في خُطوة جريئة نحو حل النزاع طويل الأمد بشأن وضع كورسيكا، أعلن وزير الداخلية الفرنسي، جيرالد دارمانان، اليوم الثلاثاء، عن التوصل إلى اتفاق تاريخي مع ممثلي الجزيرة، ينص على منحها حكمًا ذاتيًا واسعًا ضمن الجمهورية الفرنسية.
وبحسب ما أشارت صحيفة "لو فيجارو" الفرنسية، جاء هذا الإعلان بعد جولة مفاوضات شاقة استمرت لنحو 5 ساعات في وزارة الداخلية، حيث تمت صياغة "كتابة دستورية" تضع حجر الأساس لمرحلة جديدة في العلاقات بين باريس وكورسيكا التي طالبت لعقود بحكم ذاتي أوسع داخل فرنسا.
مشروع الاتفاق
ووفقًا للوزير، فقد حظي مشروع الاتفاق بـ "توافق واسع" من قبل ممثلي كورسيكا الذين وافقوا على "الاعتراف بوضع الحكم الذاتي للجزيرة داخل الجمهورية الفرنسية" الأمر الذي يراعي مصالحها الخاصة كجزيرة متوسطية ذات تاريخ لغوي وثقافي فريد من نوعه ولها ارتباط وثيق بأرضها.
وينص البند الأول من مشروع الاتفاق على أن "هذه الكتابة الدستورية تنص على الاعتراف بوضع الحكم الذاتي لكورسيكا داخل الجمهورية بما يتناسب مع مصالحها الخاصة المرتبطة بكونها جزيرة متوسطية ولمجتمعها التاريخي اللغوي والثقافي الذي طور رابطة فريدة بأرضه".
مخاوف المعارضة
وفي محاولة لتهدئة المخاوف من جانب معارضي منح الجزيرة مزيدًا من الصلاحيات، أكد دارمانان أن هذا النص لا يتضمن أي إشارة إلى وجود "شعب كورسيكي" بل إلى "مجتمع ثقافي" فقط، كما نفى وجود أي نية لإقرار مفهوم "المواطنة الكورسيكية" أو "الإقامة" الخاصة في الجزيرة مشددًا على أن "لا انفصال لكورسيكا عن الجمهورية الفرنسية".
وأضاف "لقد تقدمنا نحو الحكم الذاتي، ولكن ليس هناك انفصال لكورسيكا عن الجمهورية".
إحالة المشروع للجمعية الكورسيكية
بعد استكمال هذه الخطوة المهمة، من المقرر أن تتم إحالة مشروع "الكتابة الدستورية" إلى جمعية كورسيكا التشريعية لإقراره والتصويت عليه، وبمجرد موافقة الجمعية، سيتولى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون البدء بإجراءات تعديل الدستور اللازمة لتطبيق هذا الاتفاق، والتي ستخضع بدورها لموافقة مجلسي البرلمان الفرنسي، ثم للكونجرس (البرلمان والمجالس المحلية) بأغلبية الثلثين.
نهاية النزاع
يُعتبر هذا التطور بمثابة نقطة تحول في النزاع الطويل والمعقد بين الحكومة الفرنسية المركزية والجزيرة المتوسطية التي ناضلت لعقود؛ من أجل الحصول على مزيد من الحكم الذاتي داخل فرنسا، كما يبشر الاتفاق بمرحلة جديدة من العلاقات بين الطرفين بعد سنوات من المفاوضات والجدل والتوترات، فضلًا عن فتح الباب أمام إنهاء أحد أطول النزاعات الإقليمية في البلاد. ومع ذلك، لا يزال الطريق طويلًا حتى الوصول إلى تطبيق كامل لهذا الاتفاق الذي سيواجه على الأرجح معارضة قوية من قبل المحافظين والقوميين الفرنسيين.