيجارو" إلى أن الاحتجاجات اندلعت، الاثنين الماضي، بقيادة حركة "الخلية المنسقة للعمل الميداني" المناهضة للإصلاح الدستوري، حيث لجأ المتظاهرون إلى تكتيكات حرب العصابات من قطع للطرق وإقامة الحواجز.

مخاوف الكاناك وتحذيرات السلطة

يحتج نشطاء الكاناك على الإصلاح الذي يعتبرونه انتهاكًا لاتفاق نوميا، الذي قَصَرَ حقوق التصويت على السكان المحليين الذين كانوا يقيمون في الجزر قبل 1998، في محاولة لمنح الكاناك صوتًا أقوى في تقرير مستقبلهم السياسي.

في محاولة لاستعادة النظام، حذّر المفوض السامي الفرنسي لويس لو فرانك المتمردين بأنهم "سيخاطرون بالأسوأ" إذا لم يتراجعوا، مؤكدًا أن "النظام الجمهوري سيتم إعادة إرسائه مهما كان الثمن".

وكتب وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان على منصة "أكس"، أن العملية الأمنية "ناجحة" إلى حد كبير حيث تم تفكيك أكثر من 76 حاجزًا واعتقال 200 شخص، لكن الطريق السريع لا يزال مغلقًا في انتظار إزالة الأنقاض، وهو أمر قد يستغرق عدة أيام.

ضغوط أخرى

وفقًا لصحيفة "لوموند"، تلقت باريس ضغوطًا من رؤساء أربعة أقاليم فرنسية أخرى في الخارج، "لا ريونيون والمارتينيك وجوادلوب وجيانا الفرنسية"، للتراجع عن الإصلاح الدستوري، حيث حذروا من مخاطر "اندلاع حرب أهلية" إذا لم يتم إيجاد حل سياسي للأزمة.

تشكل الأحداث الجارية تحديًا كبيرًا لفرنسا التي حاولت عبر اتفاقية نوميا طي صفحة الصراع القديم مع السكان الأصليين، لكن الشرخ يبدو مستمرًا في ظل مخاوف الكاناك من تآكل حقوقهم.