لا يزال القتال العنيف مستمرًا في أنحاء أوكرانيا، رغم مرور عامين على اندلاع الحرب، فيما يواصل المدنيون محاولاتهم لمتابعة حياتهم الطبيعية وسط قصف مستمر بالمدفعية والصواريخ على المناطق السكنية، في الوقت الذي ازدادت فيه حدّة القصف وتكرار الهجمات خلال الأشهر القليلة الماضية، ما تسبب في ارتفاع أعداد الضحايا المدنيين وتفاقم معاناة النازحين.
أزمة اللاجئين والضحايا
تشير آخر التقارير الصادرة عن بعثة الأمم المتحدة لمراقبة حقوق الإنسان في أوكرانيا إلى وقوع 30 ألفًا و457 حالة بين الضحايا المدنيين منذ اندلاع الصراع في 24 فبراير 2022، وتشمل هذه الأرقام 10 آلاف و582 قتيلًا و19 ألفًا و875 جريحًا.
كما تسبّبت الحرب في واحدة من أسرع حركات النزوح الجماعي منذ الحرب العالمية الثانية، إذ اضطر ملايين الأوكرانيين للفرار من ديارهم، وبلغ عدد النازحين داخليًا في أوكرانيا 6 ملايين، في حين فرّ نحو 8 ملايين آخرين إلى دول الجوار.
أزمات نفسية
تركت الحرب أيضًا آثارًا سلبية على الصحة النفسية للأوكرانيين، إذ يعيش الكثيرون في ظل ضغط نفسي وقلق مستمرين بسبب تهديد القذائف وقصف المدفعية المستمر، ويعاني 30% من السكان من اضطرابات نفسية.
ومن بين القصص المأساوية، يشير برنامج الغذاء العالمي إلى "آنا"، وهي أم عزباء لثلاثة أطفال، تشعر بالقلق كلما دوّت صافرات الإنذار الجوي، فهي خائفة على أولادها أثناء وجودهم في المدرسة، لأنها لا تعرف أين يمكن أن تسقط القذائف.
تقول آنا: "كل ما أريده هو الهدوء"، على الرغم من أنها عاطلة عن العمل، إلا أنها قادرة على توفير احتياجات أولادها بفضل المساعدات النقدية من برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة.
انعدام الأمن الغذائي
وصل عدد الأوكرانيين الذين يواجهون انعدام الأمن الغذائي بحلول مارس 2023 إلى 11 مليون شخص، أي ما يقرب من ثلث السكان. وصعبت عملية الحصول على المواد الغذائية وتحمّل تكاليفها كلما اقترب الناس من خطوط المواجهة.
وزّع برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة منذ بداية الطوارئ في مارس 2022 ما يعادل 2.5 مليار وجبة طعام، شملت مواد غذائية ومساعدات نقدية، وصلت لمتوسط 3 ملايين شخص شهريًا.
دمّر القصف المكثّف البنى التحتية في أوكرانيا، ما تسبّب في انقطاع الكهرباء والمياه والوقود عن أجزاء واسعة من البلاد، كما تضرّر سدّ كاخوفكا في منتصف عام 2023، ما أدّى لنزوح الآلاف وتعرّضهم لنقص حادّ في المياه والغذاء.
الزراعة والاقتصاد
دمر الصراع نحو 6.5-8.5% من الأراضي الزراعية الأوكرانية، إذ تركت الحقول مليئة بالألغام ودُمرت المعدات، وبحسب تقديرات الأمم المتحدة، خفض ربع المزارعين من الأسر صغيرة النطاق أو أوقفوا أعمالهم الزراعية بسبب الحرب.
أثر الصراع سلبًا على اقتصاد أوكرانيا، إذ انكمش بنسبة 30% خلال العام الأول، وفي العام الثاني من الحرب، شهد الاقتصاد نموًا بنسبة 5.5%، لكنه لا يزال يعتمد بشكل كبير على المساعدات الخارجية، وستستغرق عملية إعادة الإعمار عقودًا طويلة.
كانت أوكرانيا وروسيا قبل الحرب تسهمان بنسبة 30% من صادرات القمح العالمية و20% من صادرات الذرة، أدى توقف هذه الصادرات فور اندلاع القتال إلى ارتفاع أسعار السلع الغذائية والوقود والأسمدة عالميًا.